للمرأة العراقية دور كبير في ازدهار المجتمع وتقدمه، وبعدما عانت من دمار الحروب والظروف الاقتصادية التي مر بها العراق والى يومنا هذا مازالت تقاتل مع الرجال في معركة الوطن والرزق، وقدمت الغالي والنفيس من اجل ان توفر لقمة عيش كريمة لأولادها.
ليس كل النساء يملكن الشهادة الجامعية، او اقل ما يمكن ان تتوفر في ظروفها الشهادة الثانوية، في ذلك الزمان كانت المدارس والجامعات ليست بهذه السهولة، من حيث صعوبة التنقل، وعدم توفر المادة، والقوانين التي كانت تفرض على الطالب، مما اضطرت المرأة العراقية ان تمارس بعض المهن الشعبية التراثية لمساعدة اسرتها.
ومن اهم المهن الشعبية التي مارستها ولازالت تمارس الى يومنا هذا في اغلب البيوت العراقية، منها؛ مهنة (الخبازة) فكانت تعرف المرأة العراقية بصناعة الخبز (الصاج والعروك)، قبل انتشار افران الصمون والمخابز الجاهزة والكهربائية، حيث تقوم الخبازة بإعداد العجين وتحضير النار، نوعان من الافران كانت تستخدم كالطين والغاز، ثم تقوم ببيعه على الجيران وابناء المحلة، وتختلف النساء في اعداد العجين منهن من يضع السمسم وحبة البركة وصنعه بأشكال مختلفة، وبعض المناطق يضعون السكر، تعرض جسدها لحرارة النار المرتفعة وفي الصيف الحار تضرب العجين براحة يديها وكأنها تضرب الحرام براحة الحلال، وتخرج من النار رزقها المبارك.
في صدد هذا الموضوع شاركت (بشرى حياة) مجموعة من النساء اللاتي اشتهرن بمهنة الخبازة، وللاطلاع على تفاصيل هذه المهنة ونقلها لكم..
تقول ام حامد (خبازة) المنطقة: تعلمت الخبز وانا صغيرة، بعد زواجي اجبرتني عمتي على اعداد الخبز كل يوم، انجبت اربعة اولاد واستشهد زوجي، مما جعلني مكسورة الجناح واحتاج الى من يساعدني ويوفر لأطفالي احتياجاتهم، انتظرت من يتصدق على اطفالي، بملابس العيد، وتجهيزات المدرسة، لا املك شهادة توظيف ولست من ذوي الخبرة، فكل ما اعرفه هو صناعة الخبز بكل انوعه، طلبت من الجيران ان يشتروا لي (تنور) ويستقطعون المبلغ من الخبز، قدموا لي (التنور) مع اربعة اكياس طحين، واول مرة خبزت في التنور كان يوم الاربعين، خبزت (60) كسرة خبز ووزعتها باسم الامام الحسين (عليه السلام) لزوار قبره الشريف، وببركة الحسين اعيش، ابيع الخبز على اهل المنطقة والاجر اليومي هو( 5000) فاليوم الذي لا اخبز فيه لا احصل فيه على أجرة والرزق بيد الله.
و ترى (شكرية) انها لا يمكنها التخلي عن مهنتها كخبازة، رغم حالتها الصحية التي اصبحت سيئة جدا بسبب حرارة النار، وترفض ان تتركها خوفا من الجوع واستعطاء المال من الاخرين بطريقة الصدقة او العطف، تقف ساعات طويلة خلف التنور لتوفر المال الحلال لعائلتها المكونة من اب مريض وثلاثة اخوان، واما عن حالتها فهي عزباء، تجد من الصعوبة ان تتزوج وتترك اخوانها ووالدها المصاب بمرض (الفشل الكلوي).
(دنيا)، صغيرة في العمر لكن خبرتها تعادل عمرها، تصنع المعجنات، والخبز بكافة انواعه، تعرض معجناتها في مواقع التواصل الاجتماعي، وبأسعار مناسبة جدا، حالتها المادية جيدة، تمارس الخبز من اجل هوايتها لا من اجل المال، لذلك فهي سعيدة جدا بوصفاتها وبما تقوم به.
من جانبها قالت الباحثة الاجتماعية "فاطمة جاسم" في هذا الموضوع: في السابق كان من شرط الزواج ان تعرف المرأة الطبخ وصناعة الخبز، وصناعة الالبان، ويعتبرها اهل المدينة اعمال شاقة وغير حضارية في هذا التطور، لكن بعض النساء رفضت هذا التطور وبقيت تمارس هذه المهن بين عائلتها، وبسبب الظروف الاقتصادية السيئة اجبرت النساء من الاسر الفقيرة على جعلها باب رزق، يسترزقون بها من حولهم، في المقابل يجهل المجتمع قيمة هذه الشريحة من النساء، ويتعامل معها بدونية ويطلق عليها اسم (الخبازة) وان كان عندها فيقولون (فلان ابن الخبازة)، او جاءت الخبازة، هذه الكلمات نطلقها من دون أي تفكير، الافضل ان نتعامل معها بطريقة جيدة ونراعي مشاعرها لأنها طرقت باب الحلال، ولم تجعل من الفقر ذريعة لفعل الحرام، نشجعها ونقدم لها المساعدة من خلال شراء الخبز، او دفع ايجار اسطوانة الغاز، لعلها تكون حسنة تنفعنا في اخرتنا، فطلب الحلال جهاد بمعنى الكلمة، ومن المحزن ان ترى سيدة كبيرة في العمر احدودب ظهرها بسبب الفقر وبعدها تعيش على الرضا بما قسمه الله وان كان قليلا.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من وجد كسرة ، فأكلها (كان له حسنة)، ومن وجدها في قذر، فغسلها، ثم رفعها كان له سبعون حسنة.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اياكم ان تشموا الخبز كما يشمه السباع، فإن الخبز مبارك، ارسل الله له السماء مدرارا، وله انبت الله المرعى.
وعن ابو الحسن الرضا (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صغروا رغفانكم، فإن مع كل رغيف بركة.
صناعة الخبز في التاريخ
ولقد أعطى المصريون أهمية كبيرة لعملية جمع الحبوب نظراً لوجود ثلاثة أقسام للتقويم السنوي، (الفيضانات) (الزراعة) (الجمع)، إن تفاني القدماء المصريين في إعداد الخبز جعلهم يُلقبون "بأكلة الخبز"، في بعض الأحيان كان الخبز يُعتبر أكثر من مجرد غذاء، فكان المزارعون يحصلون على مرتباتهم في صورة عدد معين من أرغفة الخبز والجعة (ثلاث أرغفة وإبريقين من الجعة).
و كان أبناء سومر يصنعون الخبز ويضعون العجين في حفرة بها الرماد والنيران وكانوا يراقبونه إلى أن يُطهى وهكذا ظهرت إحدى الاختراعات المصرية وهي الفرن، والذي كان دوره هو إكمال آخر خطوات إعداد الخبز، وظهر الخبز مرسوماً على جدران مقبرة رمسيس الثالث (دامت فترة حكمه ثلاثين عاماً).
تظهر في هذه الصور التوضيحية كيفية عمل المخابز وكيف كانوا يعدون العجين بأيديهم وأقدامهم وكيف كانوا يعتنون بشكل خاص بشكل أرغفة الخبز، القدماء المصريون هم أول من نصب الأفران مخروطية الشكل المصنوعة من الطوب (من الطين) وكانت تتكون من جزئين: في الأسفل تُشعل النيران وفي الأعلى يُطهى الخبز. في هذا الفرن كانوا يطهون أكثر من رغيف خبز في نفس الوقت.
فلقد اكتشفوا أثناء عصر ما قبل الأسرات (بين 4000- 3500 ق.م.) بعض أنواع الخميرة التي كانت تُستخدم في إعداد الجعة، مثلما هو الحال في نخن وهو الأمر الذي تم اكتشافه عن طريق التحليل الكيميائي الذي أُجري لبعض البقايا الموجودة في أوعية التخمير التي أشارت إلى ذاك التاريخ، هناك إجماع عام من المؤرخين على أن الإنسان بدأ يأكل الخبز منذ أكثر من 10 الاف سنة قبل الميلاد، وكان المصريون يصنعون الخبز بأشكال مختلفة.
عصر الخبازين
خلال الفترة بين القرنين الخامس والعاشر الميلاديين ظلت صناعة الخبز لقرون عدة معتمدة على ربات البيوت اللاتي كن يخبزن للملوك والأمراء، وتعلم الإيطاليون من الإغريق صناعة الخبز، حيث كان لديهم 50 نوعاً من الخبز، حيث اكتشفوا طريقة متقدمة لطحن الحبوب.
ويؤكد المؤرخون بأن قدماء المصريين تعلموا صنع خميرة الخبز في نحو عام 2600 ق.م. أما قدماء الإغريق، فتعلموا عمل الخبز من المصريين وقاموا بدورهم، وظل معظم الناس ولمئات السنين يتناولون الخبز المعد من الدقيق الكامل أو الأسمر أو أنواعًا أخرى من خبز الحبوب الكامل وكان سعر دقيق القمح الأبيض الكامل مرتفعًا بشكل كبير، حيث كان طحنه يستغرق ساعات طويلة من العمل اليدوي وخلال نهاية القرن التاسع عشر، طوّر أصحاب المطاحن آلات لطحن الدقيق الأبيض بثمن زهيد، وبحلول القرن العشرين، أصبح الخبز الأبيض غذاءً شائعًا.
اضافةتعليق
التعليقات