من المهم أن تحترم نفسك من خلال احترامك لكلمتك، وسواء كانت كلمتك وعداً تقطعه على نفسك، أم تهديداً تطلقه على غيرك. فإن عليك أن تحترم كلمتك. إذ من دون ذلك لن يحترمك أحد..
وهذا بالطبع يتطلب أمرين:
الأول – أن لاتطلق الكلام على سجيته، سواء في توزيع الوعود، أو إطلاق الادعاءات.
الثاني – أن تتجنب التهديدات الجوفاء.
إنّ عليك أن تجعل وعودك مدروسة، و طلباتك من الآخرين معقولة، و تهديداتك محسوبة، ثمّ تصرّف على احترامك لكلمتك في ذلك.
يقول تعالى: « يأيها الذين آمنوا لِمَّ تقولون ما لا تفعلون كَبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون».
و تأميناً للمصداقية اجعل طلباتك معقولة، كذلك النتائج المترتبة في حال عدم تلبيتها. فاحترام الآخرين لك لا ينبع إلا من علمهم الأكيد أنك تعني ما تقول.
كُن مبتهجاً
الناس يحبون المبتهجين، ويهربون من المتذمرين، فالتذمر يؤدي إلى التوتر، الأمر الذي يمنع الاتصال النافع بينك وبين الناس.. فلكي تجعل الناس يرتاحون إليك حاول أن تبدو أنت مرتاحاً ومطمئناً في داخلك..
إن الذي يتذمر كثيراً يرهق نفسه، كما يرهق أصدقاءه وجلساءه و زملاءه. وفي جو من الإرهاق لن يتم التأثير المطلوب..
إن الابتسامة من علامات الابتهاج، وهي مثل الملح في الطعام تدخل كجزء مهم في كل ما يرتبط بالتعامل مع الآخرين.
يقول الحديث الشريف: "البشاشة فخ المودة" لأنها "سبب المحبة" ذلك أن "حسن اللقاء يزيد في تأكد الإخاء" ولهذا "إن أحسن ما يألف به الناس قلوب أودائهم، ونفوا به الضغن عن قلوب أعدائهم حسن البشر عند لقائهم، والتفقد في غيبتهم والبشاشة عند حضورهم".
كُن وقوراً، واهتم بمظهرك
الوقار حالة يلتزم بها المرء في قوله، وعمله، وحركته، ويتجنب بها الطيش، والتصرفات غير اللائقة.
ولقد وجدت أن الوقار يفرض نفسه على محيطه، فلو أن رجلاً وقوراً دخل مجلساً، فإن وقاره يسري في الحاضرين فيصبح المجلس كله وقوراً.
وهكذا فإن الوقور يفرض احترامه على الناس، إذ لا يحبذ أحد أن يهين من يلتزم السكينة و الرزانة في قوله، وعمله.
و قد تسأل وماهو الوقار؟
والجواب: إننا نستطيع أن نعرفه من خلال ما هو ضده، وهو الطيش، والسفه، والخرق، والحمق وكل أنواع التصرفات التي لا تليق بصاحبها، أو بموقعه، أو بالمجلس الذي هو فيه..
فمشية الوقور هي ليست مشية كبر، ولا مشية طيش، بل هي مشية الاحترام.
وصوت الوقور أيضاً مختلف فهو ليس بالصراخ، ولا هو بالهمس، بل هو بالهادىء الرزين. ويقول الحديث الشريف: "جمال الرجل الوقار".
يقول الإمام علي عليه السلام: "بالوقار تكثر الهيبة".
جاء رجل إلى أبي عبد الله الصادق عليه السلام وسأله: "أي الخصال بالمرء أجمل؟" فقال عليه السلام: "وقار بلا مهابة، وسماح بلا طلب، ومكافأة وتشاغل بغير متاع الدنيا".
ومن الوقار أيضاً الاعتناء بالمظهر، كاللباس، والالتزام بالنظافة واستخدام العطر، وماشابه ذلك.
صحيح أن (المظهر) ليس أهم من (المخبر) إلا أن مخبراً بلا مظهر يعني إخفاء ما يجب إظهاره كما أن مظهراً بلا مخبر يعني إظهار ما يجب إخفائه.
إن مقداراً معتدلاً من الاعتناء باللباس، وكل ما يرتبط بالمظهر ضروري على كل حال.
لقد كان رسول الله – صلى الله عليه و آله وسلم – يعتني بمظهره، وهو سيد الأنبياء والرسل، ولا يكتفي بما حباه الله تعالى من عظمة في روحه وجمال في بدنه.
وكان الإمام الحسن بن علي عليه السلام إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له: يابن رسول الله تلبس أجود ثيابك؟
فقال عليه السلام: "إن الله جميل يحب الجمال، فأتجمل لربي وهو يقول: خذوا زينتكم عند كل مسجد".
إن طهارة البدن ونظافته تنمان عن طهارة الروح ونظافتها، أليست "النظافة من الإيمان" وفي الحديث "إن الله طيب يُحب الطيب، ونظيف يُحب النظافة".
إن نقيض النظافة ليس إلا الوساخة التي نهينا عنها نهياً قاطعاً. وقد جاء في الحديث الشريف: "تنظفوا بالماء من النتن الذي يُتأذى به، وتعهدوا أنفسكم فإن الله عز وجل يبغض من عباده القاذورة الذي يتأنف به من جلس إليه"،
أما فيما يرتبط باللباس، فإن الاهتمام به بمقدار الاعتدال أمر ضروري للسلامة، وللتزين معاً. يقول الله تعالى: "يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا" ويقول: "وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا".
والمطلوب هو أن نلبس في كل زمان ما يناسبه. ورد في الحديث أن الإمام الصادق عليه السلام قال لأحد أصحابه: "إظهار النعمة أحب إلى الله من صيانتها، فإياك أن تزيّن إلا في أحسن زي قومك".
وفي الحقيقة فإن تأثير الملابس اللائقة لا يقتصر على الناس فحسب بل يشمل تأثيرها على النفس أيضاً. فلقد أرسل أحد الباحثين ذات مرة سؤالاً إلى مجموعة كبيرة من الناس فيهم علماء نفسانيون، و رؤساء جامعات، و رجال أعمال يتساءل عن التأثير الذي تتركه الملابس في أنفسهم، فأجمع كل الأفراد أنهم يشعرون بثقة أكبر بأنفسهم عندما يكونون في مظهر لائق، وقالوا: إن تقديرهم للذات يزداد حسب أناقة ما يلبسون.
و إذا كانت الملابس اللائقة، والمظهر المرتب، والطهارة و الأناقة المعتدلة تترك مثل هذا التأثير على النفس، فإن تأثير ذلك على الناس أكثر ولا شك.
لأن الأناقة تكسب ثقة الناس، والمظهر له قسط كبير من التأثير، والكثيرون عقولهم في عيونهم.
اضافةتعليق
التعليقات