يبدو الحديث عن مدى احتفاء المجتمعات العربية بالزواج أمرًا مستهلكًا لكنه حقيقي في نفس الوقت، ومع هذه النظرة الاجتماعية للعلاقة الزوجية التي تعتبر أولوية ومرحلة أساسية، لا يمكن أن يكون الطلاق حادثة مألوفة أو مقبولة، وفي ظل نظرة المجتمع العامة لهذه الحالة يأتي السؤال المهم وهو ما الذي دعا الأزواج لاتخاذ هذه الخطوة المناقضة للعادات والتقاليد الاجتماعية العربية؟، وماهي نسبتها خلال عام ٢٠١٧ مقارنة بالسنين التي مضت؟.
وهذه بعض من الاحصائيات المدروسة عن نسبة الطلاق في البلدان العربية:
العراق
سجلت حالات الطلاق عبر المحاكم العراقية، خلال السنوات الماضية، ارتفاعاً ملحوظاً، واحتلت مركز الصدارة بين الدعاوى الشرعية أمام محاكم الأحوال الشخصية، وسط تفاقم دور المكاتب الشرعية الذي يقوم بتوقيع الطلاق تفادياً لمحاولات الصلح التي يقوم بها القضاة في محاكم الأحوال الشخصية، والذي يلجأ إليه الزوجين لإنهاء إجراءات الطلاق، فيما يتوقع الخبراء ارتفاع حالات الطلاق مقارنة بين الشهور الماضية.
وقد نشر “مجلس القضاء الاعلى”، إحصائياته الشهرية لعدد حالات الزواج والطلاق التي سجلتها محاكمه في عموم محافظات العراق، وبلغ عدد حالات الطلاق بين الزوجين خلال نيسان/ابريل الماضي في الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة 4691 حالة، في المقابل 4685 حالة طلاق خلال أذار/مارس الماضي، بينما كانت حالات الزواج 4226 حالة في نيسان/ابريل الماضي، و5191 في أذار/مارس.
أما “محافظة نينوى”، التي تحررت من عصابات “داعش” الارهابية، كانت الأكثر عدداً في حالات الزواج بـ962 حالة، قابلها 216 حالة طلاق، فيما كانت “بغداد” بجانبيها، الرصافة والكرخ، أعلى محافظة بحالات الطلاق بالدعاوى التي تقدم إلى المحكمة في أذار/مارس الماضي كانت 1650 حالة طلاق، أما خلال نيسان/ابريل الماضي بلغت 1561 حالة طلاق.
الكويت
في منطقة الخليج احتلت الكويت الصدارة في ارتفاع عدد حالات الطلاق، إذ أوضحت البيانات أن 60% من العلاقات الزوجية انتهت بالانفصال في الجزء الأول من عام 2017، ففي أول شهرين من السنة سجلت المحاكم ما يقارب 2001 حالة زواج ومقابلها 1.193 حالة طلاق، وأضافت أن حالات الزواج قلت عن العام الماضي والتي كانت 2425 وعلى نقيضها 1180 حالة طلاق، وهذا وفقًا لوزارة العدالة في الكويت بحسب موقع "عرب تايمز أونلاين".
والقانون الكويتي يمنح المرأة الكويتية المطلقة مزايا عدة منها راتب شهري ومنزل وسيارة ومساعد شخصي.
السعودية
أكثر المدن الشاهدة على حدوث الطلاق هي مدينة جدة، حيث ارتفعت بها حالات الطلاق بنسبة وصلت إلى 50% منذ عام 2015، فالسعودية تشهد 127 حالة طلاق يوميًا.
وبالإجمال في عام 2014 شهدت المملكة 33.954 حالة طلاق، وفي عام 2015 حدثت ما يقارب 133.000 حالة زواج وكان في المقابل هناك 40.000 حالة طلاق، وفي عام 2016 وصل عدد عقود الزواج التي تمت إلى 157.000 وعلى النقيض تمت 46.000 حالة طلاق، أي 30% من الأزواج تنتهي علاقتهم بالانفصال.
يقول خبراء علم الاجتماع إن الظروف الاقتصادية الجيدة في المملكة ساعدت الأزواج على استسهال الزواج للمرة الثانية مما جعلهم يفتقرون للقدرة على تقييم العلاقة المشتركة.
في هذا الخصوص يقول المحللون إن أسباب ارتفاع حالات الطلاق غير واضحة بشكل تام في المملكة، إلا أنه أصبح من المألوف أن تطلب النساء الطلاق بسبب الضغوط التي تتعرض لها المرأة السعودية، وهذا ما يجعل الطلاق نهاية للعلاقات الزوجية بسبب حكم العادات الاجتماعية.
