اليوم وكأنه الامس في ذكرى الألم.. طيفك وتجاعيدك.. همسك.. صدى صوتك.. مازال يحتل كل زواية في القلب مازالت رائحتك كأنها الزنبق في ثنايا المكان تزهو ..
هو امر قد قضى وانقضى لكن من يقنع الوتين انك لم تعد موجودا، بت اكره مكان الذكرى فهو يؤلم حد البكاء، نحاول ان نعتاد على الفراغ لكن في ذكراك تتعالى الاهات تتبعها صرخات داخل النفس لتنزف الشوق ..
اليوم الجدران تشكو الوحدة فما عاد احد يهتم لها ولايغطي جروحها التي نشبها الزمن، والخطوات بعد الرحيل ماتت حتى الشارع الذي يقابل الباب بدأ يشكو ظمأ الماء، واللقاء والسلام فقد لذة السلام، والعيد ماعاد عيد لنا، فقدنا اللهفة المعتادة للمجيء باكرا كما الأمس فما عاد احد يستقبلنا بتلك الحرارة..
خطواتنا تشكو العجز نحو المنزل، والذكرى تعتصر بين الضلوع، ابتسامتك اختفت واخذت معها السرور، قلوبنا تشكو التغيير، انا المحبوبة الصغيرة المتمردة التي كبرت في احضانك اليوم ارقب كل الانفاس لعلي اجد نفسا كنفسك وقلبا يسع الجميع كقلبك، اليوم ادركت انك غادرت حتى منامي، اشتقت لك ياجدي فهل برأفة لرؤياك ترد الروح باللهفة وتخمد نيران الذكرى التي اوقدتها داخلي..
اليوم اشكو لك قطيعة الارحام والتفرقة، ما ان رحلت حتى تبددت الخطوات وتغيرت الوجوه، حتى طعم الهواء تغير، كل شيء تغير، كأنك العامود الذي كان يحمل تلك الخيمة لكن ما ان رحلت حتى تفرق الجميع وبدأت الالسن تنطق الفراق ونشبت الحرب بين الاوتار، تبددت موسيقى اللقاء وتشتت الارواح..
اليوم اشكو لك الحاجة، حاجة القادة، كنتَ ممسكا بكل الاطراف، لكن ما بال الجميع ترك الجميع والانفاس تغيرت، سلام على ذاك اللقاء في جلسات العيد وهمسات الذكرى، سلام على طعم الطعام بوجودك، وسلام على صوت القرآن بحنجرتك، اشتقت لعينيك الصغيرتين التي توقدان المحجرين، لكن هو امر قد قضى وانقضى ولا اعتراض على قضاء الله.
لكل راحل الى عالم الفردوس تنصب له مآتم في الذات، يخرج من الدنيا فقط لكن يبقى عالقا في الارواح والاذهان، وهنا تبدأ مسيرة الاسرة دون قائد فيترتب عليها ان تحافظ على رباط المحبة، وفي الوقت الراهن تتعرض الكثير من الاسر بعد فقدان الاب الى اختلال في توازنها ولايخفى علينا ان بلدنا من اكثر البلدان التي يصحا فيها الشخص وهو لايدرك ان كان سيموت اليوم او غدا فيضع روحه في كفه الى اخر اليوم..
بعد رحيل عامود المنزل تعيش الأسرة اختلافا في اتخاذ القرارت المصيرية وتحديدا قد يكون البديل غير مهيأ لتحمل المسؤولية، فهذا يوافق والاخر يرفض والثالث يشكك في الآراء والحلول المطروحة، وهذا الامر قد يتسبب في ثغرة بين افراد الأسرة، في حين ان الجميع يعتقد ان الحياة بعد الاب ستسير على وتيرة الوضع الراهن وانه لن يحصل اي تغيير في روتين الحياة التي كانوا يعيشوها. ولكن بعد فترة يبدأ كل منهم يعيش على مبدأ "نفسي نفسي" حينها تبدأ الاسرة بالتصدع ويجفوا الابناء بعضهم ويعقوا والدتهم، والسبب الرئيسي يعود على الجميع سواء الاباء او الابناء او الامهات، فالأب الذي لايربي ابنائه على الفضيلة والادب والاخوة ولايكاد يراهم الا في اخر اليوم ولايعرف عنهم شيئا ولايعلمهم الطريقة الصحيحة في الحياة فلا يتأمل منهم شيء فكما تزرع تحصد ولايجنى من الشوك العنب ..
ثم تنتقل المسؤولية على عاتق الام التي يجب عليها ان تأخذ زمام الامور بيديها، فشاءت مشيئة الباري على قطع اساس الاسرة هذا لايعني انها تبقى كما هي، هنا يجب عليها ان تكون هي الاب والام وتأخذ بالمسؤولية لتبقى صلة الارحام بين الجميع، فتخبر هذا عن حال ذاك وتجمع العائلة لتبقى اسرة دون ثغرات او وجوم..
والطرف الثالث يكون الابناء بعد رحيل الاب، يجب عليهم ان يكونوا عقدة واحدة فلا هيبة بالفرقة فكل يترك اخاه سيكون مستضعفا بين الناس، ولن يكون له قيمة، كما ان ما سيفعلوه اليوم سيلاقوه غدا من ابنائهم، فكما تزرع تحصد،ـ وكل مايبدر منك سيبدر من ولدك عليك، لذا اسعى لتكوين اسرة صالحة وصل الجميع ولاسيما الارحام ففي التكاتف بين الاخوة سيكون هناك اسرة رصينة يهابها ويحترمها الجميع ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، ان الذي يظهر أن التراحم والتوادد والتعاطف متقاربةً في المعنى لكنّ بينها فرق لطيف، فأما التراحم فالمراد به: أن يرحم بعضهم بعضا بأخوّة الإيمان لا بسبب شيء آخر، وأما التوادد فالمراد به: التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي، وأما التعاطف فالمراد به: إعانة بعضهم بعضا كما يعطف الثوب عليه ليقويه..
فنرجوا من الجميع ان يبدأ بنفسه، فعندما يبدأ التلاحم من الاسرة سيكون هناك بلد متراص ومتكاتف لايهزمه شيء، فالاسرة هي اساس المجتمع وهي من تربي جيلا كاملا نشأ على التكاتف والتراحم واسس الاسلام الصحيحة ..
قال تعالى: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا] (آل عمران: 103).
اضافةتعليق
التعليقات