للمرأة دور أساسي في بناء المجتمع ويساهم في صناعة العظماء وابراز قيادات قوية للمجتمع، حيث لاحظ العقلاء حضوراً مميزاً للمرأة في حياة الكثيرين من العظماء والزعماء الناجحين فلابد من قوة تدفعهم نحو تحقيق الهدف، فكانت من خلفهم سيدة عظيمة كما قالوا: «خلف كلّ رجلٌ عظيم امرأة».
والتاريخ يخلّد لنا ذكرى العديد من النساء اللاتي ارتقين سنام العظمة، كما لا يخلو حاضر البشرية من نماذج نسائية عظيمة ساهمن في نجاح عملية الرسالة الالهية فلا بد من امرأة تقف وأن اختلفت الصلة فمرة تكون زوجة وأخرى أخت.
وفي طليعة النساء المخلدات في تاريخ الإنسانية كانت السيدة خديجة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والسيدة الزهراء مع الامام علي (عليه السلام)، والسيدة زينب مع الامام الحسين (عليه السلام) فكل سيدة قدمت وجادت بنفسها ومالها وتحملت الأذى من قومها لتنقذ الرسالة المحمدية، فكانت السيدة زينب بقية من الصالحات التي تصدت للمواجهة ودفع الظلم عن السلالة العلوية ومعرفة الناس بما جرى في واقعة عاشوراء حتى كانت الصوت الاعلامي للحسين (عليه السلام) فاستخدمت طريقة الاعلام، ومما ساعدها في هذا الجانب فصاحتها وبلاغتها واصابة المعنى وجمعت بين العذوبة والجزالة والسهولة والرصانة، وقد اعترف بها كل من كتب في واقعة عاشوراء ونوه بجلالتها أكثر أرباب التاريخ، فكيف لا تكون لها الشجاعة الأدبية والفصاحة العلوية وهي بنت سيد البلغاء وبنت السيدة الكبرى فاطمة الزهراء، فكانت بشهادة أمام زمانها بأنها عالمة غير معلمة.
وهنا تقف العقول كيف كانت وماذا قدمت حتى تكون بهذه المنزلة، وكيف يصف الإمام عليه السلام عمته بصفة هي لله عز وجل؟.
وجدت في تفسير هذه الجملة أحد معنيين فالأول يحتمل أنها عالمة بالله تعالى وبآياته الظاهرة، من خلال فطرتها الصافية، وعقلها الراجح، وتدبرها في آيات الله تعالى، فلا تحتاج إلى من يعرفها بما يتوجب عليها في مثل هذه المواقع الحساسة ما يجب عليها من التحلي بالصبر، وجميل العزاء، والكون في مواقع القرب من الله تعالى، راضية بقضائه صابرة على نزول بلائه، وتعقيبا على هذا الكلام انتمائها لأسرة كريمة طاهرة أشار الله تعالى في كتابه لهم بالتطهير المطهر .
والآخر يقول: أن يكون مراد الإمام عليه السلام أنها قد بلغت مراتب عالية جعلتها أهلاً لتلقي الإلهامات الإلهية الهادية، ومحلاً لنور العلم الذي يقذفه الله في قلب من يشاء، على قاعدة ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾.
فهي عالمة غير معلمة من البشر . وإن كانت معلمة بتعليم الله، وتوفيقه، وهداياته، وشتان ما بين علم الله تعالى وعلمها عليها السلام، فإنه تعالى عالم بالذات، وأما زينب عليها السلام فهي عالمة بتعليمه تعالى، تماماً ككون الله غنياً بالذات، وفلان من الناس غني بالله تعالى.. والله قادر بالذات وغيره قادر بأقداره تبارك وتعالى. وحينما نقرأ شخصيتها العظيمة، ونراها العالمة العارفة، والمعلّمة المحدّثة التي كانت تعلّم النساء، ويروي عنها الرجال في مواطن عديدة تستحق أن تكون منارا ونبراسا للنساء ليقتدين بها ويتخذن من سيرتها جوانب عديدة، فهي الأم الصالحة والأخت المجاهدة والزوجة المباركة. تعددت الأدوار وبقيت الصديقة الصغرى محور الزمان والمكان وحكاية بدأت من بيت علي وخلدت ليوم الظهور .
اضافةتعليق
التعليقات