قلبت البوم الصور الخاص بزفافها، هاهي ترى وجوه كثيرهةكانت حاضرة، في يوم زفافها كان الاعجاب باد على اعينهم وهم يرون ثوب زفافها الناصع البياض والذي اشترته من ارقى الماركات، کان الالبوم عاج بالتفاصیل، کل صغیرة وکبیرة تم التقاطها عبر الکاميرا الرقمیة الحدیثة حتى شمعة زواجها كان لها نصيب حيث كانت متلألئة بنورها الذي خفا وانطفأ بشكل مأساوي وفضيع..
هذه الاوراق باتت تشكل مصدر الارق والذكريات المؤلمة، جالت ببصرها بين كومة الصور الورقية المكدسة امامها هاهي ترى زوجها الذي اختارته من بين الكثيرين ممن تقدموا لخطبتها وفضلته عليهم، وكان هو سبب تعاستها وهي السبب في قتله، انها تذكر ذلك اليوم جيداً حين جاءت عائلته الغنية بسيارتها الفخمة وترجلوا امام منزلهم البسيط والمتواضع، احست بالخجل امامهم الا انها اعتبرتها فرصة العمر فقليل ممن يتقدم لها بهكذا اوصاف، قدمت شروطها فقبلوا بكل سهولة وزادوها على البيت سيارة باسمها وشهر العسل خارج البلاد، خاطبت نفسها قائلة: اي نعيم ساعيش فيه ياترى؟ ستحسدني رفيقاتي بلا شك.
تمت مراسيم الزواج بافخم القاعات وانتهت ليلة العمر بأرقى الفنادق وفي الصباح قطعت تذاكر الطيران، لم تعر اهمية لسلوكه من قبيل عدم صلاته او مفاكهته للنساء الاخريات، في الصباح جاؤوا رفاقه لتوديعه، ادخلهم لغرفته وعرّفهم عليها، اول لقاء لها كان مع صديقه المقرب الذي كان يضع يده على كتف زوجها والابتسامة تعلو وجهه..
في معظم الاوراق المبعثرة امامها، كان دائم التردد على البيت وزوجها يعدّه اخا له او اكثر ولكن.. كنت ارى في عيني ذلك الغريب الشيئ الكثير ولم اكتشف صدق حدسي الا بعد فوات الأوان..
هذه الدموع الحارة التي حفرت خدي وغيرت تقاسيم وجهي لم تعد تجدي نفعاً....
اتذكر تلك الحادثة، كل يوم اصبحت تأكل وتشرب معي واصبحت جزءا ًلايتجزأ مني، اتحدث مع نفسي احياناً والومها على مافعلت، بعض الناس ظنوا باني فقدت عقلي وياليت ذلك قد كان لكي ارتاح من هم جثم على صدري لسنوات.
كان زوجي دائم السفر حيث كان يأتي للبيت اسبوع في كل شهر نخرج فيه للتنزه او استقبال الضيوف التي كان على رأس قائمتها ذلك الصديق المفضل لديه، لم يبخل علي زوجي بشيء من الماديات ولم يكن يفرض علي قيود كثيرة اما مشاكلنا كانت قليلة او بالاحرى لم نجد وقتا كي نلتقي فيحدث سوء تفاهم بيننا او مشكلة، لم يكن له برنامج روحي او عبادي، حياته كانت عبارة عن عمل ولهو فقط، لم يكن سوى الفراغ يملأ حياتي وبالاخص اني لم ارزق بطفل، في سفراته كان يعهد بالبيت لصديقه فهو من يتكفل امر مشترياتي وحاجاتي، اصبح صديقه يمضي الوقت معي اكثر منه كان يسد الفراغ الذي تولد داخل نفسي، تطور الامر، اصبحت علاقتنا قوية، احياناً كان يشاركني وجبه الغداء وحتى العشاء، اضفى مسحة من الحياة على جدران منزلي الصامت، لم احسب للدين اي حساب وكان مجرد قشر رقيق فقدته بزواجي، كان يعلم بموعد سفر زوجي وعودته مما سهل لنا امر لقائنا، بين فترة واخرى كنت اشعر بهواجس ضميري تؤنبني ولكن زوجي كان يدس ذلك الغريب في بيتنا اكثر فأكثر غافلاً عما يجري، ودّعنا انا ورفيقه ذات يوم ورحل، جلست مع رفيقه الذي اضحى رفيقي انا بالأصح، ضحكنا وتسامرنا، اعددت كوب القهوة، اخذه من يدي وجلس بجانبي بعد ان قام بتغيير ملابس العمل وكأنه في منزله، اتكأت على صدره واحاطني بيديه شعرت بشيئ غريب يسري باعماقي، انه الحب نعم لقد احببت ذلك الشخص اكثر من زوجي وان الوقت معه يمضي اكثر جاذبية ومتعة، كلامه يؤنسني وكأن صوته هو الصوت الوحيد الذي اسمعه وصمته له جاذبية في نفسي، كنت ادس رأسي في وسادتي الحريرية لأيام وليالي كليل بلا قمر وكعصفور بلا صوت بلا ذكريات مضيئة بلا طريق للمستقبل، وبمجيئه جاء القمر والالحان والذكريات المشحونة بالمتعة والذنب کنت اردد له شعرا کنت احفظه:-يا سيد الغياب
لماذا تأتي طيفا يتعربش دالية الامنيات
ثم تمضي لتنام على شرفة الهزيع الأخير من الليل
تعال أعلمك معنى السهر
ومجون القمر
تعال اليّ
ولملم تفاصيلي المبعثرة فوق أضغاث احلام
انا يا سيدي
ما زلت طفلة بين يديك أناغي
فهدهدني بكفيك
هدهدني
لعلي استعيدني
سيدة لمساءاتك وانت سيد هذا المساء
ايها
الغائب، الحاضر..
الى ان حدث مالم يكن بالحسبان، سمعنا صوت باب الغرفة وهو يفتح واذا بزوجي الذي قد نسى اوراقه المهمة، يعود ادراجه كي يشاهد الصديق محيطا زوجته بذراعيه، سقط كوب القهوة من يدي وتناثر في الهواء كعمري الذي تلاشى في تلك اللحظات، اما زوجي كان كمن ضرب بصاعقة على ام رأسه، اخرج مسدسه لكن سبقه الصديق بطلقة نارية اردته قتيلاً، شاهدت دماء زوجي في ارجاء الغرفة هرع سائقه الذي كان بانتظاره في غرفة الضيوف، الكل كان في ذهول لم نشعر الا والاغلال تكبل يدينا والشرطة منتشره بالمكان..
خرجت من السجن بعد شهر من التحقيق اما الصديق المخلص قد اعدم جراء فعلته وبقيت انا وحيدة، تسائلت في نفسي وانا ارجع البوم الصور لمكانه لو كنت ذات دين لما حدث كل هذا ولما اخترت شخصاً لايتورع عن عرضي امام الجميع كسلعة زهيدة، ولما سمحت لاحد ان يدخل حياتي مهما كانت فارغة ولكن قد فات الاوان فاضفر بذات الدين تربت يداك.
اضافةتعليق
التعليقات