خاتم الرسل وأفضلهم سيد الأكوان من اختاره تعالى لاختتام رسالته إلى الخلق ولم يرض إلا الاسلام دينا، رضيّه بعد أن أتم حجته على خلقه، وعيّن لهم من يرجعون إليهم ليأخذوا عنهم أمره تعالى ويتعلموا منهم مفهوم هذه الحياة ويسيروا بهم في طريق مباشر إلى خالقهم، وقد أشار لذلك حبيبه خاتم الرسل الداعي إلى الحق في خطبته في غدير خم بعد اتمام اخر حجة له التي قال فيها:
"معاشر الناس إن الله عز وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب..
معاشر الناس إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى، وهذا علي إمامكم ووليكم وهو مواعيد الله والله يصدق ما وعده..
معاشر الناس قد ضل قبلكم أكثر الأولين والله لقد أهلك الأولين وهو مهلك الآخرين، قال الله تعالى: ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين.
معاشر الناس إن الله قد أمرني ونهاني وقد أمرت علياً ونهيته فعلم الأمر والنهي من ربه عز وجل فاسمعوا لأمره تسلموا وأطيعوه تهتدوا وانتهوا لنهيه ترشدوا وصيروا إلى مراده ولا يتفرق بكم السبل عن سبيله.
معاشر الناس أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم بإتباعه ثم علي من بعدي ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون إلى الحق وبه يعدلون".
من مصادره المذكور بها، مستدرك الحاكم (ص110، ج3)، أسد الغابة(ص307، ج3)، كنز العمال (ص398، ج3).
لكن هذا الطريق قد تعترضه صعوبات فيحتاج لتحدي وعزم وهمة لاكماله والثبات فيه دون التأثر بالرياح العاتية لذا لم يثبت إلا القلة القليلة مع الحق《أكثرهم للحق كارهون》ولم يحتمل الصعوبات ولم يتجاوز العقبات إلا من كان صُلب الايمان قوي العزيمة فما كان من موقف إلا وكان يدعو الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى اتباع هذا الطريق والابتعاد عن الباطل، وهو ما ينطق عن الهوى إنما باسم الرب يتحدث ولما يأمره تعالى يمتثل، وفي كل حدث عظيم أشار الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم لمقام أهل بيته واختيار الرب لهم، فاختار الله له أن يُباهل نصارى نجران بمن يَبَان الملكوت في محياهم.
والمباهلة في الإسلام هي الملاعنة، أي الدعاء بنزول اللعنة على الكاذب من المتباهلين المتلاعنين، والبَهلة اللَعنة والبهل هو اللعن كما جاء في القاموس المحيط وتاج العروس.
وغرض المباهلة إعلاء الحق وإزهاق الباطل وإقامة الحجة على من استكبر على الحق. حيث قال تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَإذِبِينَ).
وقد نقل الحادثة علماء الفريقين شيعة وسنة فقد نقل السيوطي يقول: «عن الشعبي قال: كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى قولاً في عيسى بن مريم، فكانوا يجادلون النبي فيه.
فأنزل الله هذه الآيات في سورة آل عمران: (إن مثل عيسى عند الله) إلى قوله: (فنجعل لعنة الله على الكاذبين). فأمر بملاعنتهم، فواعدوه لغدٍ، فغدا النبي ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة، فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية.
فقال النبي: لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تّموا على الملاعنة»
وحسب صحيح مسلم وسنن الترمذي ومسند أحمد بن حنبل، أخذ النبي محمد معه للقاء نصارى نجران أهل بيته وهم:
علي بن أبي طالب
فاطمة بنت محمد
الحسن بن علي
الحسين بن علي.
وكذا ذُكر ذلك في وسائل الشيعة ومصادر أخرى.
فهل بعد التصريح بأهمية اتباع هذه الثُلة المميزة العظيمة المفضلة لدى الرب والأقرب إليه من بين خلقه واكتمال الدين بالإلتزام باتباعهم وتوليهم وتمام النعمة بولايتهم وتنصيبهم، يصح اتباع غيرهم والرجوع لغير ما أمر به الخالق، فهل من الحكمة والعدل أن يترك خلقه وصنائعه سدى ويسلم كل الأمور إليهم وهم القاصرون عن معرفته حقاً، وعن ما يصلح لهم، فللطفه وحكمته وعدله ورحمته بعث لهم الرسول الأعظم وأهل بيته رحمة بالخلق ولتكن حياتهم طيبة كريمة لو اتبعوا قوله وأمره وساروا كما أراد خالقهم، فسلام الله تعالى على رسوله وعترته الطاهرة الذين اختارهم على علمٍ من العالمين.
عن أبي إسحاق عن حنش الكناني، قال: سمعت أبا ذر رضي الله عنه، يقول وهو آخذ بباب الكعبة من عرفني فأنا من عرفني، ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
(ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق)
اضافةتعليق
التعليقات