جلسة نسائية في منزل الخطيبة المنبرية (ام زين العابدين) تدور احداث الجلسة عن اضطهاد المرأة وسلب حقوقها، فمنهن من اعتبرت ان الاسلام هو من جعل من المرأة ضعيفة واعطى في المقابل كل الحقوق للرجل، واخرى ادعت ان المرأة عانت من الظلم من الجاهلية الاولى والى زمننا هذا، وسيدة اخرى كان رأيها مختلف تماماً عنهن، إذ قالت بأن المرأة هي سيدة نفسها والمجتمع اولاً واخيراً، لولا وجودها لتاهَ الرجال وضاعوا، فالإسلام هو اول مشرع اسلامي جعل للمرأة مكانة ورفعة، بعدما كانت تباع وتشترى في زمن الجاهلية، فجاء الاسلام واعتقها وجعلها ريحانة فيما كانت قهرمانة.
سؤال طرحته السيدة (ام عامر)؛ لماذا لم يعطوها حقها في الارث؟
وقد قال الله سبحانه وتعالى في آية صريحة: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً) سورة النّساء، 7.
اختلف الذكر والانثى في الحصص، فقد شرع الله عز وجل مبدأً عاماً للإرث بجعله في أصله، حقاً لذوي القربى جميعاً، وذلك حسب مراتبهم في تركيبة الاسرة، فأعطى النساء والصغار، حق الارث كالرجال من ناحية المبدأ بعد ان كانت الجاهلية تظلمهم وتأكل حقوقهم.
نصيب كل وارث، قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) سورة النّساء، 12.
قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) سورة النّساء، 12.
(للذكر مثل حظ الأنثيين) من صفات الله تعالى العدل والانصاف، فهو عادل حينما جعل حظ الذكر اكثر من المرأة، وهذا متفق عليه في التشريع الاسلامي، فهو يُلزم الرجل في مقابل ذلك الحظ الاكبر من الواجبات المالية تفوق قدرة المرأة ولا تُلزم المرأة بدائها (فالرجل مسؤول عن المال، يدفع المهر، و يوفر السكن، والاثاث ومستلزمات الزواج، وفي المقابل المرأة تتزوج ويُقدم لها المهر، ويُلبي احتياجاتها).
ماهي طبقات الارث عندنا؟
يقسم طبقات الأقرباء من زاوية الاِرث الى ثلاث طبقات. الطبقة الاُولى: الأبوان والأولاد وأولاد الأولاد وهكذا، غير أن الولد للصلب إن وجد منع الحفيد والسّبط من الإرث.
الطبقة الثانية: الإخوة والأخوات، واِن لم يوجدوا فأولادهم، والأجداد والجدات مهما تصاعدوا من قبل الأب والأم وإذا كان للأخ أولاد وأولاد أولاد مُنع الولد الأقرب منهم الولد الأبعد من الإرث، اضربِ لي مثلاً على ما تقول: ابن الأخ مثلاً إن وجد، مُنع حفيد الأخ من الميراث.
الطبقة الثالثة: الأعمام والأخوال والعمّات والخالات، وإن لم يوجد احد منهم فأبناؤهم، ويرث الأقرب منهم فالأقرب، حيث لا يرث الأبناء، أبناء العم أو الخال أو العمّة أو الخالة، مع وجود العم أو الخال أو العمّة أو الخالة إلاّ في حالة واحدة نصّت عليها كتب الفقه، وإذا لم يوجد للمتوفّى أقرباء من كل هذه الطبقات حينئذٍ سيرثه عمومة أبيه وأمّه وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما وأبناؤهم، ومع عدم وجودهم يرث المتوفّى عمومة جدّه وجدَّته، وأخوالهما وعمّاتهما وخالاتهما وبعدهم أولادهم مهما تسلسلوا شرط صدق القرابة للميّت عرفاً، علماً بأن الأقرب منهم مقدّم على الأبعد.. وهذا نقلا عن "الأحكام الشرعية عند مراجع الشيعة الأمامية".
وفي التهذيب يقال ورث فلان قريبه وورث أباه، وقال الله تعالى: (وورث سليمان داود) وقال تعالى (وكنا نحن الوارثين)، ومعنى الميراث في اللغة (انتقال الشيء من شخص إلى شخص، أو من قوم إلى قوم، وهو أعم من أن يكون بالمال أو بالعلم أو بالمجد والشرف)، وتعتبر صفة الوارث: صفة من صفات الله عز وجل، وهو الباقي الدائم الذي يَرِثُ الخلائقَ.
