عندما نتصفح التاريخ نجد مع بالغ الأسف الكثير من الاعتداءات الجسدية والفكرية التي لحقت بالنساء من بلدان مختلفة وسببت أضراراً كبيرة على بنية المجتمع، وهذا الاستهداف كان واضحا بأنه أقوى على المرأة من الآخرين لأهمية الدور الذي تلعبه المرأة في كونها نصف المجتمع والمسؤولة عن تربية النصف الآخر.
فالعدو يعرف جيدا بأن ضرب كيان المرأة يعني ضرب شريحة النساء وشريحة الأجيال الحاضرة والقادمة وهذا هو الهدف الذي يرنوا اليه الغرب منذ ازل السنين وحتى يومنا هذا.
فقد اشتركت أمريكا خلال ٢٤٥ عام في ٢٢٧ حرب ضد ٢٢ دولة، ومن ضمنها العراق، وكانت المرأة هي المستهدف الأساسي في هذه الحروب من قتل واغتصاب وتمثيل.
هذا بالنسبة للحرب العسكرية أما بالنسبة للحرب الناعمة فكانت المرأة هي الهدف الاول وتم استهدافها واغتصابها فكريا وعقائديا ومحاولة قتل هويتها الإسلامية.
وفق إحصائية نشرتها جامعة بروكسل هنالك ١٠ الاف امرأة عراقية عانت من التجاوز الجنسي عليها من قبل جنود الاحتلال الأمريكي.
وعندما نشاهد هذه الأرقام المفجعة وهذا التاريخ الدامي كيف لنا ان نتجرع صلافة السفيرة الامريكية التي حضرت في المؤتمر الخامس عشر بمناسبة اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة وغردت: بأن الولايات المتحدة ترحب بالالتزام المتجدد لحقوق المرأة وسوف تواصل تشجيع الحكومة العراقية على تمرير التشريعات المعلقة من اجل النهوض بواقعهن!
فهل من المعقول من انتهك شرف النساء العراقيات ان ينادي اليوم بالحقوق والحريات لنفس النساء التي اغتصبها واعتدى عليها؟!
أي عقل يستوعب هذا الكلام ويصدق هذه الترهات؟
فلو نشاهد وضع بعض الدول العربية التي امنت بالتطبيع وكان بينها وبين اشهار تطبيعها شعرة لولا قضية الطوفان الأقصى سنجد بأن وضع نساءهن فد تغير كثيرا.
فقد أدى التطبيع دوره بشكل ممتاز واستطاع ان يجرد المجتمعات من قيمه ومبادئه السامية، وقد أدهشني مقطع فيديو في احدى الدول العربية التي تضرب بها الأمثال من ناحية الالتزام سابقا، بأن مجموعة من نساءه اللاتي يمتزن بالجمال وذات شخصيات لطيفة يقفن ليلا في حاشية الطريق ويبعن المثلجات في كارفان، وتقف سيارات الرجال لهن من أجل شراء الايس كريم!!
هل هذه المرأة الجميلة مقامها هو ان تبيع المثلجات (للزعران) في الشوارع؟، وان تتعرض الى نماذج مختلفة من الرجال الذين لا دين ولا عفة في قلوبهم؟
فحتى لو افتقرت للشهادة او للعمل للوظيفي اللائق أليس من المنطقي أن تكون معززة ومكرمة ويهتم الرجل بشؤونها المادية رغما عنه وبلا منة بدلا من ان تقف ليلا في الشوارع وتبيع المثلجات؟
وغيرها الكثير من الاعمال التي لا تليق بمكانة المرأة وتخدش انوثتها ورقتها وتمس مكانتها الحقيقية التي اقرها الله عز وجل.
ولو نفكر قليلا كيف تغيرت المفاهيم بهذه الطريقة ووصلت المرأة الى هذا الحال سنجد بأن كل هذه الامور تم طرحها في المجتمع تحت مسمى الاستقلال المادي والمرأة "الاندبندت"، وغيرها من المسميات التي تريد ان تصنع من المرأة الة تعمل ليلا ونهارا لتوفر المال.
شخصيا لست ضد عمل المرأة ابدا، ولكني ضد نوعية العمل، فبعض الأعمال حقا لا تليق بالمرأة واشعر بأنها تقلل من قيمتها وتشوه صورتها، كالنادلة وبائعة المثلجات ومقدمة "تيسترات" العطور في المولات... الخ
ماذا يعني أن تركض المرأة خلف الناس في أروقة المولات وتترجاهم لكي يجربوا "تيسترات" العطر؟!، ثم ينظر الناس لها بنظرة ازدراء!،
هل فعلا هذه هي المرأة الريحانة التي وصفها المولى؟، قطعا لا.. فمقام المرأة اعلى واكرم من ذلك بكثير.
كيف استطاع العدو ان يزرع هذه المفاهيم الغربية في عقول المرأة العربية وما الفرق بين المرأة الغربية والمرأة المسلمة من جانب الوظيفة او العمل؟
عمل المرأة في الغرب هو فعل لابد منه، فمجرد أن تصل الفتاة الى عمر معين يجب ان تتحمل جميع مسؤوليتها بنفسها وتهتم بمصاريفها وتتخلى عائلتها عنها ماديا، وحتى اذا كانت العائلة متمسكة تفرض الحكومة احكام معينة تجبر الأولاد ان يستقلوا بحياتهم عن أهلهم، كأن يفرضوا على العائلة دفع ايجار عن الاولاد حتى وان كان البيت هو ملكهم يجب ان يدفع الأهل ايجار للحكومة عن كل ولد او بنت يعيش معهم في المنزل.
