تقول احداهن عاد ولدي من المدرسة ورأيته حزيناً على غير عادته هرب الى غرفته وخبأ حقيبته فحاولت استدراجه على مائدة الغداء، كيف كان يومك ياحبيبي؟!
_قال الحمد لله كان كل شيء على مايرام، ولما سألته عن واجب الاملاء رأيته يزيد بتناول طعامه واطال في الصمت ثم قال عشرة! حصلت على عشرة يا امي.
علمت بداخلي انه يكذب ولكنني لم اجعل ذلك يبدو عليَّ وبعد الغداء رحت الى حقيبته افتش عن دفتر الاملاء فوجدت ان درجته كانت سبعة بدل ان يأخذ عشرة!
اعتصر قلبي الماً ولم اهتم لدرجته بل صرت اتفكر ما الذي دعاه لأن يكذب علي انا التي ما برحت أؤدبه واهذبه وارجو من صفاته وطبائعه ان تكون حميدة وددت لو يكون كما يريد الله ان يكون!.
ناديته واحتضنته بشدة وقلت له حبيبي اخبرتني "العصفورة الصغيرة" انك لم تحصل على عشرة اليوم فلماذا كذبت علي وتعلم انني لن اوبخك او اعاقبك كما لم افعل سابقاً!.
فقال:
_كي لا تحزني يا امي لو كنت اخبرتك الحقيقة كان ذلك سيجعلك حزينة وقبل مدة لم تخبري ابي الحقيقة عندما سألك عن مصير الفرن الكهربائي عندما لم يكن يعمل وقلتِ لي انك لم تخبريه كي لا يحزن.
انهار داخلي وبكى قلبي بصمت، ما وجدت ما ارد به على ابني، فعلمت لكم صار الكذب عادة لا تلاحظ يتوارثها منا الابناء.
اليوم الكل يكذب اصبحت الحياة لا تسير دون ان تنمق بالكذب في كل المعاملات في المدرسة الطالب يكذب والمعلم يكذب والمدير وفي الخارج الصديق يكذب والشرطي العامل والمهندس صعوداً بالسلم الى رئيس الدولة الذي يعد بوعود واهية والشعب يسخر بكلامه فقط لعلمهم انه"يكذب"!.
والسؤال الذي يطرح لماذا نكذب ولماذا صرنا لانخاف من اثم الكذب؟ بل ما الذي جعلنا نعتاد عليه؟ ولقد قال الباقر (عليه السلام): (إن الكذب هو خراب الإيمان) (الكافي).
لذا قام موقع بشرى حياة بجولة استطلاع الرأي حول هذا الموضوع وسألناهم عن آخر مرة كذبوا بها متى كانت وما كان السبب ولما يكذبوا اساساً؟!
فكان رأي ام حسين: لا اتذكر اخر مرة كذبت بها لا اقول انني بتاتاً لا اكذب ولكن الحمد لله لاتوجد لدي صفة الكذب إلا انه الكذب اصبح امر طبيعي بالمجتمع لأننا ابتعدنا عن الدين الحقيقي فلقد جاء بالحديث المؤمن لايكذب.
أما بنين الخفاجي قالت: آخر مرة كذبت بها كانت ليلة الأمس قلت لصديقتي ان الانترنت مفصول وفي الحقيقة كنت قد نمت ولم انتبه لعيد ميلادها لأنني لم اكن اريدها ان تحزن بسبب هذا الشيء، انني في العادة اكذب مجاملة للآخرين ولكنني بالطبع اكره الكذب واحاول تجنبه.
اما ام فاطمة فقالت: آخر مرة كذبت بالأمس على زوجي تجنباً لحدوث مشكلة بيني وبينه.
زينب تقول آخر مرة كذبت قبل اسبوع او اكثر لانني كنت مضطرة، برأيي في الغالب نضطر لنكذب حتى نرضي المقابل مع بالغ الاسف اصبحنا نبحث عن رضا المخلوق في معصية الخالق.
وكان لرؤى الحائري رأي آخر فهي تقول الكذب يبقى كذب ولكنه اصبح امر طبيعي ومعتمد عليه، السبب العادات والتقاليد التي اصبحت دستور والبعد عن الله عز وجل فجعل الدين المصدر الثالث او الرابع المصدر للشرع، الكذاب اليوم يعيش بسلام والصادق ملام، برأيي يكمن الحل بأن نرجع الى مصادر التشريع والقرآن واقوال ائمتنا (ع) ولا نرفع المصالح فوق القرآن ففي قوله تعالى: "ويلٌ يومئذ للمكذبين".
مروة تقول: لا اتذكر آخر مرة كذبت بها لكن هنالك امور تسمى كذبة بيضاء صارت تسود التصرفات لكي تمضي مسيرة الحياة مع الاسف.
فلو تفكرنا قليلا هل لهذه المبررات الواهية وارضاء الآخرين كفيلة لتبرر ما وصلنا اليه من حال مع الكذب (إن الله جعل للشر أقفالا، وجعل تلك الأقفال الشراب، والكذب شر من الشراب) هذا قول مولانا الباقر (الكافي).
وان الشريعة حددت لنا مواطن يجوز فيها ان نكذب ولا ينبغي ولا يجوز لنا اجتيازها وهنا نكتفي بقول مولانا الصادق حيث قال (عليه السلام): ( كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما إلا في ثلاثة:
رجل كايد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى هذا يريد بذلك الإصلاح فيما بينهما، أو رجل وعد أهله شيئا وهو لا يريد أن يتم لهم)(الكافي).
اضافةتعليق
التعليقات