• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

استعجالُ الثَمر

مريم حسين العبودي / الثلاثاء 13 كانون الأول 2022 / تطوير / 2084
شارك الموضوع :

يؤخر صاحب الأمر والرحمة أمراً ولا يقدّم آخر إلا لسبب، إنهُ يعلم بدقةٍ بالغة كيف يُرسمُ أقدار خلقه

حدّثتني ابنة أختي قبل أيام وبحال حماسٍ طفوليّ عن موقفٍ حدث معها أثناء سفرتها المدرسية الأخيرة. لم تكن هي ذاتها أن حديثها العفوي هذا قد فتح لي آفاقاً عظيمة، إذ غاصت بي هذه القصة القصيرة إلى بحارٍ من التفكّر والتأمل في حكمته وتقسيماته لأقدار خلقه.

قالت وهي تسردُ قصتها تلك أنها كانت في رحلةٍ مدرسية لمدينة الألعاب، وقد رتبتهم المعلمة في طابور منتظم ليصعدوا اللعبة التالية تِباعاً وبالترتيب، وكانت هي قد حصلت على آخر موقع من الطابور، وبتمردٍ طفوليّ ورغبةٌ جارفة لنيّل الأفضلية، تحايلت قليلاً دون أن تراها المعلمة وذهبت لتقف أمام الطالبة الأولى، لتحتّل بذلك موقع الصدارة ويهنأ بالها.

وللمفاجأة، أتت المعلمة بعد قليل وأخبرتهم أن هذه اللعبة لم تُفتح بعد، وإنهم سيصعدون اللعبة التي خلفهم، وكيلا تحصل فوضى، عكست المعلمة الطابور من النهاية، فأصبحت الطالبة الأخيرة هي الأولى، لتعود ابنة أختي فتكون في الموقع الأخير مجدداً.

اتبعت حديثها بضحكة طفولية ساخرةً من حظها ومن الموقف، ولم تكن تعلم وهي تنهي قصتها أنها فجّرت في ذهني آلاف التساؤلات والأفكار.
نقرأ هنا وهناك اقتباسات مفادها أنه لا يجدرُ بك أن تُقارن الفصل الثالث الذي أنت فيه، بالفصل الحادي عشر الذي يعيشه غيرك، حيثُ أن لكُلٍ مَسلكه الخاص في الحياة، ولا يضيره تقدّم غيره أو تأخره عنه، كلُ شيء سيُنال في وقته وبالترتيب المُقدّر له.
إن جزءاً كبيراً من أزمتنا الوجودية مرهونٌ باستعجالُنا للثَمر، فكُلنا نسارع لزرع البذور، فتنمو كل شجرة بشكلٍ مختلف، بعضنا تخضّر نبتته وتُزهر ثم تُثمر، ثماراً ريّانة مغرية للناظرين، نمواً سريعاً لا تعثّر فيه، فيراها أناسٌ لم تُخضّر نبتتهم بعد، فيتحسّرون كل يوم وهم يرون تربتهم لم ينفلق منها شيء، فيندبون حظهم تارة، ويلومون القدرَ تارةً أخرى. وفي يومٍ عاصف شديدُ المطر، تقتلع الريح تلك الشجرة المثمرة وتسقي الأمطار تلك التربة المقفرة، فينقلبُ الحال وتتبدلُ الأمور، فلا يدري ذو النعمة أين ذهبت نعمته، ولا يدري ذاك الحزين المتجهّم كيف تبدّل حاله في ظرف ليلةٍ واحدة.
قال الله تعالى:  ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ / الأنبياء.
يخبرُ الله تعالى في هذه الآية المباركة عن قصة يونس (عليه السلام)، عندما أُرسِلَ لدعوة قومه إلى الإيمان به وبدعوته، فلم يؤمنوا وبقوا على كفرهم، فتوعدهم بالعذاب فلم يتعظوا، فغضب عليهم وخرج عنهم، وظنَّ أن الله تعالى لن يضيّق عليه، فابتلاه الله تعالى بأن التقمَه الحوت، فنادى حينئذ ربه، معترفًا بخطئه وتقصيره: )أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فاستجاب الله تعالى له ونجاه من كربه الذي هو فيه، وخرج من بطن الحوت.
تبدّل حالُ نبي الله يونس من الرخاء إلى الشدّة، ثم من الشدّة إلى الرخاء بظرف ليالٍ معدودة، حيث أتت الاستجابة الإلهية بعد الضيق بشكلٍ مباشر، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ثم فَاسْتَجَبْنَا لَهُ، فلا يؤخر صاحب الأمر والرحمة أمراً ولا يقدّم آخر إلا لسبب، إنهُ يعلم بدقةٍ بالغة كيف يُرسمُ أقدار خلقه، متى يمنح ومتى يمنع، وكيف يجعلُ الخيرة في كرمه تارة، وفي حجبه تارةً أُخرى.
يقولُ أحمد بن عطاء اللّه السكندريّ: "إنَّما يُؤلِمُكَ المَنْعُ لِعَدَمِ فَهْمِكَ عَنِ اللهِ فيهِ". لا يُمكن فهم حكمة الله في أقداره إلا بالصبر والتسليم، هناك أشياء كنّا نتمنّى وقوعَها في بداية الأمر، ثم كم فرحنا في المستقبل لعدم وقوعها؛ لأن ما قضى الله به كان أفضل ممّا كنا نتمناه. وتبيّن لنا أنّ المنعَ أحيانًا يكون هو عين العطاء، فليس الأفضل هو ما نرغبه أو نتمناه، ولكن الأفضل هو ما أراده الله تعالى؛ وهذا هو السرّ الكامن في روح التسليم، فكم من أمرٍ عسير تيّسر بعد يأس، وكم من بابٍ وُجد له مفتاح بعد كرب، فلله الأمر كُله، هو صاحبُ الخير ونحنُ على أبواب رحمته متربصين.

النجاح
السعادة
الايمان
الشخصية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    ظواهر علم الإمام الصادق

    آخر القراءات

    العمة والكنة... حربُ باردة لا نهاية لها

    النشر : الخميس 24 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    كيف تتحول المرأة من الاضطهاد إلى القيادة.. فاطمة الزهراء أنموذجا

    النشر : الأثنين 24 كانون الأول 2018
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    ماسك يخسر أكثر من 31 مليار دولار من قيمة منصة اكس  منذ شرائها

    النشر : الخميس 11 كانون الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    قوة الأقدار وهشاشة البشر

    النشر : الأثنين 13 شباط 2023
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    الحوار الأسري وأهميته بين أفراد العائلة

    النشر : السبت 05 حزيران 2021
    اخر قراءة : منذ 23 دقيقة

    التأمل وفوائده

    النشر : الأحد 30 تشرين الاول 2022
    اخر قراءة : منذ 23 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 535 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 475 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 411 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 361 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 359 مشاهدات

    الرأسمعرفية: المفهوم والدلالات

    • 336 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1192 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1087 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1078 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 660 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة
    • منذ 22 ساعة
    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية
    • منذ 22 ساعة
    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"
    • منذ 22 ساعة
    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل
    • الأحد 14 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة