يُساعد العقل الإنسان في إختيار دين الحق، والصحيح دين الباطل كإنسجام القضايا والمعارف الدينية مع العقل القطعي البُرهاني وكتجنب الإفراط والتفريط وإنتهاج الوسطية وكتناغم مع الفطرة وكالتلائم الداخلي بين عناصر المنظومة العقدية والدينية ثم يُطبق العقل نفسهُ هذهِ المعايير على المعتقدات والقضايا الدينية ليكشف مدى أحقية الدين وصدقه فإقتراح المعايير وتطبيقها على المصاديق على عاتق العقل وعُهدته.
إثبات أُصول المعتقدات الدينية كالمبدأ والمعاد وحاجة الإنسان إلى الوحي والنبوة يتوقف على الدليل والبُرهان العقلي؛ لإن الإستدلال بكتاب الله وسنه نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، لإثبات وجود المبدأ والمعاد يتوقف على إثبات وجود الله على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، إستلزم الدور الباطل إذا ما دمنا لم نثبت حجيه الكتاب والسنة بالعقل فلا يجوز الإعتماد عليهما عقلا وإلا يستلزم المحذورات العقلية مثل الدور يساعد العقل المفسر والعالم في فهم النص الديني وإستنباط القضايا والأحكام الدينية بشكل صحيح ومعقول فالعقل هنا يلعب دور المصباح الذي يُنير الطريق لتجنب الزلات والأخطاء في فهم الدين والحذر من سوء الفهم والتفسير حتى يكون فهمًا متلائمًا منسجمًا مع النصوص الدينية بعضها مع بعض؛ بعبارة أُخرى يصحح العقل الفهم الخاطئ للدين في ضوء المعايير والموازين المضبوطة ويبين الأخطاء التي يرتكبها الإنسان في عملية فهم الدين، فالعقل السليم يُرشد إلى المنهجية الصحيحة والسليمة في عملية فهم الدين.
إن أحكام الله تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية فإذا وجدنا حكمًا وجوبيًا لا نشك في إن هذا الحكم يتضمن مصلحةً مُلزمةً وكذلك إذا وجدنا حرامًا في الشريعة فلا نرتاب في إنهُ يتضمن مفسدة ملزمةً يجب تجنبها، وإذا لم يكن للشرع في موضوعٍ خاص حكمٌ منصوصٌ كإستعمال المخدرات، ولكن العقل كشف فيه مفسدة قطعية، يدرك العقل لزوم إجتناب هذا الموضوع ثم يستمد من قاعدة الملازمة بين العقل والشرع ويقول كُلُ ما حكم به العقل حكم به الشرع بعبارة أُخرى ليس للعقل حكم مولويٌ أو أمر؛ لأن العقل شأنُهُ هو كشف الحكم لا إصدار الحكم والإلزام فإذا إكتشف العقل مصلحةً ملزمة أو مفسدةً مُلزمة يفهم ويدرك إن للمولى والشارع حُكمًا قطعيًا في هذا الموضوع لذا يكشف العقل حكم المولى في ضوء كشف المصلحة والمفسدة فليس للعقل حكم وإلزام أولوي في الأحكام.
إستخراج اللوازم والنتائج المترتبة على الإعتقادات الدينية على سبيل المثال يستنتج الآثار والتداعيات الفردية والإجتماعية المترتبة على الاعتقاد بوجود الله تعالى.
إذا حصل التعارض بين النصوص الدينية يُحاول العقل أن يجمع بين المتعارضين جمعًا عرفيًا ويحقق التلائم والتناغم والإنسجام بين عناصر النص الديني بِأحسن وجه ممكن، وبشكل معقول.
الدفاع المعقول والمنطقي عن المعتقدات الدينية في قبال الشبهات والهجمات الفكرية وتبيين الدين بشكل معقول ومبرهن، وأخيرًا ينبغي أن نذكر أنواع الخدمات التي يُقدمها العقل إلى الدين من وجهة نظر أحد الأعلام المعاصرين الذي يقسم العقل حسب دوره ونشاطه إلى ثلاثة أقسام؛ العقل المفتاح، والعقل المعيار، والعقل المصباح، العقل المفتاح، ترى بعض المدارس الفكرية إن العقل هو مفتاح الدخول في الشريعة فحسب بمعنى إن العقل يفتح للباحث باب الشريعة ولكن بعد فتح الباب بمفتاح العقل يُستغنى عنه داخل الدين والشريعة فدور العقل ينحصر في إثبات وجود الله تعالى وبيان حاجة الإنسان إلى الهداية الإلهية والنبوة ومعرفة المعجزة، ولكن بعد إثبات النبوة وأحقية الدين يُقصى العقل ويُنحى عن فهم النصوص الدينية، ويتعبد بما وصل إليه من النبي ووصيه عليهم السلام من دونِ أي تعاقب وتدبر وقد غفل هذا الإتجاه عن دور العقل والقرائن اللُبية العقلية عن فهم الألفاظ والنصوص الدينية، العقل المعيار.. وهو إن العقل ميزان ومعيار بالنسبة إلى بعض المبادئ العقلية والأحكام العقلية المترتبة على العقل فالعقل وإن كان معيارًا صحيحًا ولكن لن يخالفهُ الوحي فلا يمكن القول إن الوحي لابد أن يخضع للتقييم العقلي.
العقل المصباح.. لا تنحصر حجيه العقل ووثاقته على ما هو خارج عن حقيقة الشريعة، بل العقل إضافة إلى أنه مفتاحٌ ومعيارٌ فهو مصباح أيضًا بمعنى أن للعقل دورًا حيويًا في الفهم الصحيح للمعارف الدينية ولهذا تعتقد المدرسة الإمامية بمصدرية العقل في إستنباط الأحكام الشرعية بجانب الكتاب والسُنة والإجماع، فدور العقل هنا يتجسد في قسمين؛ أولًا سعي إلى كشف الأحكام من الكتاب والسنة وما يقيمه العقل من الأدلة والبراهين لِفهم الأحكام الشرعية في العقل هُنا آلة الكشف والبيان ثانيًا مستقلات وغير المستقلات العقلية بمعنى إن العقل يستقل في بيان بمعنى الأحكام الكلية..
اضافةتعليق
التعليقات