وضعت الأنظمة والقوانين لغايات عدة أولها تنظيم حياة الناس وعمل المؤسسات لبناء الدولة اجتماعيا واقتصاديا، ويوازي هذا الدور حسن التطبيق من خلال ثقافة احترام القانون الذي يعد معيارا لتحضر المجتمعات، ويأتي دور الرؤوس المتنفذة إذا كانت ذات عقول ناضجة يعلو طموحها لخدمة البلد على الطموحات الشخصية والمطامع النفسية وأول من تطبق القانون الذي تشرعه ايمانا به، غدت البلدان عامرة معمرة، يقل فيها الفساد ويعيش أبنائها في ترفٍ وحسن الحال تحت مظلة القانون.
والحديث طويل عن القوانين التي تحفظ حقوق المواطن وتنظم سلوكه في الصغيرة والكبيرة، فلكل بلدٍ نواميسه وقوانينه وقد وصل الحد بقوانين يجدها البعض غريبة وصارمة وغير معقولة ولكن حب البلد هو الدافع الكبير لتشريع مثل هكذا قوانين يسري تطبيقها على الجميع بغض النظر إن كانت بالغة الأهمية أو لا، والأمثلة كثيرة منها القانون الذي شرعته دولة سنغافورة لمنع العلك وتم وقف استيراد العلكة نهائيا، وطبق القانون بحذافيره وخضع له الجميع، وتعود أسباب هذا القانون لما تسببه العلكة من تكلفة في نظافة الأماكن العمومية.
ومهما كانت الأضرار التي تسببها العلكة فهي لا تضاهى الأضرار والمشاكل والمخاطر التي يواجهها العراقي الذي يعاني من ضعف القوانين وعدم تطبيقها منذ عقود، ووصل الحد به إلى فقدان أبسط حقوقه وهو حق العمل حين استقدم أصحاب النفوس الضعيفة والذين جل همهم زيادة دولاراتهم العمالة الآسيوية ليسرقوا فرصة العامل العراقي ويبقى الشاب عاطل عن العمل ليكون لقمة سائغة للمخدرات والكسل والانحراف أمام أنظار المسئولين وأصحاب الكراسي المشرعون الذين لا يلتزمون بقوانينهم و"يكيلون بمكيالين" يدعون الشرف والفضيلة وهم أول من يخون البلد ويسرق حقوق البسطاء.
وهي إحدى الصعوبات المضافة على العامل الفقير الذي لم يوفر له بلده فرصة عمل، بسبب الفساد وسوء الإدارة.
والعمالة الآسيوية انتشرت في الآونة الأخيرة وأعدادهم تتزايد بشكل ملحوظ ، وزارة العمل تقول إنها سجلت أكثر من مائة ألف عامل أجنبي في العراق صادرة لهم سمات دخول خلال عامي 2017 و2018 في حين سجلت 13 ألف عامل عراقي فقط ضمن الشركات التي منحت أجازة عمل.
فهم يعملون في المراكز التجارية والفنادق والمطاعم ومؤسسات القطاع الخاص وسوبر ماركت حتى في ساحات غسل السيارات والمحلات الصغيرة في المناطق الشعبية، وأرباب العمل يتعاقدون معهم بسبب الالتزام والانضباط في العمل.
والسؤال الذي بحت أصوات العاطلين والفقراء عليه، كيف دخل هذا العدد الكبير، علما إن الإجازة تصدر من وزير العمل حصرا وإذا كان دخولهم مخالف للقانون ولا شرعية لهم، فأين الرقابة، وأين ذهب المسؤولين الذين يطبقون عليهم القانون ويمنعوهم؟!. ومن يدير مكاتب العمالة الآسيوية، ومن هم الذين يحمون أصحاب المكاتب؟. وأين الحكومة من كل هذا الظلم الذي يعاني منه الشباب؟.
أليس الحل الأمثل والأنجع قيام الدولة بعملية توعوية تتضمن دورات وورش وبرامج تساهم بها جميع الجهات من أجل تعزيز مكانة العمل عند الشباب وترسيخها في أذهانهم وتنمية إحساسهم بأهمية النجاح والعمل والتفوق، وتوعيتهم بأهمية المكانة الاجتماعية لكل فرد ومعرفة فوائدها المعنوية والجسدية والمالية، وتوفير فرص عمل لهم ومعرفة حقوقهم وما لهم وما عليهم، بدل من استقدام العمالة وزيادة البطالة..
اضافةتعليق
التعليقات