شيء ما يجثو على مسائي، يكتم انفاس صباحي، يمسك بتلابيبي ثم يطلقني مشردة بين اهلي، غريبة في وطني، وحيدة وسط اناس مسيرين لم يختاروا حاضرا ولا مستقبلا، مغلوبين على امرهم... .
وانا فتاة من ورق تعشق الحبر، تنتمي لقلم قتل في ريعان شبابه في عالم استبيحت فيه الكلمات واُلجمت فيه الافواه.
انا انثى لاتسعى خلف مال، لاتثيرها الالوان، لاتعنيها اضواء ولاشهرة..
انا انثى تنتمي لعالم الكتب، للورق ثم للقلم وللحبر ايضا وسط نساء تسعى للمال، تنقاد للشهرة واخريات بائسات يقبعن في سجون الاعراف العشائرية.
صغيرة انا، لم اكمل عامي الرابع عشر كبيرة انا بما يكفي لاختيار طريقي، اقف في مابينهن ابحث عن نساء لمعت اسمائهن في سماء الحرية ارعبن الطواغيت على مر الزمان لا اعرف السبيل الى عالمهن او انني ضللت الطريق والحق انني لم اسلكه بعد..
ولكن شيء ما يشدني اليه يجذبني ويرفعني عاليا دون ان تكون لي اجنحة ثم سرعان مااكتشف اغلالا تحبسني عن الطيران.
فأشعر ان عالمي ليس بعالمي وانني انتمي لعالم الاحياء ولكنني اسكن المقابر التي خلفتها الحروب، والحصار، وطاغية افتدى نفسه الشريرة بنفوس تتوق للحرية... تعشق العلم تترقب يوم البعث بصمت مطبق، لتنفض عنها تراب القبور وتبعث للحياة من جديد.
مقتنعون ان هذا حلم بعيد المنال، اغلقت جميع الابواب التي تفضي اليه، لطالما كان طالب الحرية في عالم الطواغيت ثابتة ادانته معلنة محاكمته بجريمة اغتصاب العلم فيحكم عليه بقتل القلم ونفي الورق..
وانا الحالمة لاطاقة لي بانتظاره لابد ان اتعجله بخطوات اكثر واقعية، افترش الورق وألتحف الكتب واضم القلم الى صدري واحلم بمستقبل افضل، هذا كل ما افعل، كنت ابحث عن شيء يرشدني يأخذ بيدي، لدي من الاحلام الكثير ومن الامال الاكثر..
لعل المصادفة هي التي وضعتها بين يدي، او انها هدية القدر، ورقة بيضاء بخطوط سماوية خطت عليها كلمات من ذهب لم يقدر لها ان ترى النور، فدفنت وسط حانوت وتحولت لأكياس تحشوها المكسرات، رحت اتجول بين سطورها، وانهل من كلماتها، كانت كفيلة بانتشالي من عالم الاموات... ارشدتني للطريق... همست بأذني: (لابد لك ان تتحرري من القيود لتكوني حرة طليقة..
حرري معصميك من قيود الجهل...
انزعي عنك قناع الاستسلام...
ثم اكسري قضبان العادات العشائرية...
تجولي بين سطور الكتب...
تسلقي الكلمات...
وتسلحي بالقلم...
ستصنع لك الحروف اجنحة تترفعين بها عن الجهل...).
كانت تلك الكلمات اشبه بصحوة بعد كابوس يكبس على انفاسي، وضعتني على اول الطريق ثم مالبثت ان كانت تلك نهاية زمن اُرغمنا ان نحياه بصمت، وبداية اخر جديد مع نسخ عديدة عن طاغية يحلو له سفك دمائنا واللعب بمقدراتنا..
في ما مضى كنت اشعر انني بالزمان الخطأ... بالمكان الخطأ... ولكن ليس بعد اليوم بعد ان علمت مااريد وبعد ان حددت هدفي وصرت على اول الطريق، سأحشو قلمي برصاص الحق والدفاع عن المرأة المظلومة ..
سأرشق الظالمين برصاص الكلمات شأني شأن المقاتل فكلانا يحمل السلاح دفاعا عنها.
في مامضى ظننت انهم قتلوني او انني اتحدث لقتلى ولكن ليس بعد اليوم فأنا امرأة كسرت قيود الزمان والمكان ستملأ العالم صدى كلماتي وستقهر الظلم دوي حروفي مادام قلمي ينبض بالحياة، ومازلت حرة طليقة سأفجر افكاري على الورق وسأحيا باسم القلم.
اضافةتعليق
التعليقات