أخلاقيات العمل والتعاون الوظيفي نحو الاندثار فنحن نعيش حالياً في أزمة أخلاقية على جميع المستويات كالعائلي، الاجتماعي والوظيفي على حدٍ سواء فبات مجتمعنا صعب التعامل باضمحلال الحكمة ومدارة الناس التي هي أساس متطلبات الحياة ومتطلبات العمل الوظيفي كالعمل الجماعي وغيرها لذلك أراد الإمام الجواد (عليه السلام) أن يعلم شيعته ضرورة اعتماد الحكمة في العمل وجعلها ركيزة وملَكَة عند الفرد وكذلك مراعاة عامل الزمن في اتضاح الأشياء فللأمور دورات زمنية ينبغي أن تمرّ بها حتى تكتمل، وعدم الالتفات إلى هذا الجانب يفسد العمل ويجهضه قبل استوائه فقد قال عليه السلام: (إظهار الشيء قبل أن يستحكم مفسدة له) (٢).
كما أن للمحن دورات لا يستطيع المرء أن يتخلص منها قبل انتهاء دورتها الزمنية وهذا الأمر أشبه شيئاً بالدورات المرضية التي لا يمكن تقليل مدتها، وهذا التوجه لا يعني عدم استعمال الوسيلة لإزالة المحن بل العمل مطلوب وهو يسهم بتقليل مدة المحنة وبالتالي إزالتها وإلى هذا المعنى أشار الإمام الجواد (عليه السلام) عندما نقل حديثاً عن جده أمير المؤمنين عليه السلام : (قال لقيس بن سعد، وقد قدم عليه من مصر: (ياقيس إن للمحن غايات لا بد أن ينتهي إليها، فيجب على العاقل أن ينام لها إلى إدبارها، فإنّ مكايدتها بالحيلة عند إقبالها زيادة فيها)(٣) فإن الفكرة التي ركز عليها أن تلازم الصبر بالعمل حتى انتهت مدة المحنة أو بعض معرقلات الحياة فطبيعة وسجية الحياة هو التخطبات المستمرة والراحة والاستقرار هي أقصر الفترات التي يعيشها الإنسان وهي مجرد محطات شحن مؤقتة لاستكمال ما لم نعشه مستقبلاً.
كما وإن حركة الإنسان في المجتمع تشتدّ بمقدار تجذّره وتأثيره في ذلك المجتمع، لذلك توجّه الإمام الجواد عليه السلام إلى توضيح المفاهيم المتصلة بالنشاط الإسلامي للطليعة المؤمنة، وفيما يأتي نذكر بعضاً من هذه المفاهيم:
١ ـ كلما ترسخ مركز الإنسان في المجتمع ازداد توجه الناس إليه وطلبهم منه في قضاء حوائجهم وحل مشاكلهم.
٢ ـ بقاء نعمة الإنسان واستمرار موقعه في الأمة مقترن بدرجة إحسانه إليها وخدمته لها.
وقال عليه السلام: (أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه، لأن لهم أجره وفخره وذكره، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنما يبدأ فيه بنفسه، فلا يطلبنّ شكر ما صنع إلى نفسه من غيره) (٤) .
٣ ـ ضرورة مجازاة المحسن بالشكر.
٤ ـ كما شدّد عليه السلام على ضرورة اختيار القرين الصالح لما يورثه من أثر على المرء، فقد روى عليه السلام: (فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء، وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء)(٥).
اضافةتعليق
التعليقات