تفشل خططنا إذا لم يكن لها هدف؛ فحين لا يدري البحّار أي مرفأ يريد، فلن تكون هناك ريح مواتية. عندما تقدم صديقًا لشخص يراه لأول مرة، فإنك تحاول أن تُقيم علاقة في الثواني الأولى، غالبًا من خلال البحث عن اهتمام مشترك يربط بين الغريبين. ولإقامة علاقة مع مستمعك، حاول أن تستغل الثواني الأولى؛ ابتسم، وانتظر على الأقل حتى يردّ أحدهم فقط الابتسامة، قبل أن تنطق كلمتك الأولى.
اجذب مستمعك
أي متحدث كفء يستخدم أربع كلمات أساسية ليفلت انتباه مستمعه، سواء كان هذا المستمع فردًا واحدًا أو مئة فرد، وهذه الكلمات هي: "مرحبًا، أنت، انظر، لذلك".
حين تبتسم، فإنك تقول لجمهورك "مرحبًا".
وحين تقدّم موضوعك، يصبح المستمع هو "أنت".
وحين تلقي حديثك، فإن مستمعك "ينظر".
وحين تصل لخاتمتك، يصل المستمع إلى "لذلك".
إن كل حديث، بصرف النظر عن طوله أو موضوعه، يحتاج إلى مقدمة.
المقدمة هي الفقرة الأولى من الحديث، ولها وظيفتان أساسيتان:
تقود المستمع إلى موضوعك.
تثير اهتمامه.
إن جملة الفرض (إعلان الهدف) تأتي في نهاية الفقرة الأولى، وتلعب دور منصة الإطلاق لحديثك. هذه الجملة تكون الهدف من إلقاء الحديث، وتُعدّ المستمع للأسباب التي تتحدث من أجلها، مثل: "إن إجازتي في باريس كانت كارثة".
وفيما يلي ثمانية أنواع من المقدمات المتصلة الفعّالة، ويمكنك أن تختار منها ما يناسب موضوعك وهدفك ومستمعك:
1. التضييق من العام إلى الخاص:
إن موضوعًا مثل "إجازتك في باريس" سهل، ولا يحتاج إلى تحديد أكثر.
لكن إذا قلت: "إن برنامج المعونة الخارجية يحتاج إلى مراجعة"، فإنك تتحدث عن موضوع شائك له أكثر من وجه.
يمكنك تقليل تعقيد الموضوع بتضييقه، مثلًا: "نريد أن يكون لنا موقف صارم بخصوص المعدات الحربية التي نرسلها للشرق الأدنى".
وحتى هذا الموضوع يمكن تضييقه أكثر، حسب طول الحديث الذي ستلقيه.
نسمي هذا المنهج استقرائيًا، وهو يقترب من المنهج الاستنباطي في النقاط التالية:
يقلل من عمق واتساع الموضوع.
يُضيق الموضوع لفكرة واحدة.
يمكن مناقشته وتحديده بدقة.
2. ضع نفسك موضع الخبير في موضوعك:
إذا كنت غير معروف للمستمع، فسوف يقدّمك أحد المرموقين (نأمل أن يكون ذلك بصورة مناسبة وجيدة)، ليعلن عن قدرتك على الحديث في الموضوع.
وإذا لم يكن ذلك كافيًا لكسب الثقة والاحترام، فربما تحتاج إلى تأسيس مصداقية أكبر لدى المستمع.
إذا كانت مهنتك، وذكاؤك، وتعليمك، وخبرتك تمكّنك من الظهور كخبير في موضوعك، فلا تتردد في بيان ذلك صراحة.
لنفترض مثلًا أنك سمسار أراضٍ قادر على مناقشة استخدام الأرض، وقوانين القسمة، والإعارة، والنقل، وفحوص السندات، وقانون البناء وغيرها، وطُلب منك الحديث إلى مجلس المدينة.
إن خبرتك تجعلك أكثر مصداقية من رحّالة لا يملك سوى خيمة وإناء للطعام.
حديثك عن إنشاء مركز تجاري سيكون أكثر مصداقية من حديثه.
وسيتأهل المستمع للاستماع إلى كفاءاتك كخبير ليساعده ذلك في الوصول إلى النتيجة المطلوبة.
3. استخدم المقارنة:
هدفك هنا هو إظهار تفوق شيء على آخر.
لاحظ أنك تتحدث عن شيئين لتقرّر أيهما أفضل، ومن المستحيل أن تقيّم كل ما يتضمنه موضوعك.
مثلًا، يمكنك أن تقارن بين مزايا الكلية المحلية والجامعة، أو بين تويوتا وفولكس فاجن.
إذا كنت تناقش فكرة توظيف سكرتير جديد للشركة، فقد تبدأ بجملة: "أعتقد أن الشخص الحاصل على دبلومة سكرتارية لمدة سنتين أفضل من شخص ندربه على العمل".
وهذا يفرض عليك توضيح أن فكرةً ما أفضل من أخرى.
4. استخدم التفاصيل:
التخصيصات أكثر فعالية من التعميمات.
الأرقام والإحصاءات غالبًا ما تكون مقنعة، لكنها تكون أكثر فاعلية عندما تُقرَّب إلى أقل رقم.
لنفترض أنك تناقش الأرق الذي يؤثر على الإنتاجية في شركتك، وأنت تعلم أن من بين كل مئة شخص، يعاني ثلاثة إلى أربعة من عدم النوم.
قدّر عدد مستمعيك، واقسم العدد على ثلاثة.
يمكنك أن تقول: "إن ثلث الموجودين في هذه الحجرة - حوالي ثلاثين - يعانون من الأرق، وتعلمون كيف أن عدم النوم يؤثر على الإنتاجية".
ثم تقدم بعض الحلول، كأن تقول: "وإليكم بعض الأفكار التي يوصي بها الأطباء لمساعدتكم على حل هذه المشكلة".
5. استخدام الخبرات الشخصية:
شاب حاول إقناع خريجي إحدى المدارس بالالتحاق بمدرسة سكرتارية، فقال:
"لقد عملت في صيف ما على خط تجميع. كنت أجلس لساعات أشاهد 120 يدًا تضع أنابيب معجون الأسنان في صناديق، بينما كانت هناك 240 عينًا تحدق في لا شيء، و60 عقلًا مغلقًا على فراغ. إن العمل على خط تجميع شيء ممل، ولهذا ذهبت إلى مدرسة سكرتارية. إنك تستطيع أن تصبح سكرتيرًا متمكنًا وبمرتب كبير من خلال الالتحاق بأكاديميتي".
6. الاستشهاد بخبير:
إذا لم تكن أنت نفسك خبيرًا في الموضوع الذي تتحدث عنه، فحاول أن تستشهد بمن هم خبراء، لإضفاء المصداقية على مقدمتك.
وتأكد من أن الخبير الذي تستشهد به خبير فعلي في هذا الموضوع.
اضافةتعليق
التعليقات