إن الأمان والطمأنينة انتاج أساسي للأحاسيس الإنسانية، وسواء أكان حسيا أم معنويا، تعطي النظرة المتأملة الواعية معنى الأمان المخبوء في الأشياء مهما كان ضجيجها وقسوتها، وليس هناك وحدة قياس فكل إنسان يراه بشكل مختلف، وهناك منافع في التجارب ولأن الإنسان يريد أن يخوض تجاربه بنفسه، ترتبط قيمة ما يمر به بالغريزة والعاطفة والشعور الإيجابي.
ربما هناك طمأنينة كبيرة تكمن في الحكمة والدرس الذي تعلمته من تجربة أو موقف صعب وقاسي، يعتمد الأمر على تفسير صاحب التجربة واستعداده النفسي بتحويل القبيح إلى جميل والضار إلى نافع.
في واقعنا هناك كمية كبيرة من المُحبطات والضغوط يتعرض لها الجميع وأوقات تكون بشكل يومي، وهي بتزايد مزعج وبشع، والتغييرات التي تطرأ علينا بكل صنوفها وأشكالها تشمل التطور والتقدم في الحياة تكنولوجيا أو الأمراض وأهمها التي غيرت شكل العالم بأكمله كفيروس كورونا وتبعاته، تجعل الإنسان مهما وصل من الخبرة والحنكة والمرونة في التعامل يأتيه شعور أن ما يواجهه يفوق الاحتمال.
إن هذه المشاعر تأتي بنسب متفاوتة وبظروف ودرجات مختلفة فهناك من يستطيع السيطرة وايجاد الحلول ومنهم يبقى داخل الدوامة وتفرمه المشاكل وتعجنه الصعاب حتى يتحول لشخص مختلف متشبع بالسلبية والصفات الهدامة.
نشر أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي سؤالاً في أحد المجموعات الثقافية التي تجمع مجموعة مختلفة من بلدان الوطن العربي، قال فيه: (أشياء إذا ذهبت لن تعود... اخبرني بواحدة)، وما كان واضحا أن الأمان والطمأنينة الناتج من الثقة هي أكثر الأمور إن ذهبت أو انهدمت صعب بناءها، وإن الكثير من الناس قد عانوا ما عانوا بسبب الخيبات والخذلان والخيانة التي اشعرتهم بعدم الأمان.
عبر تاريخ البشرية حار المفكرون والفلاسفة في كيفية تحويل القبيح إلى جميل وطرق الاستفادة من الخذلان والحزن والآلام النفسية التي تصاحبها، وهناك توجيهات ونصائح كثيرة منها:
يقال: (حاذر ولا تخون)، إن الحذر في التعامل وترك مساحة من الخصوصية تعطي للإنسان الأمان فكل منا حياته الخاصة ويجب على الآخر ألا يتدخل فيها، وترك بعض الأسرار دون البوح بها، كما أن المشاعر والأحاسيس اتجاه الأشخاص والمواقف ليس بضرورة الجميع يعرفها لعلها تستخدم يوم ما ضده، فالحب أو كرهك لأشخاص ودرجات هذا الحب والكره أيضا ليس بضرورة الكشف عنها.
ويوصى أيضا، وضع خطوط حمراء للجميع ليحترموا خصوصياتك وأسرارك، اجعل بينك وبين الناس مسافة أمان، مثل مسافة الأمان بين السيارات، وذلك إن لم يعجبك الوضع، رجعت دون اصطدام، ومراعاة مشاعر الآخرين حتى لا يتحولون إلى أعداء دون ان تشعر ويتعمدون أذيتك متى ما سنحت لهم الفرصة.
إذا أردت أن تعرف حقيقة الآخرين، فانظر إلى آرائهم في الأشياء، فالرأي يكشف معدن صاحبه، وإذا أردت أن تمد يد العون لأحدهم لا تنتظر منه معروفاً يتساوى مع ما قدمته له، واجعل ايمانك ويقينك أن الله هو من يرعاك في البلاء وهو خير المعين.
لا تفسد يومك والمستقبل بذكريات الماضي، التأسف على أفعالك ومحاولة الانتقام، كل ما عليك أن تطوي الصفحة وتتأمل ما هو جميل ومفيد في التجربة مهما كانت مؤلمة، ولكن لا تنسَ الدرس واعلم أن الله لا يذيقك وجعا كنت تخففه عن الناس أو دون فائدة وصالح الأمر منه.
اضافةتعليق
التعليقات