في سكون نهار شهر رمضان تألقت عينيهما ببريق هادئ، بدتا كقمر منير يطل على عوالم مفعمة بالسلام. يريدان الخروج للتسوق مع أبويهما، يحاول الاب جهد الامكان ان يبقيهما في البيت لكن دون جدوى، وكأن يد خفيه تدفعهما للخروج في هذه السفرة القصيرة، انها لاتبعد سوى اميال عن بيتهما الصغير.
خرجا كعادتهما الأخ الاكبر ممسكا بيد اخته الصغرى ويوجهها كأنه تقمص دور الأب مع ابنته..
تضحك الام وتلتفت الى الاب بنظرة معبرة له عن
فرحها بولدها الذي اصبح شبيها بابيه الى حد كبير..
عند خروجهما من المنزل هبت نسمة عليلة بددت شيئا من حر تموز..
لامست النسمة شعر الفتاة، فانعكس ضوء الشمس على خصلاتها الذهبية فاعطتها اطلالة مميزة، علت ضحكاتهم الطفولية، اليوم اول ايام شهر رمضان اقترن اسمه لديهم بفرحة العيد والحلوى وزيارة الاقارب والاصدقاء والى مدينة الملاهي سوف يتأرجحون بأرجوحة الطفوله ويصعدون القطار وووو..
قالت الفتاة الصغيرة: اي لون ارتدي في هذا العيد، افضل الفستان الأبيض، نعم يكون ناصع البياض كي ابدو كوردة بيضاء أليست هي الوردة المفضلة لديك ياامي..
قالت الام: ان شاء الله ياعزيزتي لك ماتتمنين، انت اجمل ورود العالم بملابسك العادية، وافضل حتى من الورود التي اعشقها، فهي تذبل، اما انت فربيعي الدائم، ماقيمة الورود جنبك يابنتي العزيزة..
تنحنح الفتى شبيه ابيه وكأن الام لم تطله في مديحها فالتفتت له الام وقالت مبتسمة: ياولدي انت دفئ قلبي انت قمري المنير في سمائي، ماذا تريد ايها الشاب الصغير في هذا العيد..
اتسعت عينا الفتى، فبان لونهما العسلي وبدا اكثر جمالاً وجاذبية، تمتم قائلاً: اريد اريد، اريد طيارة كي اوجهها في هذه السماء الواسعة، اضع فيها كاميرا كي استطيع رؤية العالم..... ولكن اين نهاية العالم يا ابي هل استطيع الخروج معك برحلة طويلة كي ارى جميع بلدان العالم وبطيارة حقيقية..
اجابه الاب: ان شاءالله ياولدي ان شاء الله..
عند وصولهما للسوبر ماركت ترجل الابوان من السياره تاركين الأطفال بداخلها، سمعا اصواتهما تنادي.. اجلبوا لنا ايس كريم او قطع حلوى، سنجلس هادئين، تلك شفرتهم السرية التي تمتموا بها، انها احلامهم البسيطة بطبق ايس كريم او قطعة حلوى، فهم لم يصوموا بعد لصغر سنهم، بقي الاخوان يتسامران وضحكات الطفولة تخرج من فمهما الرقيق برقة.
ضباب الصباح لم يعد يسمع اصوات تلك الضحكات فقد دوى صوت مهول اخرج المكان من صمته الدفين في لحظة رهيبة، سُمع ذلك الصوت لقد ازفت ساعة الانفجار لا احد كان يتوقع حدوثه في مثل هذا اليوم المقدس وفي هذه المدينه المقدسة، انه اول ايام الشهر الفضيل وهذه ارض كربلاء وفي وضح النهار..
اي دين ياترى يبيح قتل الصائمين، اي دين يبيح لاتباعه ذبح احلام الطفولة، خرج الابوان وبايديهما الايس كريم والحلوى، لكن وياللهول، لم يجدا سوى الرماد إدّلهم الفضاء في عينيهما رغم شمسه الساطعة هرع الاب، سأل المارة : كانت سيارتي مركونة هنا وبها طفلين، طفلين جميلين هل احد رآها؟ لم يجبه احد لان السيارة محروقة امام عينيه، تلاشى النور من سماء الطفولة لم تعد احلام الطفولة تعني الشئ الكثير في بلدي..
مواطنون نحن فى مدائن البكاء
قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء
حنطتنا معجونة بلحم كربلاء
طعامنا.. شرابنا
عاداتنا.. راياتنا
زهورنا.. قبورنا
جلودنا مختومة بختم كربلاء
لا أحد يعرفنا في هذه الصحراء
لا نخلة.. ولا ناقة
لا وتد.. ولا حجر
لا هند.. لا عفراء
أوراقنا مريبة
أفكارنا غريبة
أسماؤنا لا تشبه الأسماء
فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا
ولا الذين يشربون الدمع والشقاء..
اضافةتعليق
التعليقات