عاد المسجد الحرام في مكة للعمل بكامل طاقته الاستيعابية يوم الأحد وذلك بعد تخفيف القيود المفروضة بسبب وباء كورونا وأُزيلت علامات التباعد التي وضعت على أرض المسجد وكانت موجودة لمساعدة المصلين على الحفاظ على التباعد الاجتماعي. وسُمح للناس بالصلاة جنبا إلى جنب، كما اعتادوا من قبل.
وأظهرت لقطات مصوّرة نشرتها وسائل إعلام رسمية عملية إزالة ملصقات التباعد داخل أروقة المسجد وساحاته ومرافقه، قبل أن يصطفّ المصلون إلى جانب بعضهم البعض لأداء صلاة الفجر.
ومع ذلك، يُشترط على جميع زوار المسجد أن يكونوا مطعمين بجرعتين لقاح على الأقل ضد الفيروس، كما يلزم عليهم ارتداء أقنعة الوجه أثناء وجودهم داخل أروقة الحرم.
وبعد إغلاق تام ومنع التجمعات ها هي الحياة تعود مرة أخرى وقد تكون فرصة الإنسان أن يراجع حسابه وهل هناك عودة روحية.
لم نشعر بشيء لسنوات حتى جاءت جائحة كرورنا واغلقت الدور العبادية والمساجد واعظمها بيت الله حتى شعرنا بقيمة الفقد والحرمان، والأكثر حزنا عندما انتشرت صورة لبيت الله خالية من الحجاج وصوت التلبية.
البعض شعر أن هذه الجائحة هي اختبار إلهي. والآخر اعتبرها رسالة مهمة ليعرف الانسان القيمة الروحية لهذه الأماكن. ففي كلّ الأزمنة والأمكنة ينقسم الانسان بين «النعمة» و«الفقدان».
فكانت الصراعات، ومازالت، بين الأفراد والجماعات والأمم تخضع لاختلاف الرؤى وتناقض المصالح، بين من هو في موقع «النعمة» ومن هو في الموقع «الآخر الفقدان» هكذا هي سيرة البشرية وغالباً ما يقع الناس في أحد محظورين: فهو حينما ينظر إلى النعمة الظاهرة عنده يشعر بأنه امتلك هذه النعمة وبعد مرور الزمن يعتاد عليها ولا بد أن نعرف أن نعم الله على عبيده لا تعد ولا تحصى، {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}.
وإن تجاهلها قد تزول. كما زالت نعمة العافية وانتشر وباء كورونا. وقد تزول نعمة زيارة مراقد المقدسة كما اغلقت لمدة.
وقد تزول نعمة الهواء أيضا وتحتاج إلى أوكسجين، كلها نعم مجانية عند فقدانها تشعر بقيمتها. ذرة هواء تنقذ حياة مصاب. لا يحتاج إلى اسطوانات الأوكسجين ورعاية المستشفى.
فقد ورد عن أحد الصالحين: أدعو الله دائمًا أن يرزقني أدب النعمة، ألّا أفخر بها على من فقدها، ولا أعلو بها على من يتمناها.. ولا أنسى شكره في كل حين؛ ربي لك الحمد على نعمٍ أزيد تقصيرًا في شكرها.. فتزدني منها تفضلًا ورحمة".
وفي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): مكتوب في التوراة: اشكر من أنعم عليك وأنعم على من شكرك؛ فإنه لا زوال للنعماء إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كُفِرت.
أدب التعامل مع النعم الظاهرية والمعنوية هي:
1. الحمد الدائم والشكر والطاعة وحفظ هذه النعمة من الزوال أو النقص.
2. إستحضار النعم في كل الأوقات.
3. مجاورتها وإجتناب تنفيرها بالمعصية والكفران والنكران.
4. عدم الإسراف.
"فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ امْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هذِهِ الْأُمَّةِ فِيَما عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هذِهِ الْأُلْفَةِ الَّتِي يَنْتَقِلُونَ فِي ظِلِّهَا، وَيَأْوُونَ إَلَى كَنَفِهَا، بِنِعْمَةِ لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً، لِأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ، وَأَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ..
يا كميل إنه لا تخلو من نعمة الله عز وجل عندك وعافيتـِه، فلا تخلُ من تحميده وتمجيده وتسبيحه وتقديسه وشكره وذكره على كل حال، يا كميل لا تكونن من الذين قال الله عز وجل: نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ".
اضافةتعليق
التعليقات