يرفض بعض الأطفال الذهاب الى المدرسة. ويختلقون الأعذار حتى لا يذهبوا إليها. وذلك لأسباب عدة تختلف باختلاف عمر الطفل وظروف المدرسة التي يدرس فيها، يحرص الآباء على تلقين أطفالهم أفضل العادات الحسنة، وتوفير أفضل الأجواء ليحققوا النجاح وينعموا بمستقبل مشرق. وتعتبر المدرسة السبيل الأمثل لتحقيق أمنياتهم وطموحاتهم. لذلك، تجدهم يبحثون عن كيفية التعامل مع الطفل الذي لا يحب المدرسة، ويحاولون بجدية مساعدة طفلهم على حب مدرسته وتحفيزه للذهاب إليها.
يُعتبر بعض الإحجام عن المدرسة أمرا طبيعيا، في فكر الآباء والأمهات الذين وصل نضالهم في العودة إلى الدراسة إلى أبعاد جديدة تماما، وقد تفاقم إحجام أطفالهم عن الذهاب إلى المدرسة حتى وصل إلى مشكلة نفسية بالغة الأهمية يُطلق عليها رفض المدرسة.
يعاني نحو 2-1٪ من الأطفال من رفض المدرسة، إذ أصبحوا في حالة من الضيق الشديد إزاء احتمالية الذهاب إلى المدرسة ونتيجة لفترة الغياب الطويلة. وبخلاف التغيب عن المدرسة، لا يعاني الشباب المصابون برفض المدرسة من مشكلات سلوكية أخرى، بل يعرف آباؤهم أماكن وجودهم؛ إذ يمكثون بالمنزل رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الوالدان لحملهم على الذهاب إلى المدرسة.
تنشأ مشكلة رفض المدرسة عادة عقب فترة من الغياب عن المدرسة -بسبب المرض أو العطلات- أو حدوث تغير كبير كالبدء في الذهاب إلى مدرسة جديدة أو الانتقال من مرحلة الدراسة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية. لا يُلام عامل أو شخص بعينه عن رفض المدرسة؛ بل هو نتاج تفاعل معقد لعوامل خطر متعددة تشمل الطفل مثل الخوف من الفشل و(عائلته ) مثل التربية أو الوالدية المفرطة في الحماية) والمدرسة (مثل التنمر) والتحديات الاجتماعية ( مثل الضغط من أجل التحصيل الأكاديمي.
خوف الطفل من المدرسة
الخوف من المدرسة يقصد به الخوف الشاذ والمبالغ فيه منها مع الرغبة في عدم ذهاب الطفل إليها ورفضها. فالخوف المدرسي هو الإحجام أو رفض الذهاب إلى المدرسة بسبب القلق الزائد من البقاء في المدرسة، ويعبر الأطفال المتخوفين من المدرسة عن هذا الإحجام أو الرفض في صورة استجابات طبيعية أو شكاوي جسمية يقنعون بها والديهم بإبقائهم في المنزل. والطفل “المزوغاتي” هو طفل يتحاشي المدرسة بصورة إعتيادية متكررة، ويهرب من المدرسة، وبعض الأطفال لا يهربون من المدرسة إنما يهرعون تجاه شئ يخفف من قلقهم. ويعرف الخوف من المدرسة في معجم مصطلحات ومفاهيم التعليم والتعلم بأنه رد نفسي، قد يصل إلي حد رفض الذهاب إلى المدرسة نهائياً، نتيجة لخبرات سلبية في المدرسة. وبذلك يمكننا استخلاص تعريف خوف الطفل من المدرسة بأنه هو الشعور بالخوف من المدرسة مع الرغبة في عدم الذهاب إليها ورفضها، بسبب شعور الطفل بالخوف من الأماكن أو المواقف أو الأوضاع المدرسية، أو الأشخاص أو الموضوعات أو الأفعال المتعلقة بالحياة المدرسية.
كيفية التعامل مع الطفل الذي لا يحب الدراسة
مشكلة الخوف من المدرسة ورفض الذهاب إليها تُصيب البنات بنسبة أكبر من الأولاد، ونسبتها بشكلٍ عام تصل إلى 4٪ تقريبًأ من إجمالي عدد الطلاب. وتظهر المشكلة بشكل واضح على طلاب المراحل الدراسية المتقدمة، وهم الصغار في السن الذين يدخلون المدرسة لأول مرة بسبب قلق الانفصال. وعند الانتقال من مدرسة إلى أخرى، بسبب التعرض لبعض حالات التنمر. وعند الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية، ومن الإعدادية إلى الثانوية، بسبب بداية الحياة الاجتماعية الأكثر انفتاحًا، وصعوبات التواصل المجتمعي.
ويختلف الخوف عن الهروب من المدرسة، فالأول يصيب الأطفال المهذبين والمتفوقين دراسيًّا، بسبب التعامل الخاطئ لأحد المعلمين، أو ضعف شخصية الطفل، أو سلوكيات الطلاب، مثل: التنمر. بينما نجد الطفل المتهرب من المدرسة -في الغالب- سيئ السلوك وغير متفوق دراسيًّا، وقد يعاني من مشكلات نفسية أخرى خارج نطاق المدرسة.
وينقسم الأطفال الرافضين للمدرسة إلى ثلاثة أنواع:
رفض المدرسة بسبب مشكلات نفسية، مثل: قلق الانفصال عن الأم، أو الخجل المرضي، الرهاب الاجتماعي.
