تناسُق اضواء المدينة مع اشجارها يخطف بصر الناظر، قمرٌ يتوسطُ ظلامه بلا نجوم، اصوات السيارات والمارة يضفي حركة روحية جميلة كأني لأول مرة اسمعها بإنصات، رائحة القداح تتسرب إلي من نوافذ الباص وتُعلن استقرارَها رافضةً الزفير، كل ذلك رأيته بعدما رفعتُ رأسي من جهاز الموبايل أنتظر تحميل لعبة (Clash) اللعبة المفضلة لدي، تعلقي بالألعاب كتعلقي بوالدَي لم أترك لعبة إلا خضتُها، توقف الباص مع وصولنا الى احدى السيطرات معلنا الهدوء فلا شيء سوى صوت الاذاعة سيطرَ على اسماعنا (فردّ الامام الجواد: ويحك ماخُلقنا للعب) هذه الجملة التي ظل صوتها يتردد في وادي رأسي الذي ملأه الفراغ صداها فرض سيطرته، ولم استفق إلا على اصوات الصراخ هذا ينادي هناك حزام ناسف والاخر يصرخ سيارة مفخخة.
هرب الجميع من سياراتهم، الضجيج ملأ المكان، الرعب دبّ في قلبي التفت لاجدَ إمرأة مع طفلها خلفي، اخذت الطفل ونزلت هتفت: اتبعيني، ابعدتها وطفلها ثم سمعت اصوات الدفاع المدني يحاولون تفكيك العبوة،
راقبتُ من بعيد مرتقباً القادم وتلك الجملة تطرق ابواب مسامعي، أُعلن تفكيك العبوة وبدأت الاصوات تتعالى بلبيك ياحسين..
انظر لهم تُرى أين نحن عن هذه المقولة تعجبت من حالنا أنذكر أهل البيت فقط بالشدة،
عدتُ حاملا معي هم غربة النفس، أندب اشجاني أعيش صراع مهول بين الساكن اعلاي وبين هذا النابض، اخذتني قدماي الى حيث المنزل، ملامح القلق على وجه أمي اظنها سمعت بالخبر احتضنتني وانا كجثة منهك الروح والبدن، استأذنت بعد ان طمأنتُها على حالي.
دخلتُ الحمام أراقب المياه كيف تنساب على يدي، ماهي إلا لحظات حتى شاركتُها بدموعي،
بكائي كطفلٍ غادره ابواه كلُّ افعالي مرّت أمامي وأنا أقارنها بلحظة الخوفِ تلك، امتعضتُ من نفسي لم أنم تلك الليلة كالمعتاد لكن بدل من قضاؤها في اللعب قضيتها أنظر الى سقف الغرفة وصوت الساعة المربك ضجيعي، تلفاز افكاري يقلّبُ تلك اللحظات لحظة لعبي وسماعي للجملة تارة وتارة الصراخ المخيف ونداء التلبية..
تشابك الافكار سيطر علّي حد الثمالة،
كنتُ سأموت لو إنها انفجرت، ماذا قدمت، بماذا أخبر ربي عن اي شيء؟؟؟ طرحتُ العديد من التساؤلات ومجموعة كبيرة من حرف( لو).
سمعتُ نداء الصلاة الذي أسمعه لأول مرة، الريح تتغنى به تارة يقترب وأخرى يبتعد،
انتظرتُ حتى نهايته وبعدها افترشتُ مُصلاي،
متوجها بذلك الخوف الى ربي، بدأتُ أترنم بتراتيلي حتى اعلنت دموعي الهبوط في محضره، شقتْ طريقها في قلبي قبل عيني..
انهيتُ الصلاة وقد أُزيلتْ اطنان الهموم عني، إتجهت الى فراشي، استسلمت للنوم كطفلٍ أتعبه اللعب فأستقر في احضان أمّه.
اضافةتعليق
التعليقات