الكلُ يخضعُ لقانون، وذلك القانون يُسمى قانون (الكلمة) بأداتها السليطة التي يخضع لها الجميع، ذلك المُسمى (القلم)..
الا التأريخ الثُلاثي الذي أجتمعنا اليوم لتأبينه، نعم فهذا التأريخ هو من أرغم قانون الكلمة بأداتها للخضوعٍ متوسلاً، متواضعاً له..
انه تأريخُ ثُلاثي، أشبه ما يكون بالمعجزة، حيَّر العقول عن فهمه حتى صرنا لا ندرك سنينه، بل لا نستوعب أعماله، وكلُ مافيه، فصرنا نسمع، ثم نقفُ لبرهة نحاول إستيعاب ما سمعناه، ثم نواصل..
إنه من العجب العجاب ان نقف اليوم ونحن نُأبن هذا التأريخ، او ان نتدارك ببعض كلمات قصار لا تتجاوز الدقائق قروناً من العمل المقدس، من الانفاس الطهورة، من حبات العرق المُجاهدة التي كانت تتغازل بجباههم وكأنها تخبرهم (من أحب عمل قوم أُشرك معهم)..
التأريخ الاول هو ذاك الذي قال: في بلادي في طعامٍ وكلام قلّدوا الغرب وفي دارٍ ولبسٍ ونظام..
في بلادي ليس من ينكر نُكراً لا ولا من أحدٍ يسدي إلى المعروف أمرا..
انه سلطان الكلمة والقلم، ذلك الذي كان يأنسُ بهما أُشد الأُنس فلا يتركهم الا وقد ألف كتاباً على أقلِ تقدير، أُيها المُحمد بلادك ما زالت تجور عليها الايام، تتجرع من كأس الغصص ما خلفَّها من البلدان النامية الفقيرة!!
الأرض التي تفيضُ خيرات، وتجودُ بكل أنواع الثروات ينام اهلها وهم جياع..
أينكَ وانت تحملُ (الهم الاكبر) هم هذا الشعب الذي لطالما حلمتَ له بدولة إسلامية حُرة عادلة يرفلُ أهلها بالأمن والسعادة ك تلك التي أسسها نبينا الاكرم صلوات الله وسلامه عليه.
في كتابكَ (وتلك الأيام) قُلت:
(مرَّ العراق بمراحل عصيبة في تاريخه السياسي وقد تكالبت عليه قوى الشر للنيل من مكانته المرموقة، ولنهب ثرواته وخيراته) ومازال يمُر بنفس هذة المراحل..
ولذا نفتقدُ شجاعتكَ، حكمتكَ، ادارتكَ حين قُلت في كتابك (مُستقبل العراق بين الدعاء والعمل):
(لذا فإن همنا بتغيير الوضع المأساوي لشعبنا المسلم في العراق، يجب أن يُقترن بسعينا نحو تغيير أنفسنا ومجتمعنا أولاً وهذا يتم بالعمل الجاد والمتواصل).
نحتاجُ هذا التغيير، نحتاج لهذا العمل الجاد والمتواصل ونحتاجك القائد الذي ينهضُ بنا، فها هي شبابنا على السواتر تُقاتل دون ملل او فتور، لا يبتغون شيئاً سوى الشهادة وجوار مليك مُقتدر، يحتاجون لصوتكَ يرفعُ فيهم الهمة والعزيمة ويشدُ منهم ان نالهم الضُعف، يحتاجون تلك الرسالة التي وجهتها لأقرانهم في زمن مضى حين قُلت: وهل تذكر أيها الجيش العراقي الأبي أن آباءك كانوا هم جنود التحرير في ثورة الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي لطرد الإنكليز من العراق؟ وهل تذكر أيها الجيش العراقي الكريم أنك كنت العماد والسند في محاربة المستعمر، في الحرب العالمية الثانية، حين أفتى الإمام السيد أبو الحسن من النجف والإمام السيد حسن من كربلاء، وسائر العلماء بوجوب طرد البريطانيين من العراق؟ هل تذكر؟ وهل تذكر؟
أليس الجيش سور الشرف وسور الإيمان وسور الوطن وسور الأمة؟
أيها الجيش العراقي الأبي، إن صدام وحزبه (قد اهلكهم الله شر هلكة بالأمس واليوم أنتم تقاتلون أشباهه المسمى (داعش) وغداً سيسقطُ ايضاً)، وهذه سُنَّة الله في الظالمين مهما تسلحوا بالدعاية والدجل والقوة..