رفض المدرسة بسبب الخوف من المعلم نفسه، أو الطلاب الأكبر منه.
رفض المدرسة في عمر المراهقة كنوع من التمرد، وكذلك بسبب سوء السلوك والضعف الدراسي.
حل مشكلة رفض الذهاب للمدرسة
يمكنك اتباع هذه النصائح للتغلب على مشكلة خوف طفلك من المدرسة ورفضه الذهاب إليها:
اعرفي السبب
يجب على الأم أن تطلب من طفلها أن يوضح لها الأسباب الرئيسية التي تجعله لا يفضل الذهاب للمدرسة، حتى تستطيع إيجاد حلول لها، ويجب ألا يكون السؤال بمثابة تحقيق مع الطفل وإنما بطريقة ودية ولطيفة.
كوني لطيفة مع طفلك
من المهم أن تتعامل الأم بلطف مع الطفل وهى تستمع له وهو يتحدث عن مخاوفه، لأنه يعاني من شىء مؤلم جعله ينفر من المدرسة، كما أن معاملة الأم بلطف مع الطفل يشجعه في التعبير عن مخاوفه ويعزز ثقته بنفسه ويساعده على الاستقلال.
كوني حازمة ومرنة
يجب على الأم أن تعطي فرصة للطفل للاستيقاظ والاستعداد للذهاب إلى المدرسة مع توجيه رسائل حازمة له، من خلال أن توقظه يومياً بوقت كافٍ قبل موعد المدرسة، مع توجيه بعض العبارات له مثل "حان وقت الاستيقاظ للمدرسة" و"أعلم أنك لا تريد الذهاب لكن لا يمكننا السماح لك بالبقاء فى المنزل".
وفي حالة شعور الطفل بالضيق، يجب على الأم أن توجه له بعض العبارات التحفيزية التي تجعله يتخلص من الشعور بالضيق من التفكير في الذهاب إلى المدرسة مثل: "دعنا نركز على الإفطار أولاً"، "دعنا نفرز حقيبتك المدرسية"، وهكذا.
دعيه على راحته يوم الإجازة
يفضل أن تساعد الأم الطفل في أيام العطلة المدرسية على أن يحصل على كفايته من النوم ويقضي اليوم بأكمله فى حالة استرخاء، ويشاهد التليفزيون ويمارس ألعاب الفيديو، وتهتم به طوال اليوم.
اعملي جدول يومي لطفلك
يجب على الأم أن تحدد موعدا لاستيقاظ الطفل يستطيع من خلال تناول وجبة الإفطار والاستعداد للذهاب للمدرسة، كما يجب منعه من مشاهدة التليفزيون وتصفح الإنترنت خلال اليوم الدراسى، كما يجب عليها أن تجلس معه لتشجعه على المذاكرة، وتقلل أنشطتها خارج المنزل لتهتم به، وتتحدث مع معلمه حول التحديات التي يواجهها الطفل، ليساعدها في وضع خطة تساعد الطفل على أن يحب المدرسة والمذاكرة.
اطلبي المساعدة
تحدثي مع متخصص تربوي قبل سن المدرسة، إن لاحظت مشكلة قلق الانفصال على صغيرك بوجه عام. تواصلي مع طاقم المعلمين في المدرسة إن رفض صغيرك الذهاب إلى المدرسة، بعد انتظامه فيها فترة. وابحثي جيدًا عن السبب لعله تعرض لمشكلة تنمر من زملائه، أو سوء معاملة من أحد المعلمين. وانتبهي لهذه الأمور عند مقابلة معلم طفلك. ابحثي بصدق عن الأسباب التي قد تدفعه لذلك في المنزل، مثل: المشكلات الأسرية التي تخيف الطفل، فقد يخشى الذهاب إلى المدرسة، حتى لا تتشاجرا مرة أخرى، أو تتركي المنزل... وهكذا.
تحلي بالهدوء والصبر في التعامل مع طفلك ولا تنفعلي عليه، فالعصبية والضرب يزيدان من المشكلة، ويُصعّبان الوصول لأي حل عملي. استمعي لصغيرك قدر المستطاع، لمعرفة المشكلات التي تعرض لها، ويخاف من إخبارك بها. اذهبي إلى متخصص نفسي أو تربوي، لتتأكدي من صحة طفلكِ النفسية. اربطي الأشياء الإيجابية التي تحدث في يومه بالذهاب إلى المدرسة، وتجنبي ترغيبه فيها بالمكافآت المادية، وركزي على الأمور المعنوية، مثل: الشعور بالسعادة ورؤية الأصدقاء والقيام بالأنشطة المدرسية... وغيرها.
دربي طفلك على الدفاع عن نفسه قبل دخول المدرسة، فالتنمر يحدث في كل مكان، وعليه أن يكون على علم بكيفية مواجهته. علمي طفلك كيفية الاسترخاء، والسيطرة على الانفعالات المختلفة، مثل: الغضب والخوف والقلق. احتوي طفلك جيدًا واغمريه بحنانكِ، إذ إن التربية السوية تبدأ من هنا.
مشكلة الخوف من المدرسة لا تحدث لطفلك وحده، بل تحدث لعدد كبير من الأطفال في مختلف المراحل العمرية. والتعامل الصحيح مع رفض الذهاب للمدرسة، ومعرفة أسباب المشكلة الحقيقية، هو ما سيمكنك من التعامل معها بعقل وحكمة.
اضافةتعليق
التعليقات