يعز على القلم أن يبكي حروف المأساة.. ويعظم مصاب الظليمة، وفي بيت الصحوة كثير مشاعر، ووجدان يستغيث يطالب مدد الحقيقة أن يفصح عن مكنون القضية وثوبها الدامي ..
في كل نفس هناك ثغرة تبحث عن استفهام لم يكتمل .. وعن انتفاضة لم تندمل.. في حقيقة الضيم وأسى التأريخ بيت أصابه وابل الغيض من أهل الغدر وحب الشهوات ..
فكان الدليل قميص يزحف على جدران الغد ليلد للواقع كتاب جديد متألق الفكرة، متعدد الفقرة ، مشتق قوته من أسهابه في كشف الواقع، ورش الملح على جرح لازال ينزف نهرا من دماء الوجع .
عندما يشهد الثوب على من مزقه، يكتوي الذات هنا ، فلربما أدنى تقصيرا، يزيد في اتساع خسارته ويفقد حينها القارئ الطريق، فيصيبه الوجوم وتختلف أسهم الإصابة به، فيعتري البصيرة حبرا جافا، لاطراوة فيه .
نحتاج للعمق على مد بصر، والكشف على اتساع صداه ، ولكي نكون من أهل القوة ، لابد أن نجعل الراحة على الراحة ونكون من أهل الثبات على مبدأ الاصرار والرفض القاطع لكل وليجة تخالفنا وتعارضنا في أصل القضية .
القضية واضحة قد تجردت من الزيف، والطاعة ملزمة على كل من عاهد بيت النور في اتباع النهج وثبات القدرة والقيمة والإيمان بسر أهل البيت المتجسد في شخص فاطمة الزهراء (عليها السلام).
الأسرار مبدأ عام، ولكن سر فاطمة الزهراء عليها صلوات الله ، اتسم بمكنون خاص، لايفهمه حتى كل الكائنات .هذا السر، لم يقيد بكلمة أو بجملة بل له مقصد وغاية تجلى نوره مباشرة بعلياء الله في عرشه .يفهمه البعض أنه كرامة وآخرون قدسية، وعده أهل الصدق والعلم صلة الوصل بين الله وأولياءه .. وو وو حتى اشتمل على كثير من بركات وغيره ..
لكن في الحقيقة، أن السر ينتفي كونه سرا إن حدد بمعنى معين ، وبمقتضى الخلق ووجود السيدة البتول في هذا القطب الواسع من الأرض وعلى مدى عمرها الشريف وبطريقة حياة تختلف كليا عن باقي البشر كانت هي سرا ولغزا حير العقل البشري في فهم معانيه وذاتيته ، وبات الإنسان على مفترق طرق من التفاعل ، كلما دخل في لجة التفكير فيه يجد نفسه في متاهة كبيرة ولازال عند محط قدم وبداية سطر لم يكتمل ..
لذلك نجد أن هذا السر قد اتقد بالعظمة لأنه تحدى المفارقات كلها وكشف عن ساق الغموض الذي تشعب العقول المقصرة ، لأنه فوق مستوى البشر ومكنون صلاحيتهم وقدراتهم المحدودة، فهو سر لايخطر على قلب بشر.
سر الزهراء (عليها السلام) ، يشمل خبر الأولين والآخرين يتعدى كونه نورا فقط ، بل هو اتساع الخلق كله بما يحتوي ، هو الختم الذي احتوى نمطا لاشبيه له على مدار هذه الحياة ، ختم حي لايعرف النوم بل اليقظة المستديمة في القلوب .
سر حاز على شمولية الصفات والأسماء الإلهية ..سرا صامتا متكلما ، مفروضا وبقوة شاءت الأقدار أم أبت ، تغيرت الأحوال أو استقرت ، ثبتت الآجال أو محيت ، سر يتكلم بكل لسان متعدد الأفق ، يسابق الزمن حيث هو الشراع الذي يهتدي به المهتدون ، جامعا مانعا لكل الصفات ، إنه السر الذي يمسك السماوات أن تقع على الأرض إلا بأذنه ..
من هنا نعرف ماقيمة هذا السر وجمال حضوره ماديا ومعنويا في العقول أو القلوب ، إنه شجرة طوبى التي من تعلق بأغصانها نجى وابتعدت عنه البلوى ، هو قطب الرحى لحركة هذا الوجود وديموميته ومصدر الإمامة وانبعاث فرجة ، هو نفخة اسرافيل عند انبلاج فجره ونصره ، وامتداد الغيب في مداهمات الفكر والمعرفة .
عجبا لهذا العمق، يأخذ بمسامع القلب عن فهم عمقه وتجلياته وأنواره في كل هذا الوجود ومابعده ..فكل خطوة من قلم وحظوة من علم لا تفي المطلوب أبدا ، وإذا بالتقصير يلف معاقل الاصبع الضعيف ليجد نفسه راكعا معترفا بقلة إدراكه وضعفه أمام هذا الخلق الدؤوب العطوف المتفاني في الله سبحانه وهو سر فاطمة الزهراء عليها صلوات الله..
لذا عدت من الشعائر الأهم ، في حياة كل شيعي موالي .. وخير مانختتم به فصل الحديث هو قول السيد الرشيد الطيب الأمين ، المرجع الكبير ، صادق الشيرازي حفظه الله ..
"كل واحد منكم ، بما يقدر وبما وهبه الله تعالى من طاقات بدنية أو مالية وبمقدار مامنحه الله من الفهم ، عليه أن لايقصر في تعظيم شعائر فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، فإن تعظيم شعائرها من تعظيم شعائر الله تعالى ورسوله والأئمة الاطهار سلام الله عليهم".
اضافةتعليق
التعليقات