الانسان عندما تدركه المنية يوصي بأهم ما يعتقده وما يشغل باله الى من يحبهم، فكيف بامام المتقين وسيدالوصيين (عليه السلام) الذي كان كل همه في حياته هداية شيعته الى الحياة والنجاة، لذا نرى أن وصيته قبيل شهادته هي من الوصايا الخالدة، وتعتبر خلاصة المنهج الأخلاقي والديني وشملت الوصية عشرة أسطر في كتاب نهج البلاغة وقد صنفت من جملة الكتب وعددها 47[1].
هناك ملاحظتان حول هذه الوصية:
اولاً: إنّ هذه الوصية هي رسالة إلى كل الناس لذا نرى أن الامام يعبر ب(من بلغه كتابي)، ونستطيع الاستنتاج أنه لعله هناك حق في ايصال رسائل الامام وخطبه الى كافة الناس.
ثانياً: اذا دققنا نرى ان 80 بالمئة من مفاهيم هذه الوصية هي تشمل قضايا اجتماعية فالابتعاد عن الظلم، صلاح ذات البين، وكيفية التعامل مع الأيتام، ومداراة الجيران، والتواصل والتبادل والتدابر والتقاطع التي تعتبر من الأمور الاجتماعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي المقطع الأخير الابتعاد عن التنازع مع المسلمين، كل هذه الأمور هي تعتبر من عناصر العدالة الاجتماعية، فالأمر الجلي والتي نراها بصورة غامقة في نهج البلاغة وتأخذ حيزا كبيرا فيه هو محورية العدالة عند أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت هي الهدف من خلافته المباركة.
العدالة هي الكلمة التي يبحث عنها التاريخ دائماً ولم يجدها إلا في نقطة واحدة وهو سيرة أمیر المؤمنین(علیه السلام)، وهي من القضايا المهمة جداً، ومانراه اليوم مايطرح من العدل والعدالة ليست موجودة في الواقع العملي وانما هي تنظيرات موجودة في الكتب ولم تلبس لباس العمل على مستوى الدول والمجتمعات والمنظمات.
وقد تكون من أهم البحوث والدراسات التي من الممكن أن نكتبها هي هذه العدالة التي من الممكن تحقيقها كما استطاع أمير المؤمنين (عليه السلام) ان يطبقها في حكومته المباركة، ونحاول أن نسعى لتطبيقها ولو جزئيا في حياتنا اليومية من سيرته المباركة.
في معنى العدل
العدل في اللغة كما يذكره ابن فارس له معنايان: أحدُهما يدلُّ على استواء، و الآخر يدلُّ على اعوجاج[2]. ولكن يعتقد (المصطفوي) أن الأصل واحد في المادة وهو يعني توسّط بين الإفراط و التفريط بحيث لا تكون فيه زيادة و لا نقيصة، و هو الاعتدال و التقسّط الحقيقىّ[3].
في حكمة (31) يعرّف أميرالمؤمنين (عليه السلام) العدل هو كأحد دعائم الايمان حيث يقول في تعريف الإيمان: «الْإِيمَانَ بُنِيَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى الْيَقِينِ وَ الصَّبْرِ وَ الْعَدْلِ وَ الْجِهَاد.»
واما العدل في الإصطلاح ينتج العدالة الإجتماعية وهي أحد الأنظمة الاجتماعية التي من خلالها يتم تحقيق المساواة بين جميع أفراد المجتمع.
مقومات العدالة الاجتماعية
تقوم العدالة الاجتماعية على عدة مقومات أبرزها خمسة عناصر كما يذكر علماء الاجتماع وهي:
1- حفظ كرامة الانسان والمجتمع
خلق الله عزوجل الانسان ذوكرامة:« وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَم[4]»، وأميرالمؤمنين (عليه السلام) كخليفة الله على الأرض يعد حفظ كرامة الإنسان مسؤوليته ومسئولية كل انسان، في رؤيته (عليه السلام) جميع الناس لديهم حقوق متساوية ولديه كرامة بحيث لايهان أي أحد ولايضيع حق أي أحد مسلماً كان أو غير مسلم وفي مختلف الأصناف فهو انسان لافرق بين الأبيض والأسود، يقول الامام (عليه السلام) في كتاب 53 لمالك الأشتر:«وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ»
وفي قضية أخرى يقول ابن عبّاس: دخلت على أَميرالمؤمنين (عليه السلام) بذي قار وهو يخصِف نعله، فقال لي:«ما قيمة هذا النعل؟»
فقلت:«لا قيمةَ لها!»
قال(عليه السلام) :«واللهِ لَـهِيَ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ، إِلّا أَنْ أُقِيْمَ حَقَّاً، أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلاً»[5]، نعم يعد اميرالمؤمنين(عليه السلام) حفظ كرامة الإنسان الهدف من خلافته وإمرته.
2- المساواة والتوزيع العادل للثروة:
نرى أن أكثر الدول تعاني من النظام الطبقاتي بين الأفراد في المجتمع بين غني متخم أو فقير جائع، والثروة لم توزع بصورة مساوية بين الناس، لهذا نرى أنه يعيش الیوم أكثر من 815 مليون شخص كل يوم مع الجوع، و 66 مليون هم من الأطفال في سن المدرسة الابتدائية الذين يحضرون الفصول الدراسية وهم جياع، ممّا يعني أنّ واحدًا تقريبًا من بين كل تسعة أشخاص على هذه الأرض ليس لديهم ما يكفي من الغذاء. (منظمة الصحة العالمیة)
یقولون:«اليد بالماي مو مثل اليد بالنار»، هذا هو حال حکامنا الیوم الذي لایعرفون شیئاً عن حال شعوبهم ومعاناتهم وبطونهم الجائعة.
ولكن في سيرة علي(عليه السلام) المباركة يختلف الحال كما يقول الشاعر:
يُقِيمُ الحَقَّ لاَ يَرْتَابُ فِيهِ وَيَعْدِلُ فِي العِدَى وَالاَقْرَبِينَا.
بعد قتل عثمان بايع الناس الامام بالخلافة وفي اليوم الثاني قال(عليه السلام):« وَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ وَ مُلِكَ بِهِ الْإِمَاءُ لَرَدَدْتُهُ فَإنَّ فِي الْعَدْلِ سَعَةً وَ مَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَق»[6]، والمراد من ذلك انّ الامام سيرجع جميع الحقوق الى اهلها ولايبقى أحد حقه مسلوباً لأن من شيم حكومة عثمان كانت أنه يوزع ثروات الحكم على أفراد عائلته وعشيرته.
وفي قضية أخرى الامام(عليه السلام) يخاطب عماله ويحاسبهم في تقصيرهم اتجاه المسلمين حيث قال (عليه السلام):«اتّق الله وَارْدُدْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْكَ لَأُعْذِرَنَّ إِلَى اللَّهِ فِيكَ وَلَأَضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي الَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلَّا دَخَلَ النَّار»[7]، مفردات قوية وقاسية يستخدمها (عليه السلام) مع عماله فيما يتعلق بحقوق الآخرين وحقوق الرعية ك ( أمكنني ) و (لأضربنك) وهذا يعكس مدى أهمية العدالة عنده.
وفي مرة وصلته (عليه السلام) أخبار عن أحد ولاته وهو عثمان بن حنيف ـ واليه على البصرة ـ أنّه حضر مأدبة لأحد أغنياء البصرة، فخشي الإمام (عليه السلام) أن ينجذب واليه إلى هذا الشكل من الحياة، وإلى هذا النمط من الرجال؛ فينحرف عن الحقّ ويهمل قيم العدالة والمساواة، فكتب إليه رسالة مطولة جاء في أحد مقاطعهاعن نفسه الشريفة: «وَ لَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ وَ لُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ وَ نَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ وَ لَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ وَ يَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الْأَطْعِمَةِ وَ لَعَلَ بِالْحِجَازِ أَوْ بِالْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَ لَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَ حَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَ أَكْبَادٌ حَرَّى أَوْ أَكُونَ ... أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْش» [8]
و هذه الجملة تفيد عدم وجود فقير حقيقىّ في البلاد الاسلاميّة الطّويلة العريضة، أبان حكم الامام(علیه السلام)، ببركة تطبيق الاسلام، والّا لم يكن مجال لكلمة «لعلّ».
بين (عليه السلام) أن زهده في الطيبات لم يكن عن حاجة و فقر أو عجز عن تحصيلها بل لو أراد ذلك لاهتدى إليه و لوقع كل ذلك تحت يديه، إنه لم و لن يترك لهواه أن يقوده و يدفعه إلى أن يختار شيئا من هذه الأطعمة... كيف يتخير الطعام الطيب وهو يفكر في أقاصي ما يحكمه من البلاد، يفكر في الحجاز و اليمامة و غيرهما فلعل أحدا من سكانهما و سكان غيرهما لا ينال رغيف الخبز و لم يشبع منذ زمن طويل... إنه نهج فريد في تاريخ الحكام... نهج علي(علیه السلام) الذي يعيش في الدنيا مع كل فرد من أفراد الأمة... إنه يفكر في أولئك الناس الذين ربما لم يشبعوا و لم يحصلوا على رغيف يسدوا به جوعتهم... فهل يتعلم الحكام منه دروس العفة و الحفاظ على شعوبها... إنه الطمع و الجشع- الذي ينفيه الإمام عن نفسه- هو الذي يقود الحكام إلى أن يعيشوا الترف و البذخ و الإسراف دون أن يفكروا في شعوبهم و من يحكمونهم، إنه أميرالمؤمنين فيجب أن يكون أسوة لهم وقدوة يعيش الحرمان قبلهم ويعيش الحاجة قبلهم ويعيش الجوع قبل أن تجوع الأمة وهذه هي سيرته العظیمة على مدى التاريخ الذي کان يتساوي مع أضعف رعيته بل يمارس على نفسه رياضة الحرمان الإختيارية ليضرب لشعبه المثل الصالح فيصبر الفقير عند رؤيته ويتطلع إلى غد أفضل مما هو فيه.
3- مواجهة الظلم وحماية الضعيف من القوي
فالذي يتعرض للظلم هو الضعيف شخصية أو الضعيف مالاً والظالم هو القوي الذي يكون ذو مال او منصب، فعنه (عليه السلام) يقول: «أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَ قِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَ لَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَ لَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَ لَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز» [9]
فتعتبرهذه العبارة كناية عن تحمله للمسؤولية والعهد الذي عهد اليه في عالم الذر والا فالدنيا والمقام والشهرة لاتساوى عنده (عليه السلام) عفطة عنز وهو الماء الذي ينزل من أنف العنزة لدنائته وقذارته وكراهته.
كما هناك قصة لطيفة ل(سودة بنت عمارة)، وهي من راويات الحديث لأمير المؤمنين (عليه السلام) وكان لها دوراً فعالاً في حرب صفين حيث كانت تحفز الجيش بأبياتها الشعرية التي كانت تنشدها في ولاية أمير المؤمنين ضد معاوية.
بعد استشهاد أمير المؤمنين ذهبت الى معاوية لتقديم الشكوى ضد أحد الولاة الذي ولاه معاوية على مدينتهم.
فبمجرد دخولها على معاوية عرفها وقال لها:«أولست من كنت تحرضين الناس ضدي؟»
فأجابت:«نعم ولكني أتيت لغرض آخر، وهو أن بسر بن أرطاة وليته علينا فقتل رجالنا وسلب أموالنا ويظلمنا، فأتيت لأقدم الشكوى ضده فان قبلتها احترمناك، وان رفضتها كفرناك».
فأثارت بكلامها وصراحتها وشجاعتها غضب معاوية وقال لها: «أتهددينني بقولك هذا ياسودة، سأحملك على قتب أشوس ( وهو الجمل بدون محمل) فأردك له فينفذ فيك حكمه.»
فطأطأت رأسها وأنشدت هذه الأبيات:
صَلَّى الْإِلَهُ عَلَى رُوحٍ تَضَمَّنَهَا
قَبْرٌ فَأَصْبَحَ فِيهِ الْعَدْلُ مَدْفُوناً
قَدْ حَالَفَ الْحَقَّ لَا يَبْغِي بِهِ بَدَلًا
فَصَارَ بِالْحَقِّ وَ الْإِيمَانِ مَقْرُوناً.
فاستفهم منها معاوية من تقصده في أبياتها؟ فأجابته سودة: «والله هو أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، صادفني مثل موقفي هذا مع أمير المؤمنين وشكوت له أحد ولاته مع ان ظلمه كان بسيطاً وكان يريد ان يصلي بمجرد أن رآني، فانفتل من صلاته وأقبل الي برحمة ورأفة وتعطف وأخبرته بالخبر، فبكى (عليه السلام) بحرقة ثم قال: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الشَّاهِدُ عَلَيَّ وَ عَلَيْهِمْ وَ أَنِّي لَمْ آمُرْهُمْ بِظُلْمِ خَلْقِكَ وَ لَا بِتَرْكِ حَقِّك»، وفي الوقت ذاته كتب كتاباً خلع ذالك الوالي من ولايته وما ختمها بطين، للإسراع في ذلك وأرسله معي.
فعندما سمع معاوية ذلك، أحس بحرج موقفه فأمر معاوية بكتابة كتاب لها وصرفوها الى بلدها غير شاكية[10]
4- الأمن الاجتماعي
الأمن الاجتماعي هو ما يؤمن عيش الفرد في مجتمعه، فكان المجتمع يعيش أفضل حالته في زمن حكم أمير المؤمنين (عليه السلام).
فقد كان معاوية لزعزعة الأمن يقوم ببعض التكتيكات ليزرع الخوف والعنف في قلوب الناس من خلال نشر الجنود والسلاح والذي يهدف الى سحب ثقة الناس بحكم الإمام، وعندما علم الامام علي (عليه السلام) بهذا الخبر بكى بكاء شديداً وبعدها خطب قائلاً :«قَدْ بَلَغَنِي أَنَ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَ الْأُخْرَى الْمُعَاهَدَةِ (وهي غير المسلمة المسيحية أو اليهودية)، فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَ قُلْبَهَا وَ قَلَائِدَهَا وَ رِعَاثَهَا مَا تُمْنَعُ مِنْهُ إِلَّا بِالاسْتِرْجَاعِ وَ الِاسْتِرْحَامِ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ وَ لَا أُرِيقَ لَهُ دَمٌ فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً بَلْ كَانَ عِنْدِي بِهِ جَدِيرا» [11]
فالإمام (عليه السلام) يعتقد أنه يجب أن لايظلم احداً في المجتمع مسلماً كان أو غيرمسلم، ولوحدث ذلك يجدر بالانسان أن يموت أسفاً، ماهذه العدالة وأين نحن منها في مجتمعاتنا.
5- مراعاة الحقوق الاجتماعية للانسان
الامام كان حريص في المساواة حتى مع عائلته واولاده واعدائه ومع رعيته وتعتبر قانوناً عاماً وصارماً في حكومته.
يقول الامام (عليه السلام) في كتاب الى أحد عماله:«وَ اخْفِضْ لِلرَّعِيَّةِ جَنَاحَكَ وَ ابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ آسِ بَيْنَهُمْ فِي اللَّحْظَةِ وَ النَّظْرَةِ وَ الْإِشَارَةِ وَ التَّحِيَّةِ حَتَّى لَا يَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ وَ لَا يَيْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِك»[12]، في رؤية الامام يجب المساواة حتى في النظرة والاشارة فكيف بأمور أعلى مرتبة كالحقوق والأخلاق.
وكذلك عندما ضرب ابن ملجم أميرالمؤمنين(عليه السلام) والإمام كان في فراش الشهادة يلوج بألمه، كانت أحد توكيداته ان يراعوا قاتله في التعامل وفي طعامه وبقية اموره حيث قال: «أَطْعِمُوهُ وَ اسْقُوهُ وَ أَحْسِنُوا إِسَارَهُ»[13]، فالحقوق الاجتماعية كان يتم تأكيدها من قبله (عليه السلام) حتى في صغائر الأمور وأدقها.
وسؤال لابد من طرحه ماذا هو دورنا من هذه السيرة المباركة ومن هذه العدالة المثالية؟ وكيف نطبقها في حياتنا؟
الخطوة الاولى لذلك هي تطبيقها في جانب الفردي من خلال تغيير طريقة التفكير والأفكار التي نحملها، و من ثم نحاول تطبيق هذا التغيير في السلوك.
الخطوة الثانية هو تطبيقها في جانب الاجتماعي على مستوى العائلة مع الوالدين والأولاد وعدم ظلمهم حتى في نبرة الصوت أو طريقة النظرة.
ونختم حديثنا بكلام الامام (عليه السلام) مع كميل:
«يَا كُمَيْلُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه واله) أَدَّبَهُ اللَّهُ وَ هُوَ أَدَّبَنِي وَ أَنَا أُؤَدِّبُ الْمُؤْمِنِينَ وَ أُوَرِّثُ الْآدَابَ الْمُكْرَمِين». [14]
يا مولانا أمير المؤمنين أدبنا كما كنت أنت وأورثنا ما تحب أن ترى من الآداب في شيعتك ووفقنا السير على منهجك الشريف.
-------------------------------------------------------------------
اضافةتعليق
التعليقات