كانت دعواتي مع كل إفطار أن ينصرنا على القوم الظالمين، لكنك توقن في لحظة ما أن الوعي هو أداة النصر الحقيقية وإن الهزيمة جاءت لأن الروح مريضة والفكر ضبابي ومنخور.
عندما يتحول أمر تافه إلى حدث جلل في لحظة مأزق تأريخية، وفي عصر نعرف إنه مصنوع من التلاعب الإعلامي بواسطة العدو الذي يستخدم الحرب الناعمة، والتحريف المبني على تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث لا يمكن أن نثق بأي شيء، كما إننا ندعي إننا وصلنا إلى مراحل وعي متقدمة، يصبح هذا دليلاً على الظلام الحالك الذي نسير به.
يدرك الواعي إن الأمم ليست متجانسة الفكر، متنوعة المشارب، وإن القلة القليلة لا تقدم تصوراً عن تلك الأمة، وإن معرفتنا عن هذه الأمم تأتي من قادتها وخطبائها وعلماؤها ومقاوميها وشهدائها، وإن الجموع التي تفني طاقتها ووقتها وحياتها من أجل كرة القدم "لا يعول عليها" بغض النظر عن الأرض التي ولدت فيها، وأنك تدافع عن المبدأ والقيمة بغض النظر عن الناس، فدفاعك عن المظلوم واجب وإن كان لن ينفعك بعد قليل، بل وسيؤذيك أو آذاك سابقاً، كما تفقد الرسول (صلى الله عليه وآله) واستغفر لليهودي الذي رمى عليه الأوساخ، فالرحمة والعفو مقدمان، لأنك محاسب أمام الله على أفعالك لا أفعاله، كما إن الكعبة مقدسة لقيمتها عندك وستحميها بروحك وإن حكمها اليهود.
إلا إن مقطعاً تافهاً نعلم علم اليقين إنه إما مفبرك أو لفئة قليلة العقل من تلك التي لا قيمة لحياتها ولا يشغلها شيء سوى كرة القدم، قام العدو الذي "يمتلك المنصات الاجتماعية ويتحكم فيها" بجعله رائجاً لتحقيق أهدافه الخبيثة، يجعل أمة بكاملها بمثقفيها ونخبها تثور وتغضب وتتفوه بأسوأ ما يتفوه به إنسان عدا عن كونه "مسلم"، ويهاجم مستضعفين في أرض روتها الدماء الطاهرة، بل ويقف مع عدو الله في شهر رمضان شهر القرآن حيث نقرأ "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ".
إنه لخطب جلل، وأمر فظيع، فكيف يتناسى الإنسان خطب القادة والمتحدثين أمثال خطب أبو عبيدة، وخليل الحية، وآخرون، وخيرة القادة الذين استشهدوا خلال قرابة عامين من الحرب الضروس، وما يزيد على قرن من العدوان، الذين شكروا العراقيين، وبالغوا في شكر لا حاجة لهم به، فالقدس أرض مباركة، أولى القبلتين، ومسرى النبي (صلى الله عليه وآله)، ونصرة المظلوم حق، وقتال عدو الله فرض حيث قال تعالى "إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ".
فالأمة التي لا يهزها دموع الأطفال وجوعهم وعطشهم ودمائهم، وما زالت لا تتجرأ على مقاطعة اليسير من الشراب والطعام والملبس، إنها لأمة ضعيفة، فشلت في اختبارها، وحق عليها غضب الله، واستبدالها كما جرت سنته تبارك وتعالى في الأمم، فما أصابهم سيصيبنا، فالعدو واحد والأيام دول "إِن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ "، فقبل أن تدور الدائرة تحقق أين تقف، وإلى أي الأمور ينظر قلبك، ودعك عن حمية الجاهلية، وعد إلى كتاب الله، ففيه جواب كل أسئلتك.
اضافةتعليق
التعليقات