تُعدّ البطالة من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تهدّد استقرار المجتمعات وتُضعف بنيتها الأخلاقية والاقتصادية. فهي ليست مجرّد فقدان للوظيفة، بل مشكلة معقدة تفرز عنها أمراض نفسية، وجرائم أخلاقية، ومظاهر من الانحراف، والفراغ، والكسل، والضياع، مما يجعلها بيئة خصبة للرذائل والانحلال.
والغريب أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الدول الفقيرة أو النامية فقط، بل باتت تنتشر حتى في المجتمعات الغنية، الأمر الذي يكشف خللاً عميقاً في النظام العالمي القائم على التمييز، واحتكار الفرص، وتعقيد شروط العمل.
وفي المجتمعات الإسلامية، ورغم تعاليم الإسلام التي تُشدد على أهمية العمل وكرامته، ورغم النصوص التي تحثّ على الكسب الحلال وتنهى عن الكسل والبطالة، إلا أنّ هذه الظاهرة ما زالت قائمة، بل ومتصاعدة. ويعود ذلك إلى سياسات غير إسلامية تتحكم في إدارة البلاد، حيث تُفرض قيود معقّدة على حرية العمل، وتُثقل كاهل الناس بالضرائب، وتُميّز بين الأفراد على أساس الجنسيات والانتماءات، وتمنع الكثير من الفئات من الوصول إلى فرص العيش الكريم.
أما في عصر الإمام المهدي (عج)، فإن العالم سيشهد تحوّلاً جذرياً في نظامه الاجتماعي والاقتصادي، فالإمام سيقيم حكومة قائمة على العدل المطلق، والرحمة، والمساواة الحقيقية بين البشر. ستُرفع كل الحواجز المصطنعة بين الناس، وتُلغى الفوارق الطبقية، وتُمنح حرية العمل والسفر والتجارة للجميع، دون تمييز في جنسية أو عِرق أو لغة.
الإمام المهدي (عج) لا يُعالِج البطالة من ظاهرها فقط، بل يقتلع جذورها من الأساس. فهو لا يمنح الناس المال فحسب، بل يُعيد بناء منظومة العمل، ويجعل من النشاط الاقتصادي واجباً ومصدر كرامة. وتزدهر الأرض ببركة عدله، وتُفتح الأرزاق، ويُعمَّر الكون بالجهود المتضافرة من المؤمنين، فيعيش الناس حالة من الكفاية والغنى، وتنقرض البطالة كما ينقرض الظلم.
وقد قال أمير المؤمنين (ع): "الناس صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق"، وهي قاعدة جوهرية في فكر الإمام المهدي، إذ لا مكان للتمييز أو الإقصاء، والجميع سواسية في فرص العيش والعمل. فبظهوره، ستتحول البطالة إلى ذكرى من الماضي، ويُعاد للإنسان كرامته، ويصبح العمل عبادة تُقرّب إلى الله وتُعمّر الأرض.
اضافةتعليق
التعليقات