تسمى "الشهقة" أو "الشهق" في اللغة: هو النَفس الذي يُحبس جرّاء مصيبة عظمى ومن ثم يَطلقه الإنسان من أعماقه يسمى شهيقًا، والشهيق هو: الأنين الشديد المرتفع جدًا، وأما خروج النفس فيسمى زفيرًا، وقد ورد في القرآن الكريم أن لجهنم شهيقًا وزفيرًا.
كشف الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه، وهو مكتئبٌ فزعٌ حزين لأبي بصير رضوان الله عليه عن حدث غيبي عظيم، وأمرٌ خطير ومهيب بقوله *«إن فاطمة عليها السلام لتبكيه وتشهق»*، معبّرًا فيه عن حال جدته الطاهرة المعصومة فاطمة الزهراء ومحنتها على ابنها سيد الشهداء صلوات الله عليهما، وعلى ما جرى عليه وعلى أهله الكرام في يوم عاشوراء..
*وعبارة "لتبكيه وتشهق" تستحق التأمل والبيان.*
فالمعصوم يَرى ويَسمع ما لا يَراه ويَسمعه عامة الناس، أي إن الزهراء بأبي وأمي لا زالت حتى الساعة هذه، "تبكيه" و"تشهق" و"تتألم" على مصيبته صلوات الله عليهما، بقرينة كلمة «تشهق»، فعل مضارع تفيد في اللغة "الدوام والاستمرار"..
كما أشار إلى هذا المعنى نبي الرحمة وسراج الأمة صلى الله عليه وآله على لسان ابنته العقيلة زينب الكبرى صلوات الله عليها قائلًا .."فَلَا يَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَأَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّا" .
ولهذا لازالت أهل السماوات وأهل الملكوت والأرضين في بكاءٍ وابتهالٍ وتضرعٍ، حتى اليوم الموعود، تضامنًا ومشاركةً مع محنة أم الحسن والحسين التي لا تماثلها أية محنة".. .
ولعظم هذه الفاجعة، وهذه الشهقة التي تطلقها الزهراء صلوات الله عليها من أعماقها في هذا اليوم العظيم، بين الآنية والأخرى، تشير الروايات، إن نار جهنم والبحار يتفطرن من غضبها وحزنها حتى تكاد تفلُت من زمام تبعاتها ومسؤولياتها، كي تصعق كل مَن على الأرض، وتحرق أخضرها ويابسها، غضبًا وانتقامًا من أهلها، لولا رحمة رسول الله صلى الله عليه وتضرع وابتهال خزنة العرش والسماء، لكانت الأرض في خبر كان تموج بأهلها.. آجرنا الله من ناره وغضبه. فمِن يَعرف عظمة الصديقة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ووجاهتها عند الله سبحانه وتعالى، يدرك مليًّا معنى هذه الشهقة المهيبة على الحسين، التي لو أصابنا ذرة من أثرها، لأطبقت السماء على الأرض ولساخت الأرض بأهلها.
ألَا يفزع ويهيب لذلك الأمر كل عاقلٍ فَطين؟! فهلا تهافتنا لنصرة ومواساة الزهراء أم الحسن والحسين في هذا الأمر الجلل العظيم.
فمن يريد أنْ يفوز ويسعد فاطمة أم الحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم في يومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون، فليُكرِمها بنصرة إبنها الحسين وإقامة شعائره في كل يوم، دون ملل ولا كلل، وصدق المولى تعالى *{ لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ..}*.
اضافةتعليق
التعليقات