العراق يحتاجُ منك ذلك الدعاء الذي لطالما كُنت تردده بلسان قلبكَ: اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تُعز بها الإسلام وأهله وتُذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة ...
رِسالة طُهر..
التأريخ الثاني هو رفيق الدرب، عريس الشهادة، بطل الجهاد والكلمة، الثائرُ الشجاع، ذو القلب النابضُ بالثورة والدماء الطاهرة ذلك الذي كان دائماً ما يردُ على الطُغاة فيقول:
وأسحق جباه المعتدين مُردداً.. لا السجنُ يُرهبني ولا الإعدامُ
ذلك الذي قدم نفسهُ قُرباناً من اجل إعلاء كلمة الحق، عاش السجن والاعتقال والتعذيب بكل انواعه التي كان يندى لها الجبين على كل الاصعدة النفسية والجسدية حتى فاقت الاربعين نوعاً لتقف والدته الكريمة مذهولة حين رأته وقد ضعُفَ وهزل قالت أهذا حسن؟ هذا ليس حسناً أريدُ ولدي حسن، فأجابها أنا هو حسن فعرفته من صوته فأُغشيَ عليها.
لا لشيء فقط لانه يحمل هم هذة الاُمة، لأن دماء الثائر الاكبر الحُسين الشهيد سلام الله عليه تسري في عروقه، لأنه يراها واجباً شرعياً لابد منه..
قال: (الحكومة في العراق يجب ان تكون مُنطلقة من المبادىء والقيم الاسلامية والاسلام يلزم ان يكون المصدر الأساسي للتشريع في العراق، فأذا اصبح الاسلام كذلك في العراق فستكون للأقليات كامل حقوقهم، وللشعب كامل حقوقه في الحريات الواسعة، وكل انسان سيعرف الواجبات التي عليه ويعرف حقوقه كاملة، فيكون العراق بلداً نموذجياً في التعددية والديمقراطية المشروعة والحريات الواسعة، ويكون بلداً نموذجياً يقتدي به الآخرون في بلادهم)..
الفُ سلام وتحية لتلك الآهات التي ما كان لها سبيل غير ترتيل قوله تعالي: أليس الله بكافٍ عبده!
السماحة الرضوية في ذمة الخلود..
أما التأريخُ الثالث، فهو السماحة الرضوية، والأخلاق المُحمدية، ذلك الذي عرِف كيف يصطادُ القلوب، ذلك الذي أذل أعدائه بتلك الإبتسامة الهادئة، العارفة، ذلك الذي عرِف كيف يتربعُ على عرش البقاء مُذلاً الموت والفناء، إنه المُحمد رضا، الإمتداد لهذة السُلالة الطاهرة..
الذي أخذ على عاتقه مُهمة إصلاح المجتمع والذي كان جهاداً إجتماعياً قل ما تصدى له غيره، فقد كان المُصلح الذي تسَلم عملية جهادية كُبرى وهي تربية جيلُ من المؤمنين على التعاليم الحقّة التي جاء بها الدين والأخلاق القيّمة التي ينبغي التخلّق بها، لكي يكونوا له أعواناً على الخير، وبناء جيل رصين من المبلغين يستطيعون إكمال مسيرة التغيير في كل الأزمنة.
وأن يدخل المجتمع بكلّ ثقله، ويكون قريباً من الناس ويواجه الظالمين والطغاة بتعاليمه، ويبلغهم رسالات الله كلٌ حسب طريقته ومنهجيته في الحياة. فهو بحق كان يحمل صفات القائد الاسلامي التربوي الذي أراده الله ورسوله صلوات الله عليه خليفة في هذة الارض يُعمرها في الوقت الذي يسفُك الطُغاة الدماء ويعثون فساداً فيها ..
من قبساته النورانية بحق الشعب العراقي انه قال:
إن جمع الكلمة قضية مهمة دائماً، ولكن في هذه المرحلة التي يعيشها المؤمنون في العراق، يُعدّ جمع الكلمة ضرورة حتمية، لأن الحرب حالياً ربما لا تكون حرب حدود، وإنما هي حرب وجود، بمعنى أن الأعداء الذين يريدون الشر بهذا الشعب وبهذه الأمة المظلومة وبالمؤمنين، يحاولون أن يجتثوهم من الجذور.