وهذا ساعد أيضًا الأجيال الجديدة بالنظر إلى الزواج على أنه فرض اجتماعي وليس علاقة مقدسة لها معاييرها وشروطها، وآخرون يعتقدون أنه أصبح للمرأة السعودية الحق في التعبير عن نفسها بصورة أكبر من قبل، خاصة لو تعرضت للعنف المنزلي والجنسي من قبل زوجها وهذا ما ساعدها على التشجع لطلب الطلاق.
ومن الناحية القانونية فإن السلطات السعودية تمنح الحضانة للآباء عند بلوغ الطفل 7 سنوات، وعند بلوغ الابن لعمر 18 عامًا فله الخيار بأن يختار بين حضانة الأب والأم، أما الابنة، فالأمر يعود لأبيها، فهو يقرر مع من تعيش.
مصر
في السنوات الأخيرة شهدت مصر ارتفاعًا ملحوظًا في حالات الطلاق، وهذا ما كشفت عنه الإحصاءات الصادرة من رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2014 والذي قال إن هناك 950 ألف حالة زواج و160.000 حالة طلاق في المقابل، و35% من حالات الانفصال تكون في الخمس سنوات الأولى من الزواج وترتفع النسب بين الشباب في الفئة العمرية من 25 إلى 35 عامًا.
من أسباب الطلاق في مصر الاختلافات الدينية والتوجهات السياسية، واختلاف عام في القرارات الزوجية المشتركة المتعلقة بالإنجاب والتربية.
أما لعام 2015 فهناك نحو مليون حالة طلاق حدثت في محاكم الأسرة بمصر، أي 240 حالة طلاق يوميًا بمعنى 10 حالات كل ساعة، وبالنسبة لحالات الخلع فقد وصلت إلى ربع مليون حالة بزيادة 89 ألف حالة عن عام 2014، هذا يعني أن هناك ارتفاع من 7% إلى 40% خلال الخمسين عامًا الأخيرة وزيادة في عدد المطلقات الذي وصل إلى 3 مليون مطلقة، وأشارت محكمة الأسرة التابعة لمجلس القضاء الأعلى أن من أسباب إقدام النساء على الخلع إلحاد الزوج.
الإمارات
حصلت الإمارات على النصيب الأكبر من اهتمام أخصائيي علم الاجتماع والاستشاريين الاجتماعيين فيما يخص قضية الطلاق، وذلك لتنوع الأسباب التي أدت إلى زيادة معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة.
يقول الخبراء إن الملام الأول على زيادة حالات الطلاق في الإمارات العربية الخيانة وهذا بنسبة 85%، ففي عام 2014 وصلت نسبة الطلاق إلى 34% ويقول المختصون إن من 75 إلى 85 من حالات الطلاق حدثت بسبب العلاقات السرية الخارجة عن إطار الزواج الرسمي.
وتأكيدًا على هذا تقول نيتا مارو محامية وشريكة إدارية في مركز "توز" للاستشارات القانونية: "الخيانة الزوجية العامل الأساسي للجوء الأزواج للطلاق، ونسبة الأشخاص الذين نتعامل معهم قانونيًا بسبب هذه المشكلة تصل إلى 85%".
المادة القانونية 16 تشير إلى ضرورة توجه الأزواج إلى مؤسسات التوجيه العائلي والاستشارات الزوجية لإيجاد حلول معقولة للمشاكل الواقعة بينهما قبل اتخاذ قرار الذهاب إلى المحكمة وإجراء معاملات الطلاق بشكل رسمي.
بالنسبة إلى موقع "الخليج تايمز" فإن المحاكم في دبي مررت 1.481 قضية طلاق عام 2015، بزيادة عن عام 2014 حيث كان العدد 1.237 حالة طلاق.
وفي محاولة لفهم أسباب زيادة حالات الخيانة، يقول الخبراء إن الإنترنت والهواتف المحمولة وما يحدث عليها من مغازلات كانت سببًا في حدوث النزاعات الزوجية بنسبة وصلت إلى 50% وكانت نسبة الرجال 15% ونسبة النساء اللاتي أدمن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والوقوع في فخ الخيانة الزوجية 50%، وهذا لا يعني أن النساء يملن إلى الخيانة أكثر من الرجل، إلا أن الرجل يميل إلى الخيانة بمعناها التقليدي، وتكون أعمار الأزواج المعرضين لهذا الفخ المؤدي للطلاق ما بين 25 إلى 35 سنة.
