إن علم الأخلاق هو: العلم الباحث في محاسن الأخلاق ومساوئها والحث على التحلي بالأولى والتخلي عن الثانية.
ويحتل علم الأخلاق مكانة مرموقة ومحلاً رفيعاً بين العلوم، لشرف موضوعه وسمو غايته. فهو نظامها، وواسطة عقدها، ورمز فضائلها، ومظهر جمالها.
إذً العلوم بأسرها منوطة بالخلق الكريم، تزدان بجماله، وتحلو بآدابه فإن خلت منه غدت هزيلة شوهاء تثير السخط والتقزز.
فالأخلاق الفاضلة هي التي تحقق في الإنسان معاني الإنسانية الرفيعة وتحيطه بهالة وضّاءة من الجمال والكمال وشرف النفس والضمير وسموّ العزة والكرامة كما تمسخه الأخلاق الذميمة وتحطّه إلى سويّ الهمج والوحوش.
وليس أثر الأخلاق مقصوراً على الأفراد فحسب بل يسري إلى الأمم والشعوب، حيث تعكس الأخلاق حياتها وخصائصها ومبلغ رقيها وناهيك في عظمة الأخلاق أن النبي محمد(صلى الله عليه وآله) أولاها عناية كبرى، وجعلها الهدف والغاية من بعثته ورسالته فقال: "إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
وهذا هو ما يهدف إليه علم الأخلاق، بما يرسمه من نظم وآداب تهذّب ضمائر النّاس وتقوّم أخلاقهم وتوجههم إلى السيرة الحميدة والسلوك الأمثل.
وحسن الخلق: هو حالة نفسية تبعث على حسن معاشرة الناس ومجاملتهم بالبشاشة وطيب القول ولطف المداراة كما عرّفه الإمام الصادق (عليه الصلاة والسلام) حينما سُئل عن حدّه فقال: "تلين جناحك، وتطيب كلامك، وتلقي أخاك ببشر حسن".
من الأماني والآمال التي يطمح إليها كل عاقل ويسعى جاهداً في كسبها وتحقيقها أن يكون ذا شخصية جذابة ومكانة مرموقة محبباً لدى الناس عزيزاً عليهم.
وإنها لأمنية غالية وهدف سامي، لا يناله إلا ذوو الفضائل والخصائص التي تؤهلهم كفاءاتهم لبلوغها ونيل أهدافها كالعلم والاريحيّة والشجاعة ونحوها من الخصال الكريمة.
إن جميع تلك القيم والفضائل لا تكون مدعاة للأعجاب والإكبار وسمو المنزلة ورفعة الشأن إلا إذا أقترنت بحسن الخلق وأزدانت بجماله الزاهر ونوره الوضّاء. فإذا ما تجردت منه فقدت قيمها الأصيلة وغدت صوراً شوهاء تثير السأم والتذمر. لذلك كان حسن الخلق ملاك الفضائل ونظام عقدها ومحور فلكها وأكثرها إعداداً وتأهيلاً لكسب المحامد والأمجاد ونيل المحبة والإعزاز.
انظر كيف يمجد أهل البيت (عليهم السلام) هذا الخلق الكريم ويطرون المتحلين به إطراءً رائعاً، ويحثون على التمسك به بمختلف الأساليب التوجيهية المشوّقة، كما تصوره النصوص التالية:
قال النبي محمد (صلى الله عليه وآله) "إن صاحب الخلق له مثل أجر الصائم القائم". وقال الصادق (عليه السلام) "إنّ الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد".
وقال (عليه السلام): "البر وحسن الخلق يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار".
اضافةتعليق
التعليقات