قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (النساء:104).
هذه الآية تتحدث عن ألم وصعوبة وشدة النزول لساحات القتال، ولكن لو نظرنا إلى الآية بنظرة أعم كما يجري الآن من حروب ناعمة/ إعلامية، وحقيقة أن الجهة المقابلة جبهة الفساد، الضلال، اللهو واللعب، وإشغال الناس بالتفاهة وبث ثقافة التجهيل، والتعلق بالدنيا ومظاهرها؛ نلحظ إن هذه أمور التخطيط لها، تنفيذها يحتاج إلى جهود وتعب وألم، فهي ليست سهلة ولا هينة.
فكثيرًا ما نسمع من المشاهير يصرحون كيف إنهم يقضون أياما من دون نوم، من أجل تصوير فلم أو مشاهد مسلسل بلا أي قيم أو قيمة!! السؤال تُرى لماذا كل هذا التعب النفسي والجسدي؟
والجواب ببساطة لأنها حرب وجود، حرب أن يكون هو/ هي في الساحة، أن يبقى هو الجاذب والمؤثر، ولكن بالمقابل ماذا عن جبهة أهل الحق، هل كل واحد منا يتعب ويتألم ويضحي بوقته وراحته من أجل حربه معهم، من أجل وجود الحق في قبالهم؟
فخطاب هذه الآية فيه عتب وتحذير فتعالى يقول لنا:
{لا تهنوا...} أي لا تضعفوا بل ضاعفوا جهودكم.
{لا تهنوا...} أي لا ترون أنكم الحلقة الأضعف في محاربتهم.
{لا تهنوا... } أي لا ترونهم الأقوى ولو فيما بينكم وبين أنفسكم، فلعلكم بذلك فيما بعد تميلون لخطهم، أو تجدون أنفسكم جزء منهم، ومن مقويهم [فضعف أهل الحق قوة لأهل الباطل] تهدى لهم بالمجان!
وخطاب الآية فيه ما يوجب الحياء والخجل لأنهم مع كل ما يفعلونه، ويتعبون عليه، ويصرفونه من وقت وجهد هو بلا قيمة لأنه خالي من الرجاء، الرجاء الذي عندكم يا أهل الإيمان وأتباع الحق والعاملين لأجل إعلاءه وليس عندهم.
فكل خطوة، تعب، جهد، كل ألم طالما إنه مبذول منكم برجاء أن تنصر الحق وتحاربوا الباطل فهو عظيم وقاصم لظهر جبهة الباطل، فهو {العليم} الذي لا تخفى عنه المقاصد والنيات، وهو{الحكيم} الذي ينمي ويروي ويضع كل خطوة تسعون لسير بها نحوه جل وعلا في محلها، فيسددكم ويوفقكم ويعينكم.
اضافةتعليق
التعليقات