وإيضاحًا لأسباب انتشار الخيانة بين الأزواج في الإمارات المتحدة تضيف مارو المستشارة القانونية "الخيانة الشائعة بين الوافدين هنا تحدث لعدة أسباب أهمها الاستياء الزوجي لغياب الرضى الجنسي ورغبة في عيش الإثارة والحماس في العلاقة الجديدة، إضافة إلى الرخاء المادي ونمط الحياة العام في المنطقة والذي يجعل الأزواج يريدون الحصول على المزيد من الحرية بعيدًا عن أي ارتباطات أسرية أو زوجية". والسبب الأخير الذي ذكرته مارو أن فرصة
عدم كشف الشخص عن هويته وسهولة إبعاد النظر عن علاقاته تجعل الخيانة أمرًا سهلًا وشائعًا جدًا، خاصة في حالة عدم وجود أحد الزوجين ووجوده في دولة أخرى.
دولة الإمارات هي المكان الأكثر خصوبة لحصول الطلاق لتوافر العوامل التي تساعد الزوجين على الانفصال ومنها السفر المتكرر أو العمل لساعات طويلة.
ويضيف الدكتور مكارثي أن هذا الأمر لا يقع على عاتق أي من الجنسين، إنما المشكلة تكمن في عدم نضوج الطرفين بالشكل المطلوب لتحمل مسؤولية ومتطلبات الزواج، كما أن تصوراتهم عن الحياة الزوجية لا تكون واقعية، ويتابع "عليهم أن يفكروا مرتين قبل أن يخوضوا في علاقة جديدة خارج إطار الزواج لأنه لا يمكن اعتبار هذا التصرف عادة أو احتياج يمكن تبريره أو التعايش معه".
وهذا ما أشارت إليه البروفيسورة في علم الاجتماع ديما شعبان حين قالت: "انتشار الخيانة تكون بين الوافدين إلى الإمارات لأن طبيعة سفرهم وعملهم تمنعهم من جلب عائلاتهم معهم".
بجانب الدين والاختلافات الثقافية أيضًا ففي دولة تضم أكثر من 200 جنسية من مختلف دول العالم ساعد اختلاف الجنسيات على انتهاء الكثير من العلاقات وهذا ما أكده أخصائي اجتماعي في دبي: "80% من الأزواج الذين يتوجهون لمؤسسات الاستشارات الزوجية يكونون من جنسيات مختلفة".
ولسوء الحظ فإن ارتفاع سقف التوقعات بشأن الشريك واعتباره الأب والأم والصديق والاعتماد عليه ماديًا أو حتى عاطفيًا بشكل كامل وخاصة في بلد أجنبي قد يجعل هذا الأمر مزعجًا لبعض الشركاء، هذا بحسب ما وضحته الاستشارية الاجتماعية في مركز دبي الصحي ماري جون.
تونس
ارتفعت حالات الطلاق في منطقة المغرب العربي خلال آخر 8 سنوات وسجلت الإحصاءات أن كل ساعة تحدث 10 حالات طلاق أي بمعدل 90 ألف حالة سنويًا، وهذا بحسب موقع "أصوات مغاربية".
في دولة تونس، أفصحت مؤسسة الإحصاء الوطنية أن المحكمة أقرت بحدوث 14.527 حالة طلاق عام 2014 وهذه زيادة واضحة بالنسبة إلى عام 2010 التي كان فيه عدد حالات الطلاق 12.871 حالة.
مع العلم أن وزارة العدل أصدرت أرقامًا تتعارض مع هذه الإحصاءات والتي أشارت إلى وجود 12.000 حالة طلاق في السنة.
الطلاق يحدث عادة في السنوات الأولى من الزواج أي بين السنة الثامنة والثانية عشر
وتعليقًا على الأرقام المتضاربة قالت المحامية نيفاء لاريبي: "في المحكمة هناك نحو 5 مكاتب مسؤولة عن معاملات الطلاق وكل مكتب يصادف نحو 10 إلى 20 قضية طلاق في الأسبوع، إضافة إلى وجود 26 محكمة في تونس أي أن الرقم تخطى 12.000 حالة بكثير".
وتشرح لاريبي أن الأسباب الاقتصادية والمسائل الجنسية هي ما تجعل الزوجين عرضة للطلاق، خاصة عندما لا يكون هناك توافقًا بين شخصية كل منهما وقلة القواسم المشتركة، وأشارت إلى أن الطلاق يحدث عادة في السنوات الأولى من الزواج أي بين السنة الثامنة والثانية عشر وبعضهم يعانون من الطلاق البارد بسبب النظرة الاجتماعية أو الدينية للطلاق.
ومن الناحية القانونية فليس من السهل الحصول على الطلاق، فالإجراءات يمكن أن تطول حتى 6 سنوات، وفي بعض الحالات يمكن أن تستمر لشهر واحد، وهذا أيضًا بسبب النظام البيروقراطي غير المنظم، وهذا وفقًا لتقرير نشر على موقع "تونيجيا لايف".
اضافةتعليق
التعليقات