كلُّ طفل لديه رغبة غريزية في الإبداع، ومن دون أي تحفيز، يتكون لدى الأطفال بشكل طبيعي وبديهي للرسم.
ويُمكن للوالدين ومقدمي الرعاية القيام بدورهم لتشجيع هذا الدافع بتوفير أدوات الرسم أو الكتابة المناسبة للعُمر، والورق والمكان المناسب للطفل للعمل و يُفضّل أن يكون هناك شخص بالغ يمكنه متابعة الأمور.
يسعد الأطفال الصغار بوضع أولى علاماتهم المكتوبة على الورق، تماماً مثلما يشعرون بالفخر والإنجاز عندما يمشون خطواتهم الأولى أو يتواصلون لفظياً، حتى لو امتلكوا عدداً محدوداً من الكلمات وحسب. وربما يبدأ الأطفال في الخربشة في وقت مبكر من عُمر ثمانية عشر شهراً، في أثناء نموهم وتطوير مهاراتهم وقدراتهم في العديد من المجالات ويشمل ذلك القدرات الجسدية والحركية، وقدرات اللغة والتواصل والقدرات الاجتماعية والعاطفية، والقدرة على التفكير والتعلم (القدرة المعرفية).
بالنسبة إلى معظم الأطفال، يُعد الرسم مغامرة وتجربة تعليمية، والأهـم مـن ذلك أنه وسيلة للتعبير عن مشاعرهم عواطفهم.
وعندما يكبر الأطفال قليلاً، يسمح الرسم لهم بتنظيم وفهم العالم من حولهم، واكتشاف ما يشعرون به تجاه الأشياء. ويُمكنهم التجربة وتطوير الرموز والمفاهيم ومعالجة الأمور
بأنفسهم بطريقة بصرية. وعن هذا يقول بريتين: "الأنشطة الفنية لا تعكس فقط الذات الداخلية للطفل، بل تساعد أيضاً في تشكيلها".
يدرك الأطفال في أول مشابه بيئتهم ويتعرفون إليها عبر حواسهم وأنشطتهم البدنية.
ويسمح الفن، لا سيما الرسم والتلوين للأطفال باستخدام خبراتهم الحسية وضبطها واستكشاف محيطهم وإضفاء المعنى عليه ولا يمنح الإحساس المادي للرسم شعوراً جيداً فحسب، بل إن استعمال المواد الفنية، مثل أعواد التلوين، أو أقلام التلوين الهلامية، أو ورق غير ناعم، يمنح أيضاً شعوراً رائعاً بالفخامة.
يُعد الرسم بمنزلة لغــة عالمية وطريقة فعالة لتعبير الأطفال عن أفكارهم ومعارفهم وآرائهم ومشاعرهم وتوصيلها للآخرين، خاصةً في حالة الأطفال الصغار ذوي المفردات المحدودة.
فهو يسمح للأطفال بالنمو لغوياً، إذ يمكنهم من تطوير لغة بصرية، ما يؤدي إلى اكتساب مهارات تلزم لاحقاً للقراءة والكتابة.
وعندما يبدأ الطفل في الخربشة بصورة متكررة، فإنه يدرك أن الرمز المرسوم يمكن أن يمثل شيئاً ما في العالم الحقيقي.
وسرعان ما يُعلن الطفل أن خربشاته الدائرية - وهي شكل أساسي يرسمه جميع الأطفال الصغار - هي «أمي» أو «أبي» أو «قطني الأليفة» أو كل من أو ما يقرر أن هذا الشكل يمثله.
ومع مرور الوقت يصبح المزيد من العلامات المخربشة عيوناً، ويصبح الرأس وجها، والخطوط التي تشبه الغصون الخارجة من محيط الدائرة تصبح أذرعاً وأرجُلا الشكل الدائري الأساسي مفيد جد للأطفال الصغار لأنه يمكن أن يعني ما يريدون أن يغنيه، ويُمكنهم تغيير معناه متى رغبوا في ذلك. بالنسبة إلى الصغار، يُعد الرسم نشاطاً إبداعياً وجذاباً وممتعاً يستغل معرفتهم المتزايدة باستمرار، وملاحظاتهم المتغيرة وتجاربهم! الجديدة. إنه لغة فكرية تتغير مع نمو الطفل، ويُمكن أن تظهر فيها المشاعر والأفكار والرغبات والعواطف.
فالرسم وسيلة لإعطاء شكل لتلك الأفكار. ويوفر الرسم للأطفال فرصاً لتطوير هوية إيجابية بينما يمنح في نفس الوقت مقدمي الرعاية نافذة توضح كيف يدرك الأطفال أنفسهم. وعلاوة على أن الرسم يساعد في تعلم فهم العلاقات، فإنه يعزز أيضاً تطوير مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي، وهو ما سيفيد الطفل فيما بعد.
فهم عملية النمو:
من مفاهيم لو تقلد الأساسية أن الرسم أو اللوحة التي يرسمها الطفل تعد تعبيراً عنه بكامل شخصيته في وقت رشمه لها. وكل رسم يعكس مشاعر الطفل، وقدرته الفكرية، ونموه البدني، والوعي الإدراكي، والمشاركة الإبداعية، والوعي الجمالي، بل أيضاً النمو الاجتماعي للطفل الفرد في تلك اللحظة بالذات.
والتوافق مع نمو الأطفال وتغيرهم، تتطور رسوماتهم ولوحاتهم أيضاً. ومن ثم عندما تتطور رسومات، فك شفرة رسومات الأطفال الطفل وتتغير، فهذا يعد مؤشراً على نمو الطفل يمكن أن توفر الرسومات فرصاً للنمو العاطفي، أولاً، لأنها تسمح للأطفال بالتعبير عن شعورهم تجاه شخص ما أو شيء ما، وثانياً، لأنها تسمح للأطفال بتغيير رأيهم بشأن الطريقة التي يشعرون بها وكيفية التعبير عن ذلك أيضاً.
اضافةتعليق
التعليقات