ليس ثمة شك في أن التقييم يساعدك على وضوح الرؤية وفهم وضعك الحالي، مما يمكنك من تحديد الهوة بين حقيقة موقفك الحالي (أين أنت بالضبط؟) وموقفك في المستقبل (أين تريد أن تكون؟) فالتقييم إذاً يزودك بالمعلومات التي تمكنك من القدرة على رؤية الأشياء، وفقا لعلاقتها الصحيحة أو أهميتها النسبية، كما تساعدك على فهم النتائج في ظل إدراك واعٍ لنفسك وفهم الطريقة التي يراك بها الآخرون.
تصير عملية التقييم الشامل خارطة تساعدك على التحرك ومواجهة التحديات التي تعترض طريقك، فهي عملية تساعدك على تطوير مهارات ورؤى جديدة تقضي بك لكي تصير أكثر فاعلية في كل مظاهر حياتك.
سجل الوقت
ثمة طرق عديدة تمكنك من تقييم مدى اتساق سلوكك مع ما تؤمن به من قيم ومبادئ ويتلخص أبسطها في عمل بيان مفصل لكيفية استغلال وقتك، فاحتفظ بسجل يشتمل على كل أنشطتك خلال أسبوع كامل أو أسبوعين كاملين، ثم دوّن باختصار كل ما فعلته في ساعة واحدة أو أكثر أثناء تلك المدة ولا شك أن أول ما يتصدر القائمة من أنشطة يشمل: العمل، والأسرة والمجتمع، والصحة، والنفس، والأنشطة الروحية... إلخ. أما في الخطوة الثانية فاكتب السبب الذي دفعك لفعل ما أقدمت عليه والقيم التي حققتها بفعل ما فعلت، ثم ضع الأسئلة الآتية في حسبانك:
• هل الأنشطة التي اشتمل عليها سجلك ضرورية لممارسة الحياة اليومية فيما يتعلق بمجال عملك، أو أسرتك، أو صحتك أو حتى متعتك؟
وهكذا يشبه تحقيق التوازن في الحياة العملية تلك الطريقة في معظم جوانبه، إذ يتعلق التوازن في الحياة بتحديد أهداف واضحة تدعم منظومة ما تؤمن به من قيم ومبادئ، فتحقيق الانسجام بين قيمك ومبادئك وخياراتك في الحياة يفضي للنتائج ذاتها، تماما مثلما تستطيع الاحتفاظ بتوازن جسمك وأنت جالس على قمة كرة التوازن تلك، لكن هذا يقتضي عملية مفعمة بالنشاط والحيوية كالجلوس على قمة الكرة، إذ يجب عليك تقييم حياتك باستمرار، واهتماماتك والتحديات الماثلة أمامك، ونتائج اختياراتك.
فالمبادئ والقيم هي مجموعة المعتقدات والأحاسيس المهمة بما يكفي لكي توجه قراراتنا التي تحدد سلوكنا وتصرفاتنا. ففي نظر بعضهم قد يكون الإبداع وإشباع الرغبة وتجديد النفس قيماً أساسية في حين نجد في نظر فريق آخر أن المعرفة والقدرة على الاكتشاف والفضول الفكري هي العناصر الأساسية التي توجه قراراتهم. بينما يرى فريق ثالث: أن امتلاك عناصر الثروة والسلطة والمنزلة الاجتماعية هي مفتاح ضبط السلوك.
ولا يعني هذا بالضرورة أن إحدى مجموعة المعتقدات والأحاسيس تلك أفضل من البقية؛ فغالباً لا توجد إجابات صحيحة وأخرى خاطئة، تماماً كما تنعدم الحقائق المطلقة. إذ تتغير مجموعة قيمنا ومبادئنا باستمرار خلال مسيرة حياتنا وبالتالي تتغير خياراتنا التي تنبع من قيم ومبادئ مختلفة.
فعندما تعجز حياتنا عن إشباع قيمنا ومبادئنا نشعر أن ذلك التناقض يمثل نوعا من اختلال التوازن، فضبط سلوكك في سياق قيمك ومبادئك يشبه إلى حد كبير أي تجربة تنموية أخرى؛ إذ تشتمل العملية الأساسية على التقييم، والاهتمام، والتحدي والدعم. فأنت في حاجة لتحديد موقعك، ومقصدك، ومن ثم توظيف الأدوات الصحيحة التي تحقق غايتك.
اضافةتعليق
التعليقات