في رحاب تفسير القرآن الكريم
((وَلَكُمْ)) أيها الأزواج ((نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ))، أي زوجاتكم فإن ماتت زوجة أحدكم فللزوج النصف ((إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ))، أي للزوجات ((وَلَدٌ)) سواء كان من هذا الزوج أو من غيره ((فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ)) واحداً أو متعدداً ((فَلَكُمُ)) أيها الأزواج ((الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ)) من ميراثهن ((مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)) فأولاً يُخرج الدَين ثم تُخرج الوصية الى حد الثلث ثم تقسّم التركة فللزوج الربع والبقية للأولاد ((وَلَهُنَّ))، أي للزوجة التي بقيت بعد وفاة زوجها ((الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ)) من الميراث ((إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ)) أيها الأزواج ((وَلَدٌ)) وقد دلّت الشريعة أن الزوجة لا ترث من الأرض ((فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ)) واحداً أو متعدداً ذكراً أو أنثى من تلك الزوجة الباقية أو من غيرها ((فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم)) من الميراث ((مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا)) أيها الأزواج ((أَوْ دَيْنٍ)) ولعل تقديم الوصية في الآيات مع أن الدين مقدّم في الإخراج أن الغالب وجود الوصية بخلاف الدّين، ((وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً)) الكلالة هم الأخوة سواء كانوا من الأب أو الأبوين أو الأم، والمعنى أنه إن كان الوارث كلالة بأن لم تكن المرتبة الأولى موجودة فإن الأبوين والأولاد في المرتبة الأولى، والأخوة والأجداد في المرتبة الثانية، والأعمام والأخوال والعمات والخالات في المرتبة الثالثة، والزوجان يرثان مع كل مرتبة، وكلالةً في الإعراب منصوب على الحاليّة، فالمعنى إن وُجد رجل يرثه قريب له في حال كون ذلك القريب كلالة له ((أَو)) إن كان ((امْرَأَةٌ)) تورث كلالة، أي وُجدت امرأة يرثها قريب لها في حال كون ذلك القريب كلالة لها، والحاصل أنه لو مات رجل أو امرأة ((وَلَهُ))، أي لكل واحد من الرجل والمرأة اللذين ماتا ((أَخٌ أَوْ أُخْتٌ)) والمراد هنا كلالة الأمي خاصة بأن كان الوارث شريكاً مع الميت في الأم فقط، بأن بقي أخوه أو أخته الأمّيان ((فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ)) من تركة الميت ((فَإِن كَانُوَاْ))، أي كانت الكلالة ((أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ)) الواحد بأن كانت الكلالة نفرين فصاعداً ((فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ)) يقسمونه بينهم بالسوية فإن الكلالة الأمي يرثون متساوين للذكر مثل حظ الأنثى ((مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا)) الميت ((أَوْ دَيْنٍ)) فإن الدّين والوصية يُخرجان من المال ثم يُعطى للواحد من الكلالة السدس وللاثنين فصاعداً الثلث ((غَيْرَ مُضَآرٍّ))، أي لا يُضار الكلالة بأن يحرموه من الثلث، أو يكون المعنى إنما تنفّذ الوصية إذا كان الموصي غير مضار بأن لم يوص بأكثر من الثلث وإلا لم تنفّذ الوصية فيما زاد على الثلث ((وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ))، أي هذه الأنصبة يوصيكم الله بها وصية ((وَاللّهُ عَلِيمٌ)) فيقدّر الأنصبة حسب ما يعلم من المصالح ((حَلِيمٌ)) لا يعاجل العصاة بالعقوبة فمن خالفه في الإرث ولم يَرَ عقوبة عاجلة فذلك لحلمه سبحانه فلا يغرّه ذلك(1).
انتهت الجلسة بعدما قدمت الخطيبة المنبرية الادلة العقلية والنقلية في حكم الميراث و بينت حق المرأة في الارث، بعدما كانوا يعتقدون ان الاسلام ظلم المرأة، ولم يساوي بينها وبين الرجل، ثبت عندهم الحجة الآن وعرفوا ان الله عادل في كل شيء.
اضافةتعليق
التعليقات