عندما تشتد الابتلاءات على الانسان، وتفتح طاقة من الفرج صغيرة، تعلو الابتسامات في مزيج من الآلام والجهود المضنية، وراء شيء لا يدركه الإنسان سوى أنها محنة ليشتد ساعده، ويقوى في مواجهة الحياة.
إن الطبيعة البشرية للانسان السوي، تجعله يتآلف مع الناس، وكل موجودات الطبيعة بفرح وسعادة، إذا ما تحقق مراده، وسعى لتحقيق أفراح آنيّة، هي رصيده في مملكة الوجود..
تُرى أي انسان يسعى سوى انسان مجدٍّ متعب أرهقته المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. يرى في كتاب الله ملاذه وقوته وشدته، وفي الدعاء إليه سبحانه يجد طمأنينة وثقة بخيارات رب السماوات.
وفي سيرة النبلاء مرتعا لجميل الصنع، وحكمة ممن سبقوه، وحدائق غنّاء لزهور تجعله في مقابل الكآبة فرِحَاً.. والتعب راحة.. والبكاء سرورا وانشراحا.
تسائلني الحياة.. وأجعل نصيبها من الحساب شديدا، حين أقدّم لها كل ما تحتاجه من قيم وخلق ومعاملة الشيء الكثير.. ولا تقدّم لي ما أحتاجه، أو أبسط من الاحتياج، وعندما تضربني موجة من الحضور القدسي، أشعر أني أحتاج أن أُحاسَب، لا أحاسِب حينها تسقط كل أشرعة ربّان السفينة، وأقرّر أن تكون السفينة وبحرها متنزها، وسياحة استجمام للمتعة والسرور ليس إلّا.
إنّ لبلوغ الإنسان في سن الرشد، يدفعه لتقويم سلوكه، وكم هو صعب كانتزاع غرض من يدي طفل متشبث به يألفه، كحالة الفطام عن الأم.. تجعله هذا الراشد المتأخر محط سخرية الآخرين، ومثار شفقتهم، وتضعضع شخصيته صفة تطاله، فيهدّؤون من روعه، ولا يملكون إلا هذا الأمر، ليسير المركب في رحلة الحياة وشدتها بهدوء ورويّة.
ونحن في رحلة الحياة ومعاناتها وابتلاءاتها، نسجل معاناة سنين من العمر، في انتظارٍ ايجابيٍ فاعل، لفرج الله الذي يحوطنا دائما برعاية، رغم كل الأشواق والجراح.
أسائل نفسي وأسائل من حولي: ما هو فرحكم؟ أي شدة تكونون بها وتنتظرون حلولها؟ لتكونوا أسعد من ذي قبل، وأكثر راحة، وأقل أوجاعا، وسلامة في دين ودنيا، وتفاجئنا الحياة بأجوبة.. لا تنطق.. فترينا اياها بقسوة وشدة لم ننتظرها، فلنكن خير أمة أُخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونسارع إلى الخيرات، ولا تأخذنا في الله لومة لائم.
لايكون هذا القوام إلا من بعد التعاون على البر والتقوى، واجتناب الإثم والعدوان.. فلنشكّل تلك المدينة الفاضلة التي دعا إليها كبار العلماء من الفلاسفة، في عهد روما القديم كأرسطو وأفلاطون .. إلّا أنّ الله عزوجل قد كرّمنا بنبيّه، ورسالته التي جاء بها داعيا إلى دولة كريمة، تكون منبرا حرا إذا ما تمسّكنا بالكتاب والعترة، فنكون بحق قد صنعنا المدينة التي نستحق أن نكون من أبنائها وبُناتها.
اضافةتعليق
التعليقات