فهو بحق كان مصداق لقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه حين قال: فلأن يكونوا عِبراً أحقُ من ان يكونوا مُفتخراً. فأذا كان كُل ما قيل مُفتخراً، فأن العِبر التي نأخذُها من هؤلاء الأطواد الشامخة كفيلة لتجعل منا خيرُ أُمة أُخرجت للناس.. فهم القدوة الحسنة، والأُسوة فاذا كان المعصومين روحي وارواح العالمين لأقدامهم الفداء هم القدوة الاعظم، بلا شك هُم من يمثلون تلك القدوة العظمى خير تمثيل..
فهم حقاً نَبعُ من الفضائل والسماحة لا ينضب، هُم مصداق لقوله تعالى: لقد كان في رسول الله اسوة حسنة ..
كانوا مثال لقول المولى الامير سلام الله عليه: "المؤمن نفسه منه في تعب والناس منه في راحة".
الانغماس في بعض كلماتهم النوراء حياة أُخرى، تصنعُ منا زيناً لهم لا شيناً عليهم..
يقول المُجدد الحُسيني: إن سَوْق الناس إلى الله تعالى سَوْقاً صحيحاً، لا يتم إلا بالمعرفة الكاملة بالله والإخلاص له سبحانه وتعالى.
ومن كلمات الشهيد الحسن: الاخلاق تنسيق لسلوك الانسان مع موجبات الكون والمجتمع بتربية بعض النزعات وتذويب بعض النزعات.
وعن الفقيه المقدس: يجب الاحتفاظ بإحسان من يحسن إلينا ولا ينبغي ان ينمحي المعروف من أذهاننا.
المُجدد سلطان المؤلفين ايضاً:
من الضروري جداً تعلم اللغات الأجنبية، وتهيئة المبلغين القادرين على إيصال صوت الإسلام إلى مختلف البلدان وإلى مختلف الشعوب والأمم.
وعن الشهيد السعيد: نضج المفكَّر ونبوغ الكاتب في صياغة الكثير من المعاني وفي قالب القليل من الكلام.
عن فقيه آل محمد: ان الحُلم ليس فضيلة أخلاقية فقط، وإنما هو قوام الحياة الطيبة في الدنيا وفي الآخرة، على الواحد منّا أن يشكر الله بان لا يكون مثل الطغاة ومثل الفراعنة بحيث تخافه زوجته وأولاده.
وعن الراحل :
يلزم على كل فرد منا أن يسعى على قدر الاستطاعة لإيصال رسالة الإسلام إلى العالم كله، وأن يحرص قدر الإمكان على إبلاغ أهداف الإسلام، والتعريف بسيرة النبي الأكرم ‹صلى الله عليه وآله› والأئمة الطاهرين ‹عليهم السلام› وخصوصاً الإمام الحسين ‹عليه السلام›، ومن أهم عوامل نجاح المبلغ تطبيق ما يدعو الناس إليه والتورع عما ينهي عنه.
وعن الشهيد: كافح في سبيل رفع العمل الاسلامي من عمل تحت الارض الى عمل فوق الارض.
وعن المقدس: لتكون مدينة سامراء بالشكل الذي يليق بالإمام الحجة المنتظر (عج).
لنُحيي ذكر الإمام المهدي المنتظر (عج) بقراءة دعاء الندبة حتى بحضور أربعة أشخاص في البيت.
وعن سلطان المؤلفين: من الثمار الايجابية لاسلوب اللاعنف في الحياة هو انتشار الأمان والطمأنينة والمحبة والتعاون بين الناس، إن المسلمين بأمّس الحاجة إلى أن يعتمدوا اللاعنف منهجاً وسلوكاً في جميع أعمالهم.
من يتصور أنه يمكن إنقاذ بلاد الإسلام بالعنف، سوف يبرهن له الزمان عكس ذلك، الرفق وعدم العنف أحسن وسيلة لقلع جذور المشاكل الاجتماعية أو التخفيف منها، وأيضاً، تعويق الحركات المضادة أو المعادية ..
وستبقى الشجرة الطيبة التي تأتي أُكلها كل حين، مُثمرة، لا تهاب الاعاصير..
فسلامُ عليهم يوم ولدوا، ويوم جهادوا في سبيل الله حق جهاده، ويوم استشهدوا ويوم يبعثون الى ربهم راضين مرضيين..
اضافةتعليق
التعليقات