سأحكي اليوم قصتي.. انا هيكل خشبي يوضع فوق الناقة.. ليستر النساء المخدّرات.. دائما اشعر بالفخر كوني أمان وستر لكل عفيفة مخدّرة.. كنت أتحسس ثقة الرجال وهم يسلمون نساءهم بين يدي.
في أحد الايام.. كنت على ناقة واقفة أمام بيت سادة البشر.. أمام بيت علي (عليه السلام).. كلي شوق لأعرف أية مخدرة سأغطيها بأماني.. أية طاهرة سأتشرّف بسترها.
واذا بجليلة نورانية.. ذات هيبة ووقار.. ومعها رجل لم أكن أستطيع النظر الى وجهه لطوله.. مهما رفعت عينيّ أعود خائبا.. ها هم يقتربون مني.. يا الله من تلك الجليلة.. واذا بي اعرف انها فخر المخدرات.. انها بنت فاطمة.. انها زينب! عندها عرفت من كان معها.. فقد سمعت ان كفيلها هو سبع القنطرة.. هو العباس.
قلت لنفسي.. لله درك.. بنت علي ستكون عندك.. ستكون موضوع ثقة إمامك الحسين عليه السلام.. اركبها العباس.. لهيبته لم استطع ان اقول له سيدي سأكون على قدر ثقتكم واحمي مخدرتكم.
انطلق الركب.. وانا اعيش اسعد ايامي.. فعقيلة بني هاشم بين يدي.. ولكن !!حدث موقف أذهلني.. بين مدة وأخرى كان ينزل كفيلها.. ليتفقد حالها.. كان يهتم بها كثيرا.. ادركت عندها مدى اهتمام العباس بمولاتي الطاهرة زينب.. لم استطع ان اخبره بأنني اعاهده بحمايتها.. اردت ان اسأله واقول له سيدي ألا تثق بي؟! ولكن حزمه كان يمنعني.
وهكذا هو حاله.. طوال الطريق.. حتى وصلنا الى ارض تعثّرت الناقات بمجرد دخولها.. تحركت من مكاني قليلا.. ولكنني صمدت.. فأنا سأكون الحامي لبنت الاشراف.. سمعت ان الارض التي وصلنا اليها كان اسمها كربلاء.. سمعت تأوه أبو عبد الله عند سماع اسمها.. فقال هنا نقتل. هنا يقتل اهل بيتي.
نزلت المخدرات من الناقات.. ادخلوهن الخيام التي نصبت هناك.. ومازلن مكرّمات معززات بوجود رجاله .. حتى ظهيرة يوم العاشر.. بعد ان قتل اهل بيت النبوة والاصحاب الاوفياء.. وعرفت ان كافل العقيلة قتل على النهر.. مقطع اليدين والسهم بعينه ورأسه مهشّم بالعمود.. لا يقوى بعد على حماية اخته العقيلة.. ومولانا الحسين مرمي على التراب مخضبا بالدماء.. والشمر على صدره يريد ان يحز نحره.. خرجت العقيلة من خيمتها قاصدة جسد حبيبها واخيها الحسين.
حاولت ايقافها.. فانا اريد ان أفي بعهدي لكافلها بأن احميها بكل طاقتي.. ولكن هول المصيبة أعاقني عن ايقافها.. وصلت الى الحسين ورأته بتلك الحالة.. امرها الامام بالعودة الى الخيام.. عادت ولا يعرفها احد.. فما رأته بأخيها غيّر ملامحها.. تقدم بها العمر 50 عاما.
بقيت اراقبها واحاول حمايتها.. حتى جاءنا رعب ذلك الصوت الذي نادى إحرقوا بيوت الظالمين فأضرموا النّار في الخيام ففرّتِ النساء والأطفال على وجوههم في البيداء.
ولأنني كنت بقرب خيمة العقيلة.. بدأت النيران تلتهمني كما التهمت ثياب الاطفال.. حاولت ان أتجنبها فقط لأبقى على وعدي بحماية الطاهرة بنت علي.. ولكن لا جدوى فقد تلاشى جلدي واحترق هيكلي الخشبي.. وبقيت بلا فائدة.. التفت بعيني الى الميدان باحثا عن مولاتي.. رأيتها لاذت بتل وهي تستغيث بالحسين عليه السلام.. ولكن لا طاقة لمولانا بالجواب.
ادرت وجهي الى اخواتي المحامل الاخرى علنّي اجد واحدة مازالت صالحة لاوصيها بخدر بنت علي.. ولكنني وجدتهن بين محروقة ومسلوبة!! وعندها ابلغت الكافل السلام عن بعد.. وطلبت منه المعذرة..! فعقيلتهم ستسبى الى الشام على الهزل بلا محامل!! آه لمصابهم.
السلام على جبل الصبر وفخر المخدرات العقيلة زينب بنت علي.
اضافةتعليق
التعليقات