نطقت الكعبة، فكان الصمت التزاما لها على حين غرة، وليد أضحت له الكواكب سجدا، تقبل آلاء قدومه وهو بيد الكريمة أمه فاطمة بنت الأسد ..
ومن بيت الكعبة، ومرورا بالميقات، تربعت على أعمدة الصلاة، قبلة أخرى وهي ولادة علي سيد الأوصياء.. بيتا امتلأ نورا غرقدا هو شرف الذاكرين..
انبلجت درة الانوار من صلب الحقيقة وامتد عنق الولاية نهرا رويا ليصب في مداخل الانوار .. اثنا عشرا كوثرا ..علي بن ابي طالب ، اشتاق قلبي عند نفحات ذكراه لأنه المعين البارد لقلب عشق الفرقد ولمس اللظى .
في جوى البيت وضياءه ، وروعة الحصن ودواءه ، أغصان تدلت لتحتضن صدور آمنت بولايته واكتملت كلمتها من بيت عصمة الله .
روي عن يزيد بن قعنب أنّه قال: كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير وكانت حاملاً به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق، فقالت: يا ربّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإنّي مصدّقة بكلام جديّ إبراهيم الخليل عليه السلام وإنّه بنى البيت العتيق، فبحقّ الّذي بنى هذا البيت، وبحقّ المولود الّذي في بطني إلاّ ما يسّرت عليَّ ولادتي.
قال يزيد: فرأيت البيت قد انشق عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا وعاد إلى حاله والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله عَزَّ وجَلَّ، ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب . وأسرع البشير إلى أبي طالب وأهل بيته فأقبلوا مسرعين والبِشر يعلو وجوههم، وتقدّم من بينهم محمّد المصطفى فضمّه إلى صدره، وحمله إلى بيت أبي طالب حيث كان الرسول في تلك الفترة يعيش مع خديجة في دار عمه منذ زواجه وانقدح في ذهن أبي طالب أن يسمّي وليده (عليّاً) وهكذا سمّاه، وأقام أبو طالب وليمةً على شرف الوليد المبارك، ونحر الكثير من الأنعام .١
لاتلومني ايها القلم وما حضيت اعتابه من وفود زائر حب الولاية ، يطرق معبر الجنة وبوابة علم رسول الله ، تهناة بقدوم وليد الكعبة ، وسميه العلي الاعلى يد بيد مبايعة للنبي محمد ..
حروفنا عقيمة ، عن ذكر أعظم من خلقه الله بعد النبي محمد ، كيف للعقل أن يدرك معاقل فكره وقد علمه رسول الله الف باب من العلم يفتح منه ألف ألف باب ، إنها المعجزة واختها الكرامة ، ترتل أفواج آيات هي المقصرة حتما في معرفة أسد الله الغالب ، علي بن ابي طالب .
قال رسول الله عليه وعلى آله أفضل الصلوات :
"ياعلي ، لايعرف الله حق معرفته غيرك وغيري، ولايعرفك غير الله وغيري".
عميقة هي الهمسات .. والدمع رفيق الحاجة ، والنبض شهيقه الممتد على مدى الشوق الى حضرته وقد امتد الجمع الغفير لتجديد البيعة وكأنه غدير قد ولد ..
آه ، لعمقي الذي لم يدرك من وليد الكعبة إلى الان سوى فلقة كتاب .. في شخص حيدرة الكرار علم يلد اعلام ، وبحر من آفاق دانت فتدلى من علياء سماحته كل الرحمة والصدق .. وقد تقلد سيف الكرامة ، وتقمصت روحه بطون العلم من نفس النبوة ، وقد آخاه روحا وريحانا.
كان عليا ، والدا ووليدا ، وراعيا فريدا ، تكور العالم بكينونته .. فكان الفلك رهين ولادتك ياعلي،
ف لولاك لما خلق الله الافلاك ، ولما اكتملت الوصية واجتازت كل السابقين واللاحقين .. وانا لمحفل ولادة اليقين لمسرورون.
اللغة في حصن علي بلاغة ، وحروف الوجد قد أدركتها شواهد التوطين ، فكثير من الغد يحتاج الى ربيع من ثقافة أساسه فقه علي ، وعقيدة علي ، ومبدأ علي ،،
ياليتنا نفهم المصداق ، كي نفهم المسالك كيف تستقيم وكيف يخط الكتاب الجمل التي يستند عليها .
إن كان الماضي رابضا على ذاكرة القسم بعلي وآل علي ،، إذن لابد أن نفهم أن حاضرنا لايجرأ على انتقاله إلى مستقبلا واعدا دون بيعة سيد الأوصياء ، لأن البيت المعمور كفيل بأن يحفظ الوليد من آفات الجمود ، بأنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ..
انك الذكر ياعلي ،، وانت قرآنه الناطق ، والسر في شجرة طوبى ، وكلمة موسى وعيسى وكل الانبياء.
الامامان الجعفران عليهما السلام
في قوله تعالى: (فاما من ثقلت موازينه) فهو أمير المؤمنين (فهو في عيشة راضية واما من خفت موازينه) وأنكر ولاية علي " ع " (فأمه هاوية) فهي النار جعلها الله له اما ومأواه، قال الحميري:
وقوله الميزان بالقسط وما * غير علي في غد ميزانه ويل لمن خف لديه وزنه * وفوز من أسعده رجحانه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى (وأما من أوتي كتابه بيمينه) علي بن أبي طالب عليه السلام.٢
كتاب التأويل ، يشهد لك ياعلي ،، وكل حرف من كتاب الله فيه لك خصوصية ممتدة إلى انتهاء آخر آية من آياته .. لعظيم شأنك وجلالة قدرك عند الله ..
فقد كانت العبرة فيه أن خلدت الجنة أنصافا لأهل البيت ولمن والاهم ، وسعرت الجحيم لمن يخذلهم ويظلمهم.. وقد جعل الله امتنانا خاصا لولاية علي منذ أن يلد الإنسان وحتى موته ، فلا أقبالا لوليد الا بذكرك ياعلي ، ولا تسل روحا لمؤمن عند مماته الا بحضورك ياعلي.
عن ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النيران السبع وأمر رضوان أن يزخرف الجنان الثمانية ويقول يا ميكائيل مد الصراط على متن جهنم ويقول يا جبرئيل انصب الميزان تحت العرش وناد يا محمد قرب أمتك للحساب ويأمر الله تعالى أن يعقد على الصراط سبع قناطر طول كل قنطرة سبعة عشر الف فرسخ وعلى كل قنطرة سبعون ألف ملك قيام فيسألون هذه الأمة نساؤهم ورجالهم على القنطرة الأولى عن ولاية علي بن أبي طالب وحب آل محمد عليهم السلام فمن أتى به جاز القنطرة الأولى كالبرق الخاطف ومن لم يحب أهل بيت نبيه سقط على أم رأسه في قعر جهنم ولو كان له من أعمال البر عمل سبعين صديقا.٢
هو حبك ياعلي .. أن جعل الفكرة ولادة ، والبيعة ولادة ، ولذكرك يوم يعتمر به الموالون حضرتك الباهية الزاهية التماس رد القضاء ولطفك ياعلي .. لأنك مظهر العجائب ..
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى تسال عن أربعة عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت.(٣)
ياعلي لولاك ماكانت للولادة اسم يحتذى بها.
اضافةتعليق
التعليقات