في حقيقة الأمر إن ما يتحطم منا هو أوهامنا المكذوبة، ما عدا ذلك فنحن في أتم العافية والمعافاة.
في الموت والولادة تموت كل الأوهام، عدا ذلك فإن الحظ الأوفر لتلك الأشياء الأجمل التي تولد من جديد.
الموت في كل لحظة من حياتنا موجود فالوقت الفاني يفنى ويموت وهكذا نحن على خطاه حيث اقترنا به، وما هو الوقت سوى مخلوق عظيم جعله الله مُهلة الحياة، وهو أيضا هالك لا محالة.
وهكذا نحن نعيش بين الضدين في كل يوم، في كل مرة يولد شئ وتموت أشياء أخرى.. إنها الهندسة الكونية الرائعة بهذا التنسيق المتناغم وبكل انسيابية يموت شئ ليعيش آخر .
سلسلة من اللحظات البراقة تُثير العقل البشري حينما يتأمل الانسان أسلافه القدامى من الحضارات، اولئك الذين ماتوا ليولد هو .
كذلك لو إتسع الحديث، فإن ولادة الانسان ذلك المخلوق المُتقن بعناية فائقة نراه وليدا.. يسرُق حياتهُ من امرأة، تلك الأم التي تهبهُ الحياة بعد مخاض عسير قد يفوق ثمنهُ كل الحياة، فقط لتُنجب روح أخرى وقلب آخر يملك النبضة ذاتها..
هذه اللحظة هي الأثمن في تشريف المرأة وتعظيمها، الريحانة التي قد تُضرب إلى حد الذُبول.. مُقتدين بالآية الكريمة "واضربوهن" مُحرفين بذلك كلام الله لما يلائم عنجهيتهم الوضيعة، تلك التي حسِبتُ أنها انقرضت حتما في عصر الحداثة والتكنولوجيا.. والحق أن الأبالسة في كل حين حاضرون، جهلوا أن أحكام الله تستند لشريعة رسوله (ص) وإنه رغم تعدد زيجاته لم يضرب واحدة قط.
إن الدين الذي أمر الرفق بالحيوان يتناقض حكمه مع ضرب المرأة ولو كانت ناشزا.
إن ما ذهبت إليه التفاسير المُنصفة "واضربوهن" هي معنى الاضراب والمقاطعة ذلك لأن الفعل "ضرب" فعل متحرك يحمل عدة معاني توصف أغلبها بالضرب بين الشيئين أي باعد بينهما، وفي ذلك يطول الحديث.
وهكذا فالمرأة هي القرار المكين الذي يهب الجنين حياته، فيصير الرضيع طفلا والآخر يكبر صبيا، ولم يولد الصبي وأيام الصبا إلا بموت أيام الطفولة ذلك لأن الطفولة الجسدية هي الأخرى تمضي ولا تعود، بل إن الجسد كله يتنقل بين موته وميلاد جديد.. حيث لأجسامنا من القابلية والتجدد ما يفوق الدهشة.. عملية التجدد تلك التي تنتج خلايا جديدة حديثة الخلق عوض الخلايا الأخرى الميتة، وفترة حدوثها تختلف بحسب العضو الذي تحدث فيه، فمثلا تتجدد خلايا الجلد والبشرة بعد كل استحمام أو غسل بالماء ويمكن ملاحظة الخلايا الميتة المتفتتة، ويعزى ذلك لكون خلايا الجلد هي الأقصر عمرا.. (3 ساعات فقط)..
وكذلك خلايا الشعر والدم والعمود الفقري وغيرها تموت وتتجدد مرة أخرى وبمدة محددة.. لذلك تُشير الدراسات إلى أن جسم الانسان يتجدد تماما كل حوالي (5 - 7 سنة).. فيما عدا خلايا القلب والدماغ يُعزى تجديدها لغذائها الروحي والعقلي تِباعا.
إذن نحن نعايش الموت بوجودنا على قيد الحياة، نعيشهُ عندما ماتت أيام طفولتنا واصبحت غابرة بعيدة، ونعيشهُ عندما يموت الشخص القديم داخلنا لنولد بشخصية مغايرة أخرى.. نحن نعايش الموت عندما تموت مشاعرنا البدائية مهما كان نوعها لتولد أحاسيس جديدة لا عهد لنا بها سابقا.. وهكذا فنحن في المستقبل أشخاصا نختلف عما عليه الآن.
اضافةتعليق
التعليقات