شهر محرم الحرام أقدم وبيده أعواداً من خيام محترقة وسنابك شر الهجير قد أوقدت في قلب الحدث طف الجراح الشاهدة..
عند عودة الدمعة، ثكل قد أشار إلى حزن مكنون، تخضب ب لون الجهاد وصبغة الفاجعة.. في ألواح الغيب، أنبياء رسلا تعرقوا فجاجا خجلا وخضوعا ل مبدأ التأريخ، لتزف شلال هبهاب من أشراف دموعهم لتطفئ به ضباب كالح، وكأنه غضب عتيد.. ل يوم الدمعة والدم الخضيب.
اليد تكابد على إقناع الرماد ليمليه حبرا من شجاعته وجزء من عذوبة الردى ليكتب على جبين الرغد إذعان الوسن، أمشاج أحزان، تشتاق لنبض الطف وكأن قميص القيامة على يد الدعاء تطالب ب دين عفيف.
هيهات لها كيف تباهي أصبع الرضا، وكيف ترضي الوتر في الخالدين، وقطب الرحى لم يكتمل في وعده ولم يحين..
جملة ل طالما اتقد فيها المعين، ل تحكي لنا قصة سبايا، وعلم وعفة حجاب، وكتاب رقيم. لا يخطأ الحرف وفي سطره خطاب الأولين والآخرين، يحاكي الضمير ويلملم الأحياء ل تروي لنا قصة منبر على دفتيه عهد وإشارة، مواكبة للجمع الغفير.
يتقلد المنى ريض من تباهي، إن احتوت أيادي البركة، زنجيل الميثاق وتلوذ الأصوات ل تردد: ياحسين.
هذه حكايتنا، كل سنة بل كل السنين، ترتدي البيوت ثوب حزنها، وتعلن حدادها، ويغرد الطير ظليمة، وتكمل البيارق مسيرها إلى ذاك الشارع الطويل.
شاخصة أبصارهم ليوم الجمع لاريب فيه هدى ورضا وخطوة للمتقين.. الذين يوفدون غيبا، ومما صنعوا من خبز يقين خالد.. أو تمرة على غرة البساطة، وعبير من ماء سلسبيل لأهل المراد، حبا وكرامة بك ياحسين.
في ليلة الرحيل، يترقب الغيث شمس الضحى ل تحين، وتبدأ قارعة الطبول تهمهم حزنا وعهدا لبدء مسيرة الميثاق وعهدا كان مسؤولا.
ويبدأ الطفل الرضيع يبكي، عند ذكرهم، ويتكلم الأصم، وينبعث النور من عين الضرير.
وتقوى السواعد، لنشأة القصيد، تطلب الهمة من كل ذي عهد عهيد.. في محرم الحرام، كل فرد له رداء يختلف عن غيره من حيث الكلمة واعرابها، حتى أن قيمة الحرف مرهونة ب العطاء، تحت إشعار الفكرة وأهلها.. وتبدأ المحافل ب جميل عطائها، شعرا وقصيدة، وناعيا ب مختلف أطيافها وعلى جميع المستويات حبا ودلالة الخدمة الحسينية تقربا وزلفى.
لايتشبه المعزي إلا ب رداء السواد حزنا، ودمعة حرى وقبضة اليد لتدمي صدور ضمخها الإنتظار.. ف تتكلم الدموع وتلهم إعصارا يلف الجمع، ب صوت يرتفع حبا وطاعة وفداء ل أبا عبدالله الحسين.
يتسائل العلم، وفي خصره يم من اصبع المباهلة. كيف التوى الرغيف عن فم اليتيم، وديمة الفرات في بيت أهل الكساء رافدا؟!
أين خاتم التحدي، وسيف الغدير، وعمر المحراب، يصرخ آلاف سنين؟!
كيف ومواساة المذهب تمهيدا، ل قيم ثابتة، تحييها أكف قلاع تحت ظل وسام المبدأ، وظليمة منتصرة، حتى أن هتاف الرسالة، هوية خالدة تؤتي أكلها كل حين وزمن بأذن ربها، شوقا وإنتاجا ولكن بصيغة تناسب الحاضر وتكتمل ب ثابتات الرؤى وتحيي واقعة ليس لها مثيل، في كل أرض كربلاء.
الطف ، يطوف أعناق مكروبة حزينة متوجعة باكية، تبحث عن صدقة الغياب وتدعو لظهور الحق وثأر قريب، تحت قبة العتاب في ظل شجرة الذبح وقربان
الله شاهد على غرة التراب، في كل يوم عاشوراء.
في حقيقة الشهود يبقى الضمير ضامنا ل نبض الدماء السائلات، والأرض حاضنة العهد المسؤول، وكل عين شاخصة حساب الثقلين.
لان الله ضمن الأرض وماعليها دماء الحسين وأصحابه وأهل بيته، رهبان تحت قبتهم تلوذ المعجزة ب صفاتهم وتقنع البائس الفقير.
واليوم وعلى أعتاب الدقيقة المتكلمة، وهمة اليقين تترقب لحظة الحزن ومنبر مستبين، تجتمع مفاصل الغيث ل تشبع الخلد سجودا وصلاة، وفهما وزكاة، وهتافات ثقال، تتعالى الحناجر، ل حضور الثاكلات، وجمع الباكيات، وشعور ناشرات، بيعة حاضرة ونحن لها مترقبون.
يتسابق الأجر، ويكتب الثواب اسمه على كل صغيرة وكبيرة ويترك له بصمة على القليل المأسور في ذمة الموالي الحزين..
تعج المدينة بأهلها، وتغرس المآثر، وتزداد كيل أثير وعلى الصافنات الجياد يلبس الهدف علما خالدا من كف ورسالة وعين الرقيب، أبا الفضل العباس، حامي الدين وكتاب مبين، قامة الاقتدار، وغيرة قد صادرها كل جيل.
وتفيق الرفقة الطيبة، على حب الاجتماع وحضور الخطاب وقراءة كتاب، وتلتف النفوس شخوصا وافدات في أم القرى وماحولها، كربلاء المقدسة لتعيد المجد وتحفظ العهد وترتقي الدمعة ولتبلغ الحناجر شعارا خالدا، هيهات منا الذلة.
اضافةتعليق
التعليقات