(المعرفة وحدها لا تكفي، لا بد أن يصاحبها التطبيق، والاستعداد وحده لا يكفي فلابد من العمل).
في كل ما قمت به إلى الآن عزيزي القارئ من تحديد لأهدافك الحياة، ووضع خطة لبلوغ هذه الأهداف، مراعياً فيها المعوقات التي ستقابلك، وكيفية حلها وتجاوزها، كل هذا جهد مهم وضروري لتحديد مسار حياتك، ولكنه في الحقيقة لا قيمة له إذا لم يتبع هذا الجهد تفعيل لكل هذا في أرض الواقع، فهل يكفي أن تخطط لرحلة تحدد فيها المكان الذي تقصده وتعد له العدة وتتهيئ للرحلة، وتضع في الحسبان حلول لأي معوقات تصادفك، ثم بعد كل هذا تظل في مكانك ولا تسافر؟ لا شك في أنك تتفق معي على أن هذا التصرف يعد جهداً مهدراً ووقت ضائع، وأدوات مستهلكة، مع عدم وجود ناتج في النهاية، فمتعة الرحلة لن تتحقق وأنت في مكانك لم تبرحه، وكذلك حقيقة الإنجاز وتحقيق الأهداف لن تتحقق وأنت في مكانك لم تفعل أهدافك وخططك في ميدان حياتك، فابدأ من الآن في تنفيذ ما وضعته على الورق من أهداف وخطط لتحقيقها، ولتكن حياتك عندك غالية، فلا تبددها دونما تشعر، واحرص على أن تكون لك قيمة تبرر وجودك، وإلا صارت هذه الأهداف لا تساوي حتى الحبر الذي كتبت به.
اكمال لوحة أحلامك تكتسب أهمية بالغة بشكل قوي مع الشروع في تحقيقها، فتطبيق وتفعيل أحلامك وأهدافك على أرض الواقع هو العنصر المتمم لمعادلة الإنجاز، التطبيق هو صلب الإنجاز، وهو عادة الناجحين، وسرّ المتفوقين، وعماد المخترعين والمبدعين، وحجة النابغين، ومن لا يطبق فلا يتوقع أي نتائج البته، إن هذه المرحلة من الإنجاز هي مرحلة كشف الجادين من الخائبين، من لا يطبق بعد أن يخطط فطريقة الإسقاطات على الآخرين وغير ذلك، فتخطيط بلا تطبيق كمن شرع في رسم لوحة جمالية، ورسم الخطوط الرئيسية فيها، ثم كف عنها، فتكون اللوحة عبارة عن خطوط بلا معنى، فهل ممكن أن توصف مثل هذه اللوحة بالجمال؟ حتى وإن كان يحمل راسمها في عقله أفكاراً جمالية لها، فهو لم يترجم هذه الأفكار إلى شيء على الورق، كذلك خطط ولم ينفذ، فالرسام هو أنت، والورقة هي حياتك، والأفكار الجمالية هي أهدافك، والفرشاة هي خططك، ورسمك هو فعلك وجهدك الذي يثمر في النهاية لوحة تبهر العقول، وهل هناك لوحة أجمل من نجاحك في تحقيق أهداف حياتك؟ فمن الممكن أن تمتلئ بالحماسة، ويكون لديك الإمكانيات المحفزة من أهداف وخطة ومعرفة، ولكنك إن لم تضع كل هذا موضع التنفيذ، ستكون كل هذه المهارات بلا قيمة ولا طائل من ورائها.
كما يقول «جيم رون» في كتاب «سبعة طرق للسعادة والرخاء»: (المعرفة بدون تنفيذ يمكنها أن تؤدي إلى الفشل والإحباط). فتكون بتركك للتنفيذ كمن جنى على حياته، فبعدما رسم لحياته معنى وطريق، إذ به يلقي بكل ذلك في الهواء، فيهوي من قمة الطموح والرغبة في النجاح إلى سفح الفشل والشعور بالإحباط، ويكون بذلك تساوى بمن لا يملك هدفاً في الأصل، وما أجمل هذه الحكمة البسيطة التي خرجت من في رجل بسيط، يرويها لنا دكتور إبراهيم الفقي: (كان والدي يقول لي دائماً: الحكمة أن تعرف ما الذي تفعله، والمهارة أن تعرف كيف تفعله، والنجاح هو أن تفعله). فالحكمة وضعك لهدفك، والمهارة رسمك لخطتك، والنجاح أن تنفذ وتترجم هذه الأهداف والخطط على صفحة حياتك.
اضافةتعليق
التعليقات