قال تعالى: {وَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(التحريم:١١)، عندما يضرب الله تعالى لنا في كتابه الكريم مثلًا فإن غاية من غاياته هو الانتفاع من ذلك المثل وأخذ الدروس والعِبر، وفي هذا المثل ثلاثة دروس لو تمثلناها لحصلنا من الخير والاستقامة الشيء الكثير وخاصة كنساء: الدرس الأول: المرأة والرجوع إلى الفطرة أول ما تحدثت عنه الآية -كما يعبر أهل الفضل- هو" إنها تحدثت عن حاجة فطرية عند كل امراة مؤمنة وهي أن يكون لها بيت"، وفي هذا البيت مقومين [ايمان + امان]، لذا زوجة فرعون عندما حصلت على بيت لكنه خالٍ من هذين المقومين تخلت عنه ورفضته، ولكن لم تتخلى عن هذه الحاجة بل كانت أول ما طلبته من ربها {إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} اي إن لم يكن هنا هذا البيت في عالم الدنيا، فليكن هناك في الدار الأخرى. وهذا درس مهم إن بناء أسرة في بيت ملؤه الأمان والإيمان هو حاجة لا يمكن أن تستغني عنها أي امرأة لازالت تعيش بفطرتها السليمة، فهي أمر أساسي وله الأولوية في حياتها وغاية من غايات وجودها الإنساني. الدرس الثاني: أثر وتأثير الأزواج على نجاة بعضهما الملفت إنها بعد ذلك طلبت النجاة من فرعون كشخص ومن ثم منه كعمل، وكأن في ذلك إشارة إلى مدى تأثير الزوج على زوجته في تغيير معتقداتها وما تؤمن به، ففرعون كان زوج قبل أن يكون الحاكم ذو الملك عليها، فهو كزوج بذاته مؤثر، وهو بعمله كحاكم طاغي وظالم مؤثر ايضًا، وفي ذلك درس قرآني عظيم لنجاة المرأة كزوجة وفرصة لأن تنجي الزوج بمقدار ما تتمكن وتستطيع. فالمرأة المؤمنة مهما كانت ثقتها بتدين او درجة إيمان زوجها وسلامة معتقداته لكن لابد ألا تُسلم لكل ما يقوله ويتبناه ويعتقده ويعمله بل عليها أن تراجع وتدقق، وتراقب وتتفحص فتقوم بتنبيه عند الحاجة ، تصحح له عند الخطأ، توقظه عند أي غفلة. فكثير من المؤمنين الذين تزل أقدامهم وتنحرف بوصلة معتقداتهم وتسود صحائف أعمالهم بالخطايا لوجود هذا الفراغ الذي لم تسده الزوجة في حياته- بشكل خاص إن كان ذو زوجة ورفيق نصوح بشكل عام- لذا مهم جدًا ألا تستهين المؤمنة بتأثير استقامتها على استقامة زوجها فتكون له الناصح المشفق ولا تهمل هذا التكليف في حياتها الزوجية. فلو أن امرأة فرعون فقط لارتباطها بفرعون كزوج أطاعته ووثقت وسلمت لما يعتقده لكان مصيرها إنها تكون في زمرته، ولكنها لم تكن كذلك بل بينت له ولأنه بقي على طغيانه وظلمه لنفسه هي اختارت ألا تطيعه، لذا نجت وضربها تعالى مثل للمؤمنين والمؤمنات. الدرس الثالث: التبرؤ من المجتمع الظالم منجي ثم طلبت النجاة مرة أخرى ولكن ليس من ألا تُظلم من قومها بل من ألا تكون [من] ومن ثم [مع] القوم الظالمين، أي طلبت النجاة من ألا تكن [منهم] في أعمالهم حتى لا تكن [معهم] في جزائهم، وهذا الدعاء جدًا مهم لتحصين الإنسان، وذلك بتحقيق التبري من الظالمين وأفعال الظالمين أيًا كانوا ومن كانوا في درجة قرابتهم منا.
اضافةتعليق
التعليقات