ككل عام، ليل حزين.. يتوّشح بالبكاء على عهده السابق.. لم يفقد شيئا مما كان عليه في ليلة الواقعة الحزينة.. الا اهلها.. لكن استبدلوا بالمعزين بقلبهم الحزين وجرحهم العميق وعيونهم الباكية واهاتهم العميقة.. يندبون سبط الرسول ويبكون بدل الدمع دما.. تتوسط دموعهم ادعيتهم: يا ليتنا كنا معكم، ولعن الله ظالميكم وقاتليكم..
اوقدوا شموعا وزحفوا الى بقعة اصبحت فيها الخيام بلون سواد تلك الليلة الحزينة بعد ان كانت تشع منها انوار ال بيت الرسول.. اللذين استشهدوا في ذلك اليوم العصيب..
لكن من احبوا حسينا ارادوا ان يوقدوا تلك البقعة وينيروها ليواسوا بذلك من بقي من اهل البيت بعد تلك الواقعة.. فزحفوا وقلوبهم حرّى بنار الفقد، وعيونهم كالجمر تدمع من كل جهة، وايديهم احداها لاطمة والاخرى تحمل في يدها شمعة تنير الدرب وموقع الخيام بعد ان امست رمادا..
معظم الشموع كانت متشابهة وبسيطة.. الا شمعة اوقدتها سيدة اتكأت على جدار المخيم تبكي وبريق عينيها كلؤلؤ منثور وفي قلبها غصة تفوق غصة الناس و كأنها تخبأ في نفسها الف سؤال وسؤال... تدمدم بصوت منخفض وتدعوا الله بمصاب الحسين ان يقرّ عينها بطفل وهي تعتذر من مولاها لهذا الطلب في يوم كهذا لكن قلبها كان متشوق وبلهفة لطفل يملأ احضانها..
اقسمت انها تبكي على الحسين ولكنها ترّجت في تلك الاثناء ودعت ربها بأن يمنّ عليها بما فقدته لسنوات حتى يأست من الحصول عليه بعد ان عجز الطب عن علاجها..
اخذت تمسح دموعها الحزينة.. لكن عينها الت الا ان تستبدلها بأخرى وبأسرع وقت..
اخبرتني انها لم تكن تعلم ان لتلك الدموع الصادقة صدى الا بعد فترة بسيطة من تلك الايام عندما اخبرتها الطبيبة انها تحمل بين احشاءها جنينا.. سيولد ليزرع البسمة على شفاه يبست من عطش لقاءه..
تقول: احسست عندما اخبروني بحملي بان تلك الشموع التي اشعلت انارت ظلمة حياتي التي عشتها لسنوات... اخذت احس ببريقها مع كل يوم ينمو جنيني في أحشائي..
وها قد جاء حسين في نفس العام ليغمر قلبي وقلب من حولي بالفرح الدائم... وسأحمله في ليلة العاشر من محرم الى الخيام لنشعل الشمع معا ونواسي ال بيت الرسول بهذا المصاب.. لكني سأحمل معي المئات من الشموع واوزعها لمحبين الحسين واخبرهم بأن يوقدوها ويدعوا كما دعوت... ففي هذه البقعة المباركة هناك سر عظيم تحصل فيه المعجزات كالتي حصلت معي في العام السابق..
بقلب خاشع وبيد ذليلة وبعيون تبكي بأصدق الدمع، ادعوا الله وتضرعوا بحق الحسين وبشفاعة الحسين وبعطش الحسين وبسبي عيال الحسين.... في ليلة الغربة والوحشة... فلن يخيب الله عبدا دعاه.
اضافةتعليق
التعليقات