وهكذا سيحملون العائلة تكاليف الايجار التي ربما لا يستطيعون دفعها فيضطر الأهل أن يعزلوا أولادهم عنهم في بيوت مستقلة ويدعوهم يتحملون مسؤوليتهم المادية بأنفسهم. ومن هنا تبدأ رحلة الضياع بعد أن يخرج الشاب او الشابة عن المنزل وينفصل عن الاهل.
لأنهم سيكونون في معزل عن مراقبة الأهل والتوصيات والنصائح التي يحتاجونها في مرحلة الشباب الحرجة، ولأن الفساد هو الغالب على المجتمع حينها سينجرف الشاب او الشابة الى هاوية الضلال برجله سواء بوسائل مساعدة كأصدقاء السوء او من تلقاء نفسه، لأنه في كل الأحوال تكون الظروف في الغرب متهيئة له ومساعدة جدا للانحراف.
والمستفيد الاول بالطبع هي الحكومة لأنها تريد افراد عاملين ومنتجين، للنفع الاقتصادي لأن هذا الشاب او الشابة لو عاش مع عائلته ستكون المصاريف اقل مثلا تكاليف الكهرباء والماء وايجار المنزل ستكون عن منزل واحد ولكن لو انفصل عن اهله حينها يجب دفع ايجارين قائمتين كهرباء وماء وغاز و... و...الخ.
وهنا ستكون الاستفادة المالية والتأثير الاقتصادي أكبر، وهذا ما تريده الحكومة بالضبط لأنها تنظر الى المرء كآلة منتجة فقط، واستغرب جدا كيف ان النساء المسلمات يصدقون شعارات المساواة وحقوق المرأة التي ينادي بها الغرب في حين أن المرأة في دول الغرب تصرف نفس الجهد والوقت في الدوام الوظيفي لكنها تستلم راتب اقل من الرجل! اين المساواة في ذلك؟
كما انها غير مشمولة في اجازات خاصة مثل إجازة الامومة والوضع وغيرها...الخ
ليس هنالك أي تفضيل للمرأة والمطلوب منها ان تعمل رغما عنها وتوفر المال، لأنها لو لم تقم بذلك فستجد نفسها في الشارع وليس هنالك من يتحمل مسؤوليتها سواء عائلتها او حتى زوجها.
وتضطر ان تعمل لكي تؤمن احتياجاتها وتشارك في مصاريف المنزل وتدخر الى المستقبل لأنها لو مرت في ظرف صحي أو انفصلت عن زوجها لأي أسباب كانت فلن يكون هنالك أهل يتحملون معها ظرفها ويستقبلونها مثلما يحصل عندنا.
لأننا مجتمع يخضع للقيم والعادات، صحيح أنها قيم إسلامية ولكن حتى في المجتمعات غير الإسلامية هنالك عادات فرضت على المجتمع سواء كانت قبلية او عشائرية او غير ذلك تفرض على الرجل ان يتحمل مسؤوليات المرأة وإذا ارادت ان تعمل وتشاركه في الأعباء المادية فهي المتفضلة في ذلك.
ولو نعود الى بداية كلامنا عندما قلنا بأن الغرب يعتبر المرأة هو الهدف الأساسي سنفهم لماذا يفعل كل هذا وما الغرض من وراء هذه الشعارات التي يطلقها في المجتمع الإسلامي، ولو تمعنا جيدا في التاريخ لوجدنا بأن هذه الحكومة الملطخة بالدماء لن يأتي منها الا الدم وسنفكر الف مرة في كل تصريح او محاولة تدخل تريد أن تحصل في بلادنا.
واجبنا اليوم ان نفضح جرائم الغرب لكي تتضح الصورة لشبابنا وفتياتنا الذين لم يعاصروا حقب الحروب والأسى، ويتعرفوا على التاريخ الأسود لهذه الدول ويفهموا بأن كل ما يحصل اليوم وكل الشعارات التي ترفع ليست الا عمليات استهدافية لكيان المرأة التي خلقها الله وأعزها ورفع مقامها في الحياة.
ولأن كينونة المرأة تتصف بالعاطفة والرقة والنعومة لهذا حملها الله بقدر ما تستطيع وترك الجهد العملي والشقاء للرجل، وأعزها بأنه كلف الرجل ان يكون مسؤولا عن توفير الحياة الكريمة لها ولو ارادت ان تشارك وتقلل الحمل على الرجل فهي المتفضلة في ذلك وليست مضطرة على عكس حال المرأة في الغرب.
وبعد معرفة كل هذه الجرائم والنوايا السيئة التي تحملها الدول الغربية تجاهنا بداية من القتل والاغتصاب والاعتداء ونهاية الى تصدير الأفكار الملوثة كالشذوذ والجندرة والنسوية كيف لنا ان نقف مكتوفي الايدي ونسمع كل هذه الشعارات ونشاهد ضياع الأجيال؟!
اضافةتعليق
التعليقات