جعل ربنا مقياس الفضل والرقي التقوى ولكن لا يخفى على أحد تأثير النسب والعرق حيث الصفات تتناقل من جيل إلى جيل آخر وهناك صفات معينة تتواجد في بعض العوائل كالشجاعة والكرم والعكس كذلك حيث إن هناك عوائل تشتهر بالجبن و البخل وغير ذلك من صفات مذمومة.
القلم يقف حائراً عندما يصل إلى أعتاب آل بيت رسول الله صلى الله عليه واله يكلّ اللسان وتحير الأذهان ماذا يكتب عن أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيرا؟
من يولد في بيت النبوة كيف سيكون؟
إن الأجواء والبيئة من المصادر المؤثرة في تشكيل شخصية الإنسان حيث إن الفرد يتأسى بأخلاق من حوله و كما يقال "الانسان إبن بيئته".
فيا ترى ماذا يحمل من صفات من يولد في هذه الأجواء ويتربى في هكذا بيئة حيث لا يوجد أثر من النزاعات والشجار والصفات الذميمة بل هناك نور و صفاء في كل زاوية من زوايا الدار و في كل صفة من صفات أولئك الأطهار ؟
علي الأكبر الوليد المبارك
في يوم الحادي عشر من شهر شعبان ، ولد أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله كما شهد بذلك سيد شباب أهل الجنة عندما برز علي الأكبر في يوم الطف قال عليه السلام:
:<<اللّهم اشهد، فقد برز إليهم غلامٌ أشبهُ الناس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك>>*١.
سيد شباب أهل الجنة لا يتكلم عبثاً ولو لم تصل إلينا أية فضيلة من فضائله عليه السلام لكفانا هذالكلام المبارك حيث ندرك مدى عظمته لأنه أشبه الناس بالنبي الأعظم صلى الله عليه وآله من ناحية الجمال والأخلاق حيث إنه كان مصدر الرحمة والأخلاق الحسنة والتواضع وكثير من الصفات الأخرى، ويصف الباري عزوجل نبيه الكريم في كتابه : إنا أرسلناك رحمة للعالمين. فمن يكون وجوده رحمة للعالمين سيحمل النور والجمال في كل قول وفعل، عند قيامه وجلوسه ولسنا في صدد عن هذالكلام وبيان فضائل النبي صلى الله عليه وآله لأنها لاتعد ولاتحصى .
ولكن يريد مولانا سيد الشهداء أن يبين بأن هذه السلالة طاهرة و بعثت رحمة للعالمين و منطقهم ليس منطق الحرب وإنما منطق الخير والثواب كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يهجم على أحد خلال فترة رسالته بل جميع حروبه كانت لأجل الحفاظ على سلامة المسلمين و دفاعاً عن أرواحهم أمام هجوم الأعداء.
وقال الشيخ عبد الحسين العاملي(قدس سره)أبيات من الشعر في فضل علي الأكبر :
«جمعَ الصفاتِ الغُرَّ فهي تُراثُهُ *** عن كلِّ غِطريف وشهمٍ أصيدِ
في بأسِ حمزةَ في شُجاعةِ حيدر *** بإبى الحسينِ وفي مهابةِ أحمدِ
وتراهُ في خَلق وطيبِ خلائق *** وبليغِ نُطق كالنبيِّ محمّدِ»*٢
المؤنس الحبيب.
من المواقف التي وردت ذكره الشريف و بينت مواقفه الرصينة عندما ارتحل الإمام الحسين (عليه السلام) من قصر بني مقاتل، فقد ورد بأنه «خفق الحسين برأسه خفقة، ثمّ انتبه وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمدُ لله ربِّ العالمين. قال ـ أي الراوي ـ: ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً.
قال: فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين على فرس له فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله ربِّ العالمين، يا أبت جعلت فداك، ممّ حمدتَ الله واسترجعت؟ قال: يا بُني، إنّي خفقتُ برأسي خفقة، فعنّ لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نُعيت إلينا، قال له: يا أبت، لا أراك الله سوءاً ألسنا على الحق؟ قال: بلى، والذي إليه مرجع العباد، قال: يا أبت، إذاً لا نُبالي نموت مُحقّين، فقال له: جزاكَ اللهُ من ولدٍ خير ما جزى ولداً عن والده»*٣.
فقد رأى الخير و جزى عن والده وعن امام زمانه وكان أول من نال مقام الشهادة من بني هاشم و حظي بأن يُدفن في ضريح أبيه المبارك و تحت رجله كي يعرف العالم رسالة غربة سيد الشهداء عن طريق رؤية قبر المظلوم و أبنائه المظلومين الشهداء أمام عينه....
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد و يوم يشفع للباكين عليه...
اضافةتعليق
التعليقات