يُحتفى بالمرأة كيانا قائما وحضورا متكافئا ومعادلا للرجل، كثير من الناس مَن يُمجّد المرأة، ويذكر انجازاتها في الحياة، وخطورة دورها كأم صانعة للأجيال، ويشير بالبنان إلى كل ما جابهته من تحديات وصعوبات لاثبات ذاتها وكينونتها، وأنها المفصل الأساس لتسيير عجلة المجتمع.
المرأة لا تنبع خطورتها من كونها أنثى فحسب، بل تزداد خطورتها إذا ما تسلحت بالوعي والمعرفة، وامتلكت الدراية لخوض معترك الحياة، وحازت على منقبة التربية السليمة لأبنائها.. بهذه الأسلحة تستطيع المرأة أن تسقط حسابات الرهان ممن يحاول الاستهانة بدورها، أو تهميش موقعها في خارطة البناء.
هناك من يصفها بنصف المجتمع، ولكن حين يتعمق بخارطة الحياة وتفاصيلها الدقيقة، يتضح له جليّا أنها الكل، وليس النصف كما يُدّعى.
المرأة هي أم الحياة بعينها، بل هي الحاضنة الأكثر سعة والأكثر دفئا من بين جميع الحواضن، ومخطىء من يتصور أن حضن الأم يضيق إذا كبر أولادها وشبّوا عن الطوق، ستبقى هي الأوسع والأدفأ حضنا على الاطلاق.
المرأة سرور كلها وأنس كلها، فلا يزهو مجلس بدون كلامها، ولا يحلو همس بدون وشوشتها، وجودها يضيء جنبات الدار، وأنفاسها تبعث الطمأنينة في زواياه، وحضورها يزيد الحياة بهجة وانشراحا، فلا يطيب خبز تنور بلا يديها المباركتين..
إنها المنبع الفياض بالمحبة والحنان، تتدفق شرايين الحياة حنانا من فيض تحنانها، إنها تجليات رحمة الله في خلقه وعباده.
لعل هناك من يلغّز وجود المرأة واصفا إياها باللغز المحيّر الغامض، متناسيا أن شفرات هذا اللغز سرعان ما تُفك بكلمة حب ومفتاح اهتمام.
فما أقسى تضاريس العيش لولا نعومة المرأة؟! إنها العشب الناعم الذي ينحني للنسيم المنعش، ولا ينكسر للعاصفة الهوجاء.
المرأة ريحانة هكذا وُصفت، وأجمل ما في الرياحين عطرها الأخّاذ وترافتها ونعومتها. وكذلك المرأة حين تسكب عطر قارورتها في أبنائها؛ أمومة وحنانا.. وحبّا وأمانا.
المرأة لا توصف بالقوّة، لأن القوة تنحصر بالعضلات والبنية الجسدية، والمرأة ليست كذلك، ويظلمها من يطلق عليها تسمية: قوية، لأنّ قوة المرأة تنبع من قوة حكمتها في بناء جنّتها الأرضية، ومن حياطتها لبيتها وعشّها الآمن.
لقد شرّف الله المرأة حين جعل من رحمها وعاء لتكاثر البشر، وأي تشريف أعظم من هذا التشريف الذي جعل الجنة تحت أقدامها، بل وجعل من برّها ووصلها طريقا معبّدا للجنان الخالدات.
وصدق من قال : (العالم بلا امرأة.. كعين بلا بؤبؤها.. وكحديقة بلا أزهار).
فهل لكم أن تتصوروا كيف يكون شكل العالم إذا ما غُيّبت نون نسوته عن الوجود؟!
اضافةتعليق
التعليقات