كل منا مُحاط بعدد كبير من الأشخاص منهم الأقرباء بالدرجة الأولى ومن نتعرف عليهم من العامة ضمن إطار مسيرتنا المتنوعة بما يتطلب في الحياة ، نرتبط مع كل شخص بعلاقة ذات عنوان وطابع واضح ومُعَيّن ، فينشأ بيننا تواصل تتباين مستوياته الزمنية والنوعية في ما يخص المحبة والمودة بيننا وذلك ما نعرفه من خلال مدى تقديرنا و احترامنا لهذا الشخص واهتمامنا لأمره والقيام بواجبنا تجاهه في اوقات الحزن والفرح و في الصحة والمرض و الشدة والرخاء وهو كذلك، أي لا فرق بين من تربطنا معه صلة دم او قرابة و من كان من عامة الناس ..
بينما نُطبق نحن كل ما ذُكر تجاه بعض الاشخاص القريبين منا جدًا او نحسبهم كذلك ، نحب زيارتهم من حين إلى آخر ونسأل عن أحوالهم ونقدم لهم الدعم دائمًا ونحدثهم بكل ماهو خير ، ثم نجدهم لا يبادلونا ولو جزء بسيط او عمل يسيير مما نقدمه لهم ، حتى أنهم لا يقومون بواجبهم تجاهنا ابدًا ، ويتكلمون معنا عن ألمهم ومرضهم وسوء أحوالهم فقط ويقللون من شأن أحلامنا وأهدافنا ويسمعونا الكلام الذي ينتقص منا بحجة المزاح ويرون أنهم الأفضل ، كما يؤجلون القيام بواجبهم ويأتون علينا بمكالمة هاتفية او رسالة نصية متأخرة جدًا يقدمون فيها التبريكات او التعازي او الاعتذار غير المُبرر مطلقًا ولاسيما أنهم كرروا هذا الفعل اكثر من مرة !
ما يجعلنا نشعر بالاستياء والخيبة التي تؤثر بشكل او بآخر على احاسيسنا وصحتنا النفسية ولو لبعض الوقت ونحن نتكلم ونتذكرهم من بين الوجوه الغائبة بعد الحدث ، فما الذي يستوجب علينا فعله في هذه الحالة؟
في الأمس قرأت مقالة للكاتبة "بنين قاسم" بعنوان كيف يؤثر الإحساس على حياة الإنسان . وجاءت في نهاية المقالة بخُلاصة جيدة ومثيرة حقيقةً كان مفادها: "وعند النظر إلى العالم سنجد أن غالبية الناس ينجرفون وراء شعورهم وتكون لديهم طاقة امتنان عالية في نهاية الأمر، فعلى المرء منا أن يتشافى نفسيا وعقليا ليستطيع توجيه احساسه بالاتجاه الصحيح الذي يجد في نهايته المنطق العقلي.
ثم إن المنطق العقلي بحاجة أيضا إلى ترويح النفس ليكوّن لك برنامجا صحيا متكاملا يضم القرار الصحيح الذي تبحث عنه."
نعم كانت محقة في ما كتبت .
لكي نتمتع ببرنامج صحيّ متكامل يجعلنا نعيش رفاهية الراحة النفسية والفكرية ، علينا التخلص اولًا من هؤلاء الاشخاص السلبيين الذين لا يعرفون قيمة من يحبهم في الله وهو ليس بحاجة اليهم ابدًا ، او يظهرون عدم إعطاء هذه القيمة ، ربما تكبرًا او جهلًا او تعمدًا لغايات ما في نفوسهم وعلى كل الاحوال نحن من يربح خسارتهم كربحنا بخسارة الوزن الزائد ..
هنا يأتي القرار الصحي الصحيح من بعد تكرار الإساءة بالتخلص منهم وحذفهم من قاموس أولوياتنا أو ركنهم في اي زاوية مهمشة قد نحتاج إلى ما فيها حينًا من الدهر كما يفعلون ، فمن الضروري علينا الابتعاد عن الاشخاص الذين يستنزفون طاقتنا ويصنعون لنا هالة من الإحباط عند اجتماعنا بهم ، واولئك الذين يبالغون في ردات الفعل و يبحثون عن اي سبب تافه لكي يخاصمونا ويرشقوننا بإتهامات ما انزل الله بها من سلطان واولئك الذين يزعجهم نجاحنا ولا يتمنون لنا الخير ويكون التخريب شغلهم الشاغل تجاهنا!..
وفيما بعد سنكون ممتنين لأنفسنا و مشاعرنا النقية ازاء التنصل من كل الأشياء المضرة في حياتنا وليس فقط الاشخاص، بيد اننا لو صادفناهم يومًا وجهًا لوجه او كنا قريبين منهم اثناء حاجتهم لنا ، سنقدم لهم العون كما يستحقون اي لا افراط ولا تفريط ، كما نعاملهم بأخلاقنا ونحسن التصرف معهم كالغرباء الذين نصادفهم اول مرة ، عن نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : "ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " ونحن نوشك على انتهاء شهر رمضان المبارك الذي نحرص فيه على تقوية علاقتنا بخالقنا، كما يجب علينا الإبتعاد عن كل ما ينقص من اجرنا وما يضرنا ، كذلك يتوجب علينا الانتباه لمدى صحة العلاقات التي تربطنا بالآخرين ، وهل نحن مدركين فحواها وعادلين في إعطائهم و انفسنا المكانة المُستحقة والمقام الصحيح ام لا ؟
في مقولة للأديب والروائي نجيب محفوظ :"العلاقات ليست بالمدة وإنما بالمودة.. وكل ماهو صادق يستمر." و على غرار ذلك نتقدم بإستمرار في تنقية محيطنا وشحن الطاقة الإيجابية وتعزيز العلاقات الصادقة والعكس لنقيضاتها من خلال اعادة كل شخص إلى حجمه الأصلي والتخلص من الحمل الزائد مهما كان حميمًا..
اضافةتعليق
التعليقات