برغم كل ما تمر به العوائل الكربلائية من نكبات متتالية ما زالت لها فسحة من الفرح المرتقب من كل عام بعدما غمرتهم فرحتي عيدي الفطر والاضحى المبارك, حيث شرعت مباهج احتفالهم بيوم ايلاء السرائر بذكرى تتويج امير المؤمنين عليه السلام خليفة من بعد الرسول صلى الله عليه واله وسلم..
في هذه المناسبة استوقفتنا عوائل كربلائية تتجه الى قبلة ابي الاحرار لزيارة ابا عبد الله الحسين (عليه السلام) ثم تنطلق برحالها متوجهةً صوب مدينة النجف الاشرف لتكمل مراسيم الحب والولاء بهذه المناسبة الجليلة.
(بشرى حياة) التقتهم ليحدثونا عما تعنيه لهم هذه المناسبة..
يوم مقدس
رسل عباس تعمل في مجال الخياطة حدثتنا قائلة: "لبساطة حياتي لم اكلف نفسي عناء التفكير بما تعني لنا هذه المناسبات، كنت صغيرة بكل شيء حتى في افكاري, جل همي ان افرح بالعيد واقتني اجمل الثياب وحينما كبرت ادركت الامور من حولي فوجدت امي المسنة تفترش سجادتها من بعد الظهيرة وذلك بعدما تغتسل لتهيم في ملكوت اخر وهي اعمال يوم الغدير الأغر عيد الله الاكبر".
واضافت:" هنا ادركت عظمة ما تصنعه وانا كنت في غفلة منه, وهناك الكثير ايضا من يجهل قدسية هذا اليوم والاحتفال به, فهو ليس ان تقول انا على نهجك يا علي وانت اميري الى يوم الدين فحسب, بل يتوجب ان نطبق خط سيره ونسير على نهجه لنكون ضمن قافلة ركبه يوم الورود".
وتابعت: "منذ ذلك الحين وانا اتبع خطى امي بتقليدها الزيارة واهداء ثوابها لها, فأنا اتوق شوقا لرؤيتها تفترش سجادتها تلك التي ما زلت احتفظ بها في درج خزانتها حتى بعد وفاتها, ثم أهمّ بالذهاب الى زيارة امامي ومولاي ابا عبد الله الحسين (علية السلام) بعدها انطلق الى مدينة النجف الاشرف مع اطفالي وزوجي لأكمل مراسيم البيعة واحتفل مع الموالين من شيعته ومحبيه".
ختمت حديثها بدمعة اغرورقت في عينيها: "متباركين بيوم ايلاء السرائر عيد الغدير الاغر, وثبتنا واياكم على الولاية".
اما الحاج ابو كوثر ينقل لنا مراسيم احتفاله بهذه المناسبة المقدسة حيث قال: "في كل عام اضع اناء كبير في واجهة محلي املأه بالمكسرات والسكاكر والحلويات تعبيرا عن غبطتي بهذه المناسبة حتى اليوم المعهود الذي اعتبره العيد الاكبر لكل المسلمين, فاشد وثاقي للسفر الى مدينة النجف الاشرف لاحيي مناسك الزيارة واجدد البيعة قرب امامي وسيدي امير المؤمنين (عليه السلام)".
وأضاف: "لم يقف عجزي عن التواني بطقوسي المعهودة من كل عام, فبعدما فقدت قدماي اثر احدى الانفجارات منذ سنوات مضت, واصبحت حبيس الكرسي المتحرك كان يخيل لي اني سأتوقف عن كل شيء, لكن الله وهبني ارادة اقوى من ذي قبل, وها ذا انا اليوم اعزم الى التوجه الى قبلة الفداء قرب ولي الله لاهتف قرب قبره الطاهر (قد اكمل الدين يوم الغديري.. حيدر الكرار صار اميري) وكل عام وانت على الولاية ثابتين".
امر سماوي
وشاركنا الشيخ حيدر الساعدي ليحدثنا عن هذه المناسبة قائلا: "في ذكرى هذه المناسبة العظيمة نجدد بيعتنا لسيدنا ومولانا الامام علي (عليه السلام) ونبارك لكل المحبين لأهل بيت النبوة بعيد الغدير الاغر, العيد الذي يعتبره النبي محمد (ص) من أشهر الأيام في حياته ولقد وثّقته كل الكتب التاريخية على اختلاف مذاهبها وذكرت العديد من تفاصيل هذا اليوم العظيم".
واضاف: "فقد ورد في الروايات لما انصرف رسول الله (ص) سار نحو المدينة، حتى إذا كان اليوم الثامن عشر من ذي الحجة وصل ومن معه من المسلمون إلى غدير خم من الجحفة التي تتشعّب فيها طرق المدنيين عن غيرهم، ولم يكن هذا المكان بموضع إذ ذاك يصلح للنزول، لعدم وجود الماء فيه والمرعى، إلا انه امر سماوي كلف به من قبل وحي الله الامين جبرئيل (عليه السلام) ليبلغه بقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فصلى النبي بالمسلمين جميعا ثم خطب بهم وأشار إلى أمر الإستخلاف فنصب علياً (عليه السلام) بأمر من الله تعالى خليفة عليهم بعده (صلى الله عليه وآله) ثم نزل جبرئيل بهذه الآية عن الله تعالى:
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً).
وتابع الساعدي: "إن الله اصطفى الامام علي خليفة من بعد الرسول وقد ادلى النبي محمد (ص) ذلك بقوله (انا مدينة العلم وعلي بابها) لهذا أنتقى الله تعالى الشخص الذي اثبت اخلاصه الحقيقي للدين وهو علي (عليه السلام) الذي اثبت ذلك خلال مواقفه كلها فبايعه المسلمون على مدار ثلاثة ايام وهكذا باءت مخططات الاعداء بالفشل وانقذ الله تعالى الدين من الاضمحلال والموت ومكر مكره ونصر عبده واعز جنده فصار الغدير عيد الله الأكبر, نسأل الله ان يتقبل منا هذا القليل ونحن نجدد بيعتنا في هذا العام وفي كل عام".
اضافةتعليق
التعليقات