الوحدة الإسلامية كشعار، وكبديل لعواطف غير نابعة عن القلب شيء سهل، أما إلباسها لباس الواقع المباشر فهو بحاجة إلى طرح متكامل، يلف الأمة والدولة من ناحية، ومختلف الاتجاهات التقليدية والمراجع والعلماء من ناحية ثانية.
ولعل هذا الطرح الذي نذكره يفي بالأمرين:
إن في العالم الإسلامي الأعم مما يسمى بالبلاد الإسلامية، أو الذي يسمى بالبلاد غير الإسلامية ألف مليون مسلم، زهاء نصفهم شيعة ونصفهم سنة وهؤلاء متشابكون في البلاد. وإن كان الأكثر في بعض البلاد شيعة. وفي بعض البلاد سنة، كما انهما يتساويان في بعض البلاد الآخر.
فإذا أريد جمع هؤلاء في وحدة دينية حكومية واحدة. فاللازم أمور:
1- جمع كل مراجع تقليد الشيعة في مجلس أعلى يحكمون فيه بأكثرية الآراء.
2- جمع كل مراجع السنة والعلماء الذين يتبعونهم في أخذ الأحكام في مجلس أعلى يحكمون فيه بأكثرية الآراء.
3- وهذان المجلسان، يجمعهم مجلس واحد، فإذا أريد صدور حكم بالنسبة إلى إحدى الطائفتين فقط، كان لعلمائهم اصدار الحكم بأكثرية الآراء. وإذا أريد صدور الحكم بالنسبة إلى الجميع – حيث ان الأمر يهم كل الألف مليون مسلم. من جهة سلم أو حرب أو ما أشبه – كان الحكم يتبع أكثرية آراء المجلسين معاً، لكن بمعنى أكثرية هذا المجلس وهذا المجلس، لا بمعنى الأكثرية المطلقة.
مثلاً لنفرض ان في كل مجلس تسعة من العلماء مما يشكل المجموع ثمانية عشر، فإذا أريد حكم على البلد الاسلامي ذي الألف مليون مسلم...
4- وكل طائفة من الطائفتين، لهم حرية المناقشات الأصولية والفروعية، وإنما لا يحق لطائفة أن تعتدي اعتداءاً جسمياً أو مالياً على طائفة أخرى (فإن حرية الرأي والكلام والنشر وما أشبه من مفاخر الاسلام الذي جاء لانقاذ الانسان من الكبت، في كل أنواع الكبت).
5- ثم ينبع من المجلس الأعلى وشورى العلماء أحزاب إسلامية حرة، كل حزب في نطاق طائفته. وتكون هذه الأحزاب مدارس سياسية، اقتصادية، اجتماعية، تربوية، لأجل تربية الصالحين لإدارة البلاد في المجالات التأطيرية: (التشريعية، والقضائية، والتنفيذية).
وينصب الولاة من جنس الأكثرية في القطر، بدون أن يحدد ذلك من حريات الأقلية وكذلك حال القضاة ومن إليهما.
وتكون مهمة هذا المجموع: (العلماء والأحزاب) ارجاع الأمة الواحدة الرشيدة إلى الحياة. وارجاع حكم الله سبحانه، فإن الدولة والأمة لا تخلوان من أحوال:
ألف: أن تكون القوانين دنيوية بحتة كبلاد الوثنيين والشيوعيين.
ب: أن تكون القوانين دينية بحتة بدون ملاحظة الدنيا، كبلاد المسيحية في القرون الوسطى.
ج: أن تكون قوانين دينية بيد العلماء، وقوانين دنيوية بيد الحكام، بأن يكون مالله لله وما لقيصر لقيصر (على اصطلاحهم) كما في البلاد الغربية الآن.
د: أن تكون قوانين دينية بيد العلماء، وقوانين دينية بيد الحكام، كما في بلاد الاسلام اليوم.
ه: أن تكون القوانين دينية ودنيوية بيد العلماء الذين هم الحكام ويساعدهم الأخصائيون من المثقفين.
والأول- ارهاب بحت وتأخر فظيع.
والثاني- خراب الدنيا.
والثالث- يوجب انفلات الدنيا عن الروح مما يسبب الاستعمار في الخارج والاستعمار والفساد في الداخل.
والرابع- يوجب التناقض بين الجهتين و ولاء للناس في مكانين متضادين وتدافع بين الحكام والأمة.
فلم يبق إلا الخامس- الذي هو عمارة للجسد والروح، وتلائم بين الدين والدنيا، وهذا هو الذي فعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه الأبرار وأمر به الكتاب والسنة.
اضافةتعليق
التعليقات