فيما يتعلق بتنوع أنماط الأسرة في العصر الحاضر، يجب أن نتفق في البداية على تقرير ملاحظتين أساسيتين:
الأولى: أنه لا يوجد مجتمع (ذو حجم معقول) على وجه هذه الأرض يقتصر على نمط واحد فقط من الأسر لا يعرف سواه، فكل مجتمع يعرف في نفس الوقت أكثر من نمط الأسرة.
الثانية: أن كل نمط من أنماط المجتمعات القائمة في عالم اليوم لديه نمط معين سائد من أنماط الأسرة، على حين تعد الأنماط الأخرى الموجودة أنماطاً فرعية أو ثانوية. ولإيضاح أكثر من أنماط الأسرة علينا أن نوضح بعض المفاهيم الخاصة بالأسرة كالآتي:
1 ـ الأسرة النواة Atomistie Family : وأعضاء الأسرة النواة يتسم سلوكهم بالفردية والتحرر الواضح من الضبط الأسري، الأمر الذي تعلو فيه مصلحة الفرد على مصالح الأسرة ككل. والأسرة النواة من مميزاتها صغر حجمها. وتعد الأسرة النواة الوحدة الأساسية للتنظيم الأسري وقد تكون أسرة مستقلة أو جزءاً من أسرة كبيرة ، ويعتبر الزوج الذي له أكثر من زوجة عضواً في أسرتين نوويشين أو أسرة مركبة ، وأحياناً يستخدم مصطلح الأسرة الزواجية Matermal Family بدلاً من مصطلح الأسرة النواة.
٢ ـ الأسرة المرافقة (الرفقة) Companionship Family : ويقوم السلوك بين أعضاء الأسرة على العاطفة والاتفاق المتبادل بين الأعضاء ويرتبط ظهور الأسرة الرفقة في حالة اهتزاز الاقتصاد التقليدي، وما يترتب عن ذلك من اختفاء وظيفة الأسرة أو تقليله من التوجيه الديني والتربوي والترفيهي والذي تقوم به الأسرة التقليدية، وتتلاشى علاقات الجوار والمظاهر التقليدية التي تشكل أحد مصادر الضبط غير الرسمي وخصوصاً في المدينة الحديثة.
3 ـ الأسرة الزواجية Conjugal Family : وهي من نماذج التنظيم الأسري الذي تكون العلاقات الأساسية فيه قائمة على محور العلاقة بين الزوج والزوجة أكثر من قيامها على العلاقات الدموية والوظائف المهمة في هذه الأسرة يقوم بها الزوج والزوجة والأبناء غير المتزوجين وإذا ضمت الأسرة أقارب آخرين فإن أثرهم يكون سطحياً وثانوياً. ولا تشكل هذه الأسرة في هذه الحالة أو تتحول إلى أسرة ممتدة.
4 ـ الأسرة القرابية (الدموية) Consanguine Family : وهي إحدى نماذج التنظيم الأسري الذي ينصب التأكيد الأساسي فيه على روابط الدم بين الآباء والأبناء والبنات، أو بين الأخوة والأخوات أكثر مما ينصب على العلاقة الزوجية بين الزوج والزوجة ومعنى ذلك أن العلاقة القائمة على القرابة الدموية تعلو على علاقة الزوجية وتشكل الأسرة القرابية أو تتحول عادة إلى أسرة ممتدة يعيش في نطاقها جيلان أو ثلاثة.
5 - دورة الأسرة Cycle Family : وهي تتابع الأحداث التي تمر بأسرة معينة منذ قيام الزواج وحتى وفاة الزوجين وما يحدث خلال هذه الفترة، طالت أم قصرت، من ميلاد أو زواج للأبناء والبنات، وكذلك العمليات والمناسبات المختلفة التي تواجهها، وتربية الأطفال وتنشئتهم. هذا إلى جانب الظروف العديدة التي تصاحب من الشيخوخة .
6 ـ أسرة عائلية Domestic Family وهي نمط أسري يتوسط الأسرة النواة وأسرة الوصاية وهي أكثر وحدة وأقل فردية من الأسرة النواة، لأن اهتماماتها تدور حول العلاقة بين الآباء والأبناء حتى بعد الزواج، حيث يستمر الاتصال الوثيق ويأخذ صوراً عديدة من بينها التشاور والزيارات وربما العون المتبادل، وعلى هذا تظل الأسرة العائلية بعيدة عن أن تكون جماعة متكاملة كأسرة الوصاية.
7 - أسرة المساواة Equalitarian Family وهو نموذج من الأسر يقوم على المساواة بين جميع الأعضاء وخاصة الزوج والزوجة ومن المعروف أنه في مثل هذا النموذج يتزايد انتشاره في المجتمعات الحديثة لا يكون لأي من الزوجين سلطة خاصة أو امتياز لا يتمتع به الآخر. ويفضل بعض الدارسين تسمية هذا النموذج « الأسرة الديمقراطية ».
8 ـ أسـرة متسعة Expanded Family وهي أسرة قرابية يعين فيها قريب غير متزوج لأحد الزوجين مثل الأخ أو الأخت أو ابن العم أو ابن الخال.
9 ـ أسرة ممتدة Expanded Family وتتكون من ثلاثة أجيال أو أكثر، ولهذا تضم الأجداد وأبنائهم غير المتزوجين وأبناءهم المتزوجين ( أو بناتهم ) وكذلك أحفادهم ، وتؤلف الأسرة القرابية (التي تنظم في علاقة الدم) عادة أسراً ممتدة، بينما لا تؤلف الأسر الزواجية (القائمة على العلاقة الزوجية) أسراً ممتدة وطبقاً لهذا التعريف فإن الأسرة النواة التي تنتمي إلى جيل واحد لا تعتبر أسراً ممتدة وإن ارتبطت عن طريق الزواج التعددي.
10 - نظام الأسرة Family Institution وهو نظام اجتماعي أساسي، له أهمية في بناء المجتمع وتحقيق متطلبات الوجود الاجتماعي، وهو يشكل نسقاً من المهمات الاجتماعية المرتبطة والمعايير التي تتعلق بتنظيم العلاقات الجنسية وتربية الأولاد وبناء العلاقة القرابية.
11 ـ أسرة أمومية Matriarchal Family تعتبر الأم الرئيس الرسمي والقوة المسيطرة ، وخاصة عند موت الأب الكبير ، وهي من الناحية النظرية أسرة قرابية - تنظيم في حدود قرابة الدم أمومية النسب والإقامة وعادة ما تكون الأم - رب الأسرة امرأة كبيرة في السن لها تقدير كالجدة.
١٢ ـ أسرة محورها الأم Matricentric Family وتكون الأم فيها مركز التأثير الأول ، بينما يميل دور الأب إلى أن يكون سطحيا أو ثانوياً ، أو قد تتولى الأم هذا التأثير عند غياب المهمة والأثر الأبوي عند فقدانه بالموت أو الانفصال التام وقيام الأم برعاية الأبناء.
أنماط الأسرة في البلاد العربية والإسلامية:
رغم ندرة المصادر العربية إلا أنه يمكن تحديد مسار تاريخي للأسرة العربية لا يختلف كثيراً عن المسار العربي إلا من حيث الكم ، فالأسرة الممتدة سواء ، قبيلية أو عشيرية أو متحولة موجودة وسائدة في حقب سابقة الحلول الرأسمالية الغربية في الشرق ثم تظهر الأسرة النواة فجأة بعد القرن الثامن عشر وتدريجياً خلال القرن التاسع عشر إلى أن تتبلور وتأخذ مكانها جنباً إلى جنب مع الأنماط القديمة فيما بعد القرن التاسع عشر .
اضافةتعليق
التعليقات