• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

استعجالُ الثَمر

مريم حسين العبودي / الثلاثاء 13 كانون الأول 2022 / تطوير / 1906
شارك الموضوع :

يؤخر صاحب الأمر والرحمة أمراً ولا يقدّم آخر إلا لسبب، إنهُ يعلم بدقةٍ بالغة كيف يُرسمُ أقدار خلقه

حدّثتني ابنة أختي قبل أيام وبحال حماسٍ طفوليّ عن موقفٍ حدث معها أثناء سفرتها المدرسية الأخيرة. لم تكن هي ذاتها أن حديثها العفوي هذا قد فتح لي آفاقاً عظيمة، إذ غاصت بي هذه القصة القصيرة إلى بحارٍ من التفكّر والتأمل في حكمته وتقسيماته لأقدار خلقه.

قالت وهي تسردُ قصتها تلك أنها كانت في رحلةٍ مدرسية لمدينة الألعاب، وقد رتبتهم المعلمة في طابور منتظم ليصعدوا اللعبة التالية تِباعاً وبالترتيب، وكانت هي قد حصلت على آخر موقع من الطابور، وبتمردٍ طفوليّ ورغبةٌ جارفة لنيّل الأفضلية، تحايلت قليلاً دون أن تراها المعلمة وذهبت لتقف أمام الطالبة الأولى، لتحتّل بذلك موقع الصدارة ويهنأ بالها.

وللمفاجأة، أتت المعلمة بعد قليل وأخبرتهم أن هذه اللعبة لم تُفتح بعد، وإنهم سيصعدون اللعبة التي خلفهم، وكيلا تحصل فوضى، عكست المعلمة الطابور من النهاية، فأصبحت الطالبة الأخيرة هي الأولى، لتعود ابنة أختي فتكون في الموقع الأخير مجدداً.

اتبعت حديثها بضحكة طفولية ساخرةً من حظها ومن الموقف، ولم تكن تعلم وهي تنهي قصتها أنها فجّرت في ذهني آلاف التساؤلات والأفكار.
نقرأ هنا وهناك اقتباسات مفادها أنه لا يجدرُ بك أن تُقارن الفصل الثالث الذي أنت فيه، بالفصل الحادي عشر الذي يعيشه غيرك، حيثُ أن لكُلٍ مَسلكه الخاص في الحياة، ولا يضيره تقدّم غيره أو تأخره عنه، كلُ شيء سيُنال في وقته وبالترتيب المُقدّر له.
إن جزءاً كبيراً من أزمتنا الوجودية مرهونٌ باستعجالُنا للثَمر، فكُلنا نسارع لزرع البذور، فتنمو كل شجرة بشكلٍ مختلف، بعضنا تخضّر نبتته وتُزهر ثم تُثمر، ثماراً ريّانة مغرية للناظرين، نمواً سريعاً لا تعثّر فيه، فيراها أناسٌ لم تُخضّر نبتتهم بعد، فيتحسّرون كل يوم وهم يرون تربتهم لم ينفلق منها شيء، فيندبون حظهم تارة، ويلومون القدرَ تارةً أخرى. وفي يومٍ عاصف شديدُ المطر، تقتلع الريح تلك الشجرة المثمرة وتسقي الأمطار تلك التربة المقفرة، فينقلبُ الحال وتتبدلُ الأمور، فلا يدري ذو النعمة أين ذهبت نعمته، ولا يدري ذاك الحزين المتجهّم كيف تبدّل حاله في ظرف ليلةٍ واحدة.
قال الله تعالى:  ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ / الأنبياء.
يخبرُ الله تعالى في هذه الآية المباركة عن قصة يونس (عليه السلام)، عندما أُرسِلَ لدعوة قومه إلى الإيمان به وبدعوته، فلم يؤمنوا وبقوا على كفرهم، فتوعدهم بالعذاب فلم يتعظوا، فغضب عليهم وخرج عنهم، وظنَّ أن الله تعالى لن يضيّق عليه، فابتلاه الله تعالى بأن التقمَه الحوت، فنادى حينئذ ربه، معترفًا بخطئه وتقصيره: )أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فاستجاب الله تعالى له ونجاه من كربه الذي هو فيه، وخرج من بطن الحوت.
تبدّل حالُ نبي الله يونس من الرخاء إلى الشدّة، ثم من الشدّة إلى الرخاء بظرف ليالٍ معدودة، حيث أتت الاستجابة الإلهية بعد الضيق بشكلٍ مباشر، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ثم فَاسْتَجَبْنَا لَهُ، فلا يؤخر صاحب الأمر والرحمة أمراً ولا يقدّم آخر إلا لسبب، إنهُ يعلم بدقةٍ بالغة كيف يُرسمُ أقدار خلقه، متى يمنح ومتى يمنع، وكيف يجعلُ الخيرة في كرمه تارة، وفي حجبه تارةً أُخرى.
يقولُ أحمد بن عطاء اللّه السكندريّ: "إنَّما يُؤلِمُكَ المَنْعُ لِعَدَمِ فَهْمِكَ عَنِ اللهِ فيهِ". لا يُمكن فهم حكمة الله في أقداره إلا بالصبر والتسليم، هناك أشياء كنّا نتمنّى وقوعَها في بداية الأمر، ثم كم فرحنا في المستقبل لعدم وقوعها؛ لأن ما قضى الله به كان أفضل ممّا كنا نتمناه. وتبيّن لنا أنّ المنعَ أحيانًا يكون هو عين العطاء، فليس الأفضل هو ما نرغبه أو نتمناه، ولكن الأفضل هو ما أراده الله تعالى؛ وهذا هو السرّ الكامن في روح التسليم، فكم من أمرٍ عسير تيّسر بعد يأس، وكم من بابٍ وُجد له مفتاح بعد كرب، فلله الأمر كُله، هو صاحبُ الخير ونحنُ على أبواب رحمته متربصين.

النجاح
السعادة
الايمان
الشخصية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    يقظة قلب

    تغلّب على الغضب وانسجم مع الحياة

    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    عطش الغرقى ..

    فيض الغدير

    آخر القراءات

    العُنف الأُسـري.. العامل الاول للفراغ العاطفي للأبناء

    النشر : الأثنين 31 تشرين الاول 2016
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    فَقدُ الأَحِبة غُربة.. ولكن!

    النشر : الأربعاء 18 كانون الأول 2019
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    ما هي أهم الإرشادات الخاصة بصيام كبار السن؟

    النشر : الأحد 16 نيسان 2023
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    روح العيد وجوهره

    النشر : الأحد 25 حزيران 2017
    اخر قراءة : منذ 23 ثانية

    في جمال الرحمن ولطفه

    النشر : الأربعاء 26 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 25 ثانية

    المرأة والارث بين الغياب والحضور

    النشر : الثلاثاء 07 آذار 2017
    اخر قراءة : منذ 26 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1064 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1030 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1001 مشاهدات

    الإنسانية أولاً.. والاختلاف لا ينقضها

    • 448 مشاهدات

    خوف من المستقبل: لماذا يطاردنا.. وكيف نواجهه؟

    • 388 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 361 مشاهدات

    قارئة تُشعل شمعة الأمل في ظلام الجهل .. حوار مع القارئة مريم العيساوي

    • 3879 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3446 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1064 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1030 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1001 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 991 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    يقظة قلب
    • منذ 20 ساعة
    تغلّب على الغضب وانسجم مع الحياة
    • منذ 20 ساعة
    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟
    • منذ 20 ساعة
    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان
    • الأحد 15 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة