يا فاطِمَةُ اشفَعِي لِي فِي الجنة فَإِنَّ لَكِ عِندَ اللهِ شَأناً مِنَ الشَّأنِ …
يامن تملكين شفاعة الدارين، وشأن التكوين امنحي الوجود قدرة وسناء حتى تتوارد علينا سحب الرحمة تصديقا ونفحة لتستوي نوايانا، وتزدهر معارفنا ضياء .
قلوبنا أضحت قوقعة ازدراء لا تتحمل بُعد الشفاء .العمر قصير، ودعوات الغيب أمنية يعتنيها الوافد المحب لأهل السماء.. ويعتليها اسمكم وشخصكم وأنوار قدس العلا، لتكفي ساحة الموالاة فكر وصفاء .
منك نتعلم، كيف يكون الانتظار صبر، والايمان جبر للخواطر، وإن الكتاب مذهب يصلي لأجله من في السماء …
وقد لبستِ ثوب الرهبانية، وعلمت جملة النساء معنى العزوف عن مبتغى حاجة التأهيل، وبيت نفسكِ رحلة طويلة يتباهى بها أهل الولاء .
فاطمة المعصومة، قلب ينزف بالعطاء لدار الولاية وحديث التصديق لغدير البيعة وقد أدنانا منك حب لا يشابهه فعل أو نبض حتى كنتِ سيدتي شعار لكل النساء .
أمك البتول فاطمة لقبت بالزهراء، وكنتِ أنتِ ممن خلدهم التأريخ بالعصمة والتقوى، وقد أحرزتْ شخوص مفرداتكِ أن لُقبتِ بالمعصومة، لأنك أهل لذلك بما جادت عليه نفسك الشريفة الطاهرة، وبشهادة المعصومين الأوفياء .
قال الامام الرضا (عليه السلام) :
« من زار المعصومة في قم كان كمن زارني ».
أجل ، فأقدامك معبد للعلم باتت ، ولحدك مأوى الشرفاء ، وقد أسستِ مدارس الآل ، منها يرتوي الجاد ، وصادق الفعال .
وأعتابك يقبلها كل عزيز وذليل ، على مدى الدهر وصدى الأجيال ، فالقبر دائما خالد والبيت زائل لامحال.
ملّكتْكٍ أفواه العناية غيبا ، شهادة الكبير المتعال ، في أن ضريحك روضة من رياض الجنة ، وهو ضمان لمن اعتنق الرحال إلى قبرك المبارك.
عن الامام الصادق (عليه السلام) قال :
«إنّ لله حرماً وهو مكة، وإنّ للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين (عليه السلام) حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمي فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة».
جهاد نفس ، ملكة علم ، واستصغار لمواقف الأدعياء، والمعرفة في داركِ أمر مبرم لا يهاب سؤال أو استفهام حتى كتب برعم إبهامك جواب عاقل وبمستوى الذكاء .
عاش على أطلال البوح كثير من مبادراتك القيمة، تكتبين لفقير الفكر من غنى قناعاتك النيرة، فأشرقت علومك صادقة صدّيقة لا تعرف إلا العطاء ، لأنك أنتِ الكريمة السمحاء .
وقد أطلقه عليها الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في قصة طويلة لبعض السادة ممن حظي بلقاءه، وقال له: «عليك بكريمة أهل البيت» مشيراً إلى هذه السيدة الجليلة.
قد سجدت لك كلمات الفصول لتغذي بها أمة جدك محمد (صلوات الله عليه وآله وسلم) من حبر معارفكِ وقوتكِ ولسانكِ الذاكر لله .
سبحان الله، أن يكون الكفر قد أراد بكِ كيدا، وأن الله موهن كيد الكافرين في السراء والضراء، لم يكن في طي الرواية كفؤ لذكر كل مآثرك، وأمر التسليم لله أن تنفرد بك العناية الإلهية لتكوني قدوة وسيدة بعد أمك الزهراء .
هل هو الشكر الذي أطراك من غيبه وقد تركتِ كل الوجود وتابعتْ مفاصلك حب الوصاية أخيكِ الامام الرضا (عليه السلام) لتلهمي الخير بأتباعكِ إياه وتستلهمي جمال صمتك وصبرك لأجل العقيدة الغراء.
إنها رحلة الشرف من دار الولادة أن وهبك الله سبحانه لتكوني رداءً للخليفة وإمام الشفاعة، ف تجردت أفعالك من الخصوصية ووهبتِ المعارف وترا خالدا لطريق الشفاء.
أعطيتِ كل شئ، شبابك، وجودك، بهاءك، أمنك وأمانك، حتى دموعك سافرت معك لتتحمل طريق العناء .
لأنك سيدي تعرفين الحقيقة، وأدركتِ اللحظات ، ووهبتِ للوسام وسامة، وكشفتِ سراً لمحفل التأريخ وجعلتِ للكلمة بنين وبنات وقد ولدت منك أنوار الولاء.
لم يكن بمقدور القضاء والكتاب سوى الصبر كما صبرتِ، والخضوع لك كما نوهت أوقاتكِ، وتجليات الماضي قد اقتضت لك عرسا خالدا في السماء .
فهدف الحياة ، يقتضي الصمود ، ومسير الجهاد محفوف بالمخاطر ، وأنتِ سيدتي لابيت لك، ولا دار سوى مقامكِ الدائم في عيون البقاء.
في قضاء الحوائج ، عالم من المسائل ، ودرجة من العوالم ، وقد ملكتِ قولا كونيا لقضائها ، وسجادة حضرتك ملكوت اختصصتِ به لتكوني آية لمن لاذ بك، حبا ووفاء.
في زمنكِ ، أنتِ منهل عطاء لا يخاف البذل مع ما أحاطت بك من المصاعب ، ولكن حب لدنيّ قد سكن قلبكِ الطاهر المفعم بالمعارف ، وساكَنَ أعماقكِ بلطف الغيب ، فلم تتردد الحنايا لحظة في البوح بها لأنكِ أنتِ الحانية الحنون ، الشافعة لكل من طلب وبكى واشتاق إلى المولى .
التقصير يحوم أنفسنا ، وتعترف النفس الكائنة أن السكون مطرقة لنفيق ، أعترف لك مولاتي، أن بوحي هذا بصمة روحي التي نقشت أشواقي ونبضي الذي يسجد لك، وأن في القلب لحاجة قد أغراها عجز المثول لقضائها ، فحشارج الضعف ليس لها إلا كرمك ، وقلمك ، وإرادتك ، وتجليات نظرك .
فلتزحف حروفنا خجلا منك ، وتبكي عيوننا فرحا بولادة الأتقياء .
اضافةتعليق
التعليقات