كثيرا مايتكرر امامها مشهد الرحيل،
نعم ليلتها بحثت عن ملجأ هادئ أو مكان آمن تهرع إليه لتفرغ دموعها واحزانها..
وقتها تاهت مراكبها في اهات شريرة..
واشتد سواد ليلها وباتت بمنأى عن أي رجاء بأحلام سعيدة،
أو تفاؤل بأيام جديدة، حتى ولو كانت بعيدة، تتعهده بقراءة القران، هو كل ماتريد كي تعتاد الرحيل ويأنس هو ايضا، تحدثه تشكو هموم البعد، يقفون امام اخر نفس يعيد لها الحياة لأعذار واهية، يريدون ارضاء الناس على حساب وجعها وآلامها، لا تحتمل البعد.. هم يعلمون، ان بعده يعني موتها ويتعمدون قتلها.. يكفيها رحيل شخصه.
هربا منهم ودون ان يراها احد تفرغ دموعها على عتبة بيته الجديد، الذي يخلو من ضحكاتهم، جلست على الارض تبكي حتى ارتوى تراب القبر من سيل دموعها، شعرت بالارتياح عند اللقاء، لا تريد العودة الى سجن تقاليدهم، لو لا الليل الذي بدا يلوح بالأفق ويلقي بجسده على السماء.
تتقدم خطوة وترجع اخرى كانت تعلم انها ستتعرض للكلام الجارح والشتائم ولعله الضرب ان تأخرت اكثر من اقرب الناس لها، ولكنها لم تستطع ان تمكث اكثر في سجن اعراف وتقاليد ليس لها قلب ولا ترحم قلوب منكسرة.
رجعت الى مصرعها الذي يأكل قلبها امام عينها..
ان نظراتها وتوسلاتها لم تغير شيئا..
وعزف الكلام الجارح على قلبها لحن القسوة والظلم، ولم تستطع توسلات امها ولا شتائمها بعد ذلك ان تفعل شيئا او توقف ذاك الهجوم الوحشي الذي استمر طويلا، كانت تلك الدقائق كالسنين على قلبها، لم تتجاوز قانون السماء ولا قانون الارض انما تجاوزت قانون تقاليدهم التي لايرضى بها عاقل.
قررت ان تتكلم ان تقف بوجه الظلم صرخت: انا لست صغيرة، ولست جاهلة بحكم السماء اقرأوا القران، اسألوا العلماء مالذي يحرم على المتوفى عنها زوجها.
هربا من الحزن ابحث عنه بوجوه الأخرين، ترى هل هناك احد يشبه ذاك الطيف السعيد الذي اخذني وطار بي وانا بعمر الزهور، لاجدوى فقد رحل، لم ارحل بعيدا كما فعل، فقط جلست عنده أقرأ القران، لعلي اعتاد الرحيل.
ضاقت بي الدنيا هربت اليه، جلست اشكو له لوعة الليل من دونه، ومرارة العيش من بعده، لم ترحموا ثكلي به، وحزني عليه، ووحدتي من بعده، احدّثه ترى هل في قبره متسع ان اضطجع الى جانبه؟ لأرتاح من قسوة العيش من دونه.
في قلبي حزن اسود يقهقه بصوت عالٍ يقتلني، يكاد يجزم ان الفجر لن يطلع ولن تشرق الشمس من بعده ابدا، حزن يباغتني في كل لحظة اردت ان اشم فيها نسمات الهواء،
ألم الفراق يكاد يخنقني في كل يوم وليلة،
وأطيل النظر بصورته التي تؤنس وحشتي في سجن محاط بأربع جدران، عيني ساهرة تأبى الرقاد في كل ليلة فأنا لا ارى غيره، اتذكر جيدا تفاصيل عيشي معه كان كالحلم السعيد وانتهى،
رفقا بي لعلي اعتاد الرحيل.
رغم كل التقدم والتطور الذي حصل في جميع المجتمعات المتأخرة ماتزال المرأة تعاني كبت الحرية وقتل الرأي والتهميش والمضايقة وسيطرة التقاليد العشائرية عليها.
تختلف اساليب التعامل معها بحسب البيئة والمجتمع الذي تعيش فيه..
اليوم وفي مجتمعات ليست ببعيدة عنا، تتحكم بالمرأة اعراف وتقاليد ماانزل الله بها من سلطان حيث تحكم التقاليد على المراة المتوفى عنها زوجها السبات في الدار الى ان يمر على وفاة زوجها عام على الاقل حتى انها تمنع من زيارة قبره، فضلا عن الحكم بلبس السواد مدا الحياة بينما الاية الصريحة في القران تقول العدة اربعة اشهر وعشرة ايام،
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(234) يتجاهلون حكم القران ويمنعون المرأة
من الخروج من البيت نهائيا، الا اذا اضطرت لمراجعة طبيب لغرض المعالجة في حالات المرض الشديد، فهي تدخل في السواد من قمة رأسها الى اخمص قدميها، مع التأكيد على تغطية وجهها ببرقع سميك، ومع مراعاة عدم الكلام.
وتحكم التقاليد العشائرية على المرأة (المعتدة) ان تجلس في احدى غرف البيت المنعزلة، وتطفىء انوار الغرفة وتلبس الملابس السود، ويمنع دخول اي رجل او شاب، او حتى طفل، عليها عدا محارمها وتجلس في الغرفة صامتة لا تتكلم، توجه افراد البيت عند الضرورة بأشارات من يدها، واذا ما اضطرت الى الكلام ، تكلمت بصوت خافت لئلا يسمع صوتها أحد.
وتحكم عليها التقاليد عدم النظر الى المرآة لاي سبب كان،
وتبتعد عن استخدام اية مادة تسميتها مذكرا، مثل (الابريق)وغيرها واستخدام البدائل،
وتمنع من رؤية المرأة الحامل، خوفا من ان يكون الطفل الذي في بطنها ذكرا.
لايجوزون لها النظر الى صورة لرجل، عدا محارمها، بل وحتى يحرمون عليها النظر للتلفاز،
والكثير من المحرمات التي حكمت بها تقاليد بدوية جاهلية بعيدة عن الدين ولا تمت له بصلة ولا ترضي عاقل، يجبرون المرأة في ايام عدتها على زوجها ان تجتنبها النساء
مع ان المرأة في ذاك الحال
احوج ماتكون الى انتشالها من الحزن وتصبيرها على محنتها واخراجها من الوحدة.
مايحرم على المتوفى عنها زوجها في ايام العدة على رأي سماحة السيد صادق الحسيني الشيرازي (اعلى الله درجاته)،
يحرم على المرأة المعتدة بعدة الوفاة ان تلبس ثياب الزينة كما يحرم عليها الاكتحال وكل ما يعتبر زينة.
اضافةتعليق
التعليقات