في إحدى المختبرات الكيميائية أخطأت احدى الطالبات فوضعت قطعة صغيرة من عنصر الصوديوم في دورق مملوء بالماء ماهي إلا ثواني واذا بقطعة الصوديوم تنفخر وتُهشم الدورق مع تحرير بعض اللهب الذي ارعب الفتاة وكاد ان يحرق يدها.
بتلك الحالة من الذهول ذهبت الطالبة الى الاستاذ معاتبة اياه لانتقائه هذه التجربة الخطرة. رد عليها الاستاذ قائلا: لقد نبهتكم في بداية المحاضرة بإجتناب ملامسة قطعة الصوديوم للماء او الرطوبة لكنكِ لم تنتبهي حيث كنتِ مشغولة بالحديث مع زميلتك.
سأبين لكِ سبب ماحدث الآن:
عندما يتفاعل عنصر الصوديوم مع الماء ينتج هيدوركسيد الصوديوم وغاز الهيدروجين وحرارة عالية (الحرارة تعتمد على الكميات المتفاعلة فكلما زادت الكمية ارتفعت الحرارة أكثر)، وفي حال استخدام كمية كافية من الصوديوم تكون الحرارة الناتجة قادرة على صهر الصوديوم المتبقي. في بعض الأحيان يبدأ الصوديوم بالغليان، فتزداد معه سرعة التفاعل بينه وبين الماء وكمية الحرارة المنبعثة مع التفاعل مسببة اشتعال غاز الهيدروجين الناتج فيحدث انفجار، هذا الانفجار يرفع الحرارة أكثر فيحفّز باقي المعدن الذي لم يتفاعل بعد فيتفاعل وتستمر الحرارة بالارتفاع إلى أن يمسك اللهب بالمعدن نفسه ويكبر الانفجار.
لذلك دائماً مايُحفظ الصوديوم في اوعية غامقة محكمة الاغلاق بعد ان يُضاف له النفط او الزيت، بعدها يوضع الوعاء في كيس بلاستيكيّ قوي ويُغلق بإحكام، لحماية الصوديوم من الحوادث، فإن وقعت وانكسر الوعاء تبقى المادة محفوظة في الكيس البلاستيكي.
اتعلمين عزيزتي أن هناك شيء مُشابه للصوديوم داخلنا.. متى ما أطلقناه في ظروف غير مناسبة ينفجر فيحرقنا من الداخل ويُهشم كياننا، إنه العاطفة.
تم تعريف العاطفة على إنها: تكرار المواقف التي أثارت مشاعر البهجة والسرور. وشرط النتائج السليمة من استخدام العاطفة هو الاعتدال، حيث ان استخدام العاطفة بشكل معتدل يُعطي الانسان احساس بالحياة وبرهان على اتزانه العقلي.
الظروف الملائمة للعاطفة وامكانية استخدامها بالشكل السليم والآمن هي تلك التي تكون منبعثة من قلبكِ الطاهر بإتجاه والديكِ، اخوتكِ، اقاربكِ، زميلاتكِ، زوجكِ.. تلك هي التي تقودكِ نحو الصلاح، نحو الفلاح، نحو الله تعالى.
كما أن للعواطف آثار حسنة فهي تلعب دوراً مهماً في إبداع وابتكار الفنانين وتلعب دوراً رئيسياً في مساعدة الاخرين وقضاء حوائجهم.
لكن..! للعواطف آثارها الضارة أيضاً، فهي تؤثر سلباً على الجسم والنفس، فمنها ما تؤدي إلى الأرق والحزن الشديد. كما تؤدي إلى الانشغال عن باقي الأهداف الهامة في الحياة مثل التعليم، العمل، والعبادة.. وقد تؤدي إلى التوتر والاكتئاب.
تكون العواطف ضارة عندما تُستخدم بشكل خاطئ كتلك التي تبادلها الفتاة مع شاب وعدها بالزواج.. او مع مخادع ابدى اعجابه بشكلها.. وقد تكون على هيئة المُفردات تُسطرها الفتاة في تعليق لمطرب، ممثل، لاعب كرة قدم او ما شاكلهم.
أما الكارثة التي تحدث الآن هي تلك الاعجابات التي لا تخجل البنت في بثها عبر مواقع التواصل برادود حسيني او خطيب او خادم في المواكب..! لا اعلم أي ثقافة او تربية قادت البنت لمثل هذا التعامل مع رجال غرباء (حتى وان كانوا ينتمون للدين)؟ الى اين تريد الوصول من كل تلك الكلمات التي تُسرع لكتابتها متى ما تم نشر منشور جديد. ( منور، فديتك،.. بالاضافة الى تطاير سمايلات القلوب والقُبل)..!
عزيزتي.. تأكدي بأن كلمات الغزل تلك ستنعكس سلباً على نفسيتك، نقاءك، دينك.. فابتعدي عنها قبل ان تنفجر فتُهشم قلبك، شرفك، سُمعتك.. حينها تلومين من!
حولي اعجابك بشكل او شخصية الرادود او الخطيب الى اعجاب بعمله، اخلاصه، علاقته مع الله تعالى ومع النبي وآله.. اتخذيهم قدوة لتألقك الروحي والعبادي. التزمي الحدود في التكلم عنهم او التعليق لهم، تذكري انه لا فرق بينهم وبين اي رجل غريب تصادفيه في حياتك.
واخيراً.. كالكيميائين كوني حذرة في التعامل مع العاطفة.. احذري اخراجها في الظروف الخاطئة فتنفجر.
اضافةتعليق
التعليقات