ضجت وسائل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة بنداءات تحذر من وقوع حالات اغتصاب في السودان، لاسيما في مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة وثاني أكبر مدن السودان، بعد سقوطها في يد قوات الدعم السريع وإعلان الجيش السوداني الانسحاب منها.
ومن بين الوسوم الرائجة التي تداولها مغردون وسودانيون وآخرون من دول عربية، كان #اغتصاب_نساء_السودان و#الدعم_السريع_يغتصب_النساء و#احموا_النساء_من_الإغتصاب.
وفي محاولة لمعرفة ما الذي يحدث في ولاية الجزيرة، تحدثنا إلى منظمات حقوقية سودانية توثق حالات الاغتصاب في السودان منذ بداية الصراع وكذلك سكان من ولاية الجزيرة، التي يُزعم أنها شهدت حالات اغتصاب كثيرة.
واندلع القتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، منذ شهر أبريل/نيسان الماضي.
هل بالفعل وقعت حالات اغتصاب ؟
تحدثنا إلى ناشطة حقوقية في ولاية الجزيرة، تتبع منظمة توثق حالات الاغتصاب، وقد أعطيناها اسماً مستعاراً باسم لينا، بناء على طلب منها.
وقالت لينا لبي بي سي إنه "حتى الآن لم نتمكن من تأكيد حالات اغتصاب لصعوبة الوصول الي تلك المناطق بسبب إغلاق الطرق المؤدية اليها".
واستدركت في حديثها، قائلة :"شاهدت فتاتين تم اقتيادهما من منطقة حنتوب شرقي مدينة ود مدني بواسطة جنود يرتدون زي الدعم السريع، إلى جهة غير معلومة وقد شاهدت الجنود وهما يسحبونهما بقوة".
كما أوضحت لينا أنها تعرف بشكل شخصي فتاة احتجزها عناصر من الرد السريع هي وخالتها في منزل بحي التكيلات شرقي حنتوب.
وأضافت أنها تخشى على سلامة تلك الفتاة وخالتها "لأن الوضع معقد في تلك المنطقة حيث تنتشر قوات الدعم السريع".
وقالت إحدى السيدات اللاتي هربن من ولاية الجزيرة بعد سقوطها في يد الدعم السريع، إلى ولاية سنار، إنها لم تشاهد اغتصابات، لكنها شهدت أعمال نهب وسرقة من قبل القوات ذاتها.
وقد تمكنا من الحديث إلى تلك السيدتين، في ظل صعوبة الاتصالات. كما أن معظم السكان نزحوا من ولاية الجزيرة، بعد وقوعها في يد الدعم السريع.
و قد قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن آلاف الأشخاص نزحوا من ود مدني منذ يوم الجمعة الماضي، وإن السودان يواجه بالفعل أحد أكبر أزمات النزوح في العالم.
"لا يمكننا الجزم بأن هذه الحالات حقيقة"
وقالت رحاب مبارك سيد أحمد عضو مجموعة محامي الطوارئ، وهي مؤسسة حقوقية سودانية توثق جرائم الاغتصاب إن هناك حديثاً عن خمس حالات في ولاية الجزيرة، لكن هذه الحالات لم تُوثق حتى الآن من قبلنا، لأننا لم نتلقَ بلاغات.
وتابعت: "لذلك لا يمكننا الجزم بأن هذه الحالات حقيقة، لحين التحقق منها".
لكنها قالت إن "هناك أربع نساء مفقودات في نطاق مدينة الحصاحيصا في الولاية نفسها، ونحن لا نعلم أماكن تواجدهن".
كما قال ناظم سراج من مؤسسة حاضرين الحقوقية لبي بي سي، التي وثقت في بداية الصراع السودان حالات اغتصاب، إن المؤسسة لم تتلقِ أي بلاغات، حتى الآن، من حالات اغتصاب في ولاية الجزيرة .
ومع تزايد الحديث عن حالات اغتصاب على مواقع التواصل الاجتماعي، غرد ناشطون قائلين إن نساء سودانيات بدأن يبحثن عن وسائل منع الحمل خوفاً من الاغتصاب.
وعادة ما تتبع النساء المغتصبات في السودان، بروتوكولاً معتمدا ً مُتعارفاً عليه للدعم والاستجابة، وتتبعه كذلك مراكز الأيدز والمستشفيات ومنظمات المجتمع المدني.
إذ يتعين على النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب تناول عقاقير خلال مدة أقصاها 72 ساعة من حدوث الاعتداء كالآتي:
تناول حبوب موانع الحمل الطارئة .
تناول بعض الأدوية التي تمنع نقل الأمراض المعدية جنسياً.
تناول بعض المضادات الحيوية لمعالجة الجروح.
وفي هذا الصدد، يقول المحامي الحقوقي هيثم، وهو اسم مستعار له حفاظاً على سلامته، إن النساء والفتيات بولاية الجزيرة يبحثن عن وسائل منع الحمل، تحسباً لأي جرائم اغتصاب من المتوقع أن يتركبها الدعم السريع بسبب ارتكاب جرائم مماثلة سابقا في مدن سودانية آخرى.
ولذلك "كانت هناك دعوات لاتخاذ تدابير والاستعداد لبروتوكولات معروفة متعلقة بالاغتصاب".
وقالت الناشطة الحقوقية لينا، متحدثة لبي بي سي من ولاية الجزيرة، إن وسائل منع الحمل "متوفرة بكثرة، خاصة في عيادات معسكرات النزوح الممولة من المنظمات الانسانية في الولاية".
ولا يعني عدم تلقي منظمات إنسانية بلاغات جرائم اغتصاب، عدم حدوث هذه الجريمة.
إذ تقول رحاب مبارك سيد أحمد، عضو مجموعة محامي الطوارئ، إن مجمل ما وُثق من المجموعة ولجنة الأطباء المركزية ومنظمات مجتمع مدني منذ بداية الحرب في السودان، قرابة 360 حالة اغتصاب في جميع أنحاء السودان.
وتتابع :" تشكل (هذه) الحالات التي بلغت عن تعرضها للاغتصاب منذ بداية الحرب، واحد في المئة فقط" من الحالات الفعلية، لأن هناك نساء وفتيات كثيرات يخشين التحدث عن تعرضهن للاغتصاب.
وتوضح إن هذه "الجريمة موصومة مجتمعياً في السودان، فالسيدات المتزوجات يخشين من انهيار حياتهن الزوجية. أما الفتيات، فستكون فرصها في الزواج مستقبلاً متأرجحة، كما أن بعض النساء يخشى الاستهداف من الجهة التي اعتدت عليها جنسياً".
طرفا الصراع يرتكبان جرائم اغتصاب
وتقول حنان حسن حسين، عضو مجموعة محامي الطوارئ إنها "وثقت حالة اغتصاب واحدة، في بداية الحرب، ارتكبها منتسب للجيش السوداني، لكن الدعم السريع يرتكب النسبة الأكبر من جرائم العنف الجنسي".
وأضحت أن تلك الضخية قالت لها " إنها تعرضت للاغتصاب من شخص يرتدي زي الجيش السوداني".
ويرى المحلل السياسي السوداني أبُي عز الدين إن" طبيعة تكوين الجيش النظامي لا تتيح مثل هذا النوع من الجرائم، كما أن ضباط الجيش السوداني هم خريجو الكلية الحربية".
وقد أعرب خبراء الأمم المتحدة منذ أربعة أشهرعن قلقهم إزاء تقارير تكشف عن الاستخدام الوحشي والواسع النطاق للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي من قبل قوات الدعم السريع في النزاع المسلح الداخلي في السودان ودعوا إلى إنهاء العنف المستمر.
وقد نفى لبي بي سي الدكتور مصطفى محمد إبراهيم، المستشار في مكتب قائد قوات الدعم السريع، ارتكاب القوات أي جرائم اغتصاب في ولاية الجزيرة.
وقال:" قواتنا لم تنتهك أعراض المواطنين.... ولم تختطف فتيات في مدينة ود مدني"، نافياً في الوقت نفسه ارتكاب القوات أعمال سلب ونهب في المدينة. حسب بي بي سي
اضافةتعليق
التعليقات