الحياة الانسانية تمر باطوار مختلفة، يعيش فيها الانسان دوره عبر الزمن طفلا فرجلا فكهلا وهو يتأثر في صميمه بمؤثرات عده منها التأثر بالمجتمع والتأثر الأكبر يكون على الانسان عبر وضع المجتمع الذي انبثق منه صورة كبرى هي صورة الرمز.
فالرمز بحياة الانسان عامل مؤثر في حياته من حيث طريقة عيشه والمبادئ التي يؤمن بها، والفرد المسلم في مجتمعنا لديه رموز كبرى في حياته لكنه يحتاج الى رمز يعيش معه ويتعلم منه ويتأثر به وبافكاره وطريقته التي ينهجها للوصول الى السعادة، فالسعادة هي المحصلة الاولى والاخيرة التي يعيش الانسان لتحقيقها سواء في الدنيا او في الاخرة او في كليهما وهي تتمثل في الراحة والطمأنينة المادية او المعنوية.
والانسان الناجح يبحث دوما عن السعادتين معا فمن الناس من يرى في جمع المال سعادته او في الزوجة الجميلة او في الدار الواسعة او غير ذلك من متاع الحياة الدنيا، وهناك من يبحث عن السعادة في الاخرة عن طريق تحقيق الراحة النفسية عبر الصلاة وقراءة القرآن والاخلاق الحسنة وطلب العلم وغير ذلك من العبادات ليضمن لنفسه السعادة المعنوية.
والرموز في حياتنا كثيرة فرسول الله (صلى الله عليه واله) اكبر شخصية مؤثرة في العالم، وكذلك النبي عيسى في امته والنبي موسى عليهم جميعا صلوات الله وسلامه، اذن الشريعة احيانا ما تفرض رموزها على البشرية رغم عدم التواصل الجسدي، ولكنها اي البشرية تتأثر بالاعمال الحسنة التي تؤثر بالفطرة السليمة، فلا احد ينكر دور الاخلاق الحسنة والاعمال الصالحة من العدل والمساواة والتطوع والكرم وغير ذلك من المثل العليا في صنع المجتمعات والجماهير وكم يحتاج المجتمع الى رموز يعيش معها ويحتك بها ويؤمن بافكارها.
وكما نقرأ في دعاء الافتتاح: (اللهم انا نشكو اليك فقد نبينا وغيبة ولينا وشدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا)، وهذا الكلمات تؤكد على حاجة المجتمعات الى القدوة.
و هذه القدوة التي يحتاجها المجتمع يجب ان تكون متصفة بالصلاح الخارجي والداخلي، قدوة ثابتة على مواقفها وايمانها راسخ بما تقوم به .
والمجتمع قد تتعدد فيه القدوات وهذا ما يبعث على التشتت والتعصب لفئة دون اخرى وقد تؤدي الى مواجهات بين انصار كل فئة، ومن هنا يجب على القدوة التصدي لمثل هذه الشروخ المجتمعية، فتعدد القدوات رغم محاسنه الا انه يؤثر على المجتمع سلبيا ومن هنا على القدوات التنسيق معا في كافة المجالات لانجاح التجربة .
فالمجتمع الاسلامي في عصر رسول الله (صلى الله عليه واله) كانت قدوته حامل الرسالة الالهية ولم يظهر في عصره منافسا له رغم وجود الامام علي (عليه السلام) بشموخه وعظمته فلم يكن للناس الا ان وضعوه في المنزلة التي وضعها الله له وهي منزلة النفس والامامة والوصاية .
ان نجاح التجربة الاسلامية عبر عصورها المختلفة يعود الى فكرة التوحيد، فهذه الفكرة اذا ما استطعنا تجسيدها في اعمالنا وفي افكارنا وفي منطلقاتنا، فإن الله سبحانه يكون معنا، فالتوحيد لله سبحانه سببا في تقدم الامة وكذلك الايمان بوحدة الرمز وتجسيد التوحيد في كافة مجالات الحياة يساهم في تطور المجتمعات وهذا ما دعا اليه الانبياء والاوصياء والرسالة الحقة تتمثل بوحدة المشاعر والشعائر.
وللتوحيد صور كثيرة ففي الحج مثلا يتوحد الناس في بيت الله الحرام، وكذلك يتوحد الناس في صلاة الجماعة وكما في الذرة يدور الالكترون والبروتون حول النواة يدور المجتمع الاسلامي بأعماله الحسنة والصالحة حول القرب من الله وابتغاء مرضاته، فما احوجنا الى وحدة الرمز ووحدة الافكار والرؤى ووحدة المشاعر لتنهض الامة من جديد من ركام مخلفات الاختلاف.
اضافةتعليق
